الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاج بالخلايا يشق طريقه في أميركا وسط جدل الأخلاقيات والمخاطر

العلاج بالخلايا يشق طريقه في أميركا وسط جدل الأخلاقيات والمخاطر
18 أكتوبر 2010 21:11
حقن الأطباء مريضاً مصاباً بشلل جزئي بسبب إصابة في النخاع الشوكي بالملايين من الخلايا الجذعية لأجنة بشرية، ليسجلوا بذلك بداية تجارب اختبار نجاعة وفعالية هذا العلاج الذي يعتبره الكثيرون واعداً وجدلياً على الإنسان. عولج أول مريض أميركي بتصريح رسمي في مركز شيبهورد بمستشفى في أطلانطا متخصص في علاج إصابات الدماغ والنخاع الشوكي. ويعد هذا المستشفى واحداً من سبع جهات تمول وترعى بحوثاً لدراسة مدى سلامة علاج الإنسان بالخلايا الجذعية. وسيجري الأطباء أيضاً اختبارات للنظر في ما إذا كان هذا النوع من العلاجات يجعل المريض يستعيد وظائف خلاياه وأنسجته الجلدية ويحرك أطرافه مجدداً. وقد لقيت هذه الخطوة الفاصلة في هذا الطريق العلاجي الجديد ترحيب العديد من العلماء المتحمسين لنقل البحث من المختبرات إلى العيادات، بالإضافة إلى عدد من المصابين بالأمراض المستعصية ومناصريهم. وعلى الرغم من أن تجارب العلاج بالخلايا في أميركا اقتصرت على الحيوانات، وعلى الرغم من أنه سبق لعيادات في مناطق أخرى من العالم أن استخدمت خلايا جذعية مأخوذة من أجنة بشرية في علاج بعض المرضى، فإن هذه التجربة التي تستهدف تقييم مدى نجاعة هذا الأسلوب العلاجي الجديد بدقة هي الأولى من نوعها التي تحظى بغطاء ودعم حكوميين بعد تأجيل السماح بإجرائها مرات عديدة ومتتالية. تحفظات أخلاقية قوبلت هذه الخطوة بانتقادات المحافظين الذين لم يترددوا في إبداء تحفظاتهم بشأن أخلاقية البحوث والتجارب التي تستخدم خلايا الأجنة البشرية، وهي تحفظات يشاطرهم فيها حتى بعض المناصرين للعلاج بالخلايا. فالبعض يعتبر تجربة العلاج بالخلايا على الإنسان خطوةً متسرعةً وسابقةً لأوانها، وآخرون يتساءلون عن مدى أخلاقيتها، في ما تعبر فئة أخرى عن خشيتها من المخاطر الكارثية لهذه التجارب في حال استُخدمت بصورة خاطئة أو لأغراض غير طبية. ويقول ستيف جولدمان، رئيس قسم علم الأعصاب بجامعة روكستر في نيويورك: “لا يمكنني قول الكثير في ظل غياب معطيات وبيانات سريرية مفصلة”، ويضيف: “شخصياً، يُساورني القلق بشأن سلامة جراحات الزرع غير الخالصة التي تستخدم مشتقات الخلايا الجذعية لأجنة بشرية، خاصةً على المدى البعيد”. غطاء حكومي يقول ديفيد برينتايس، متخصص في علوم الحياة بمجلس البحوث الأُسرية “شركة “جيرون للتكنولوجيا الحيوية” لا يهمها إلا رفع سعر أسهمها في البورصة وتحقيق أرباح مادية من العلاج بالخلايا، وليس خدمة العلم أو مساعدة المرضى على الشفاء. ولن تُحسم مسألة سلامة العلاج بالخلايا وتتأكد فعاليته بالدليل القاطع إلا بعد سنوات من الآن. ولم تثبت إلى الآن نجاعة العلاج بالخلايا البالغة إلا في إصابات النخاع الشوكي”. ويعبر مناصرو بحوث الخلايا الجذعية الخاصة عن ثقتهم بأن السلطات الصحية المعنية لم تعط الضوء الأخضر لإجراء أولى هذه التجارب إلا بعد عمليات كشف وفحص وتمحيص دقيقة. فهيئة الأدوية والأغذية كانت صارمة ومتشددة، وطالبت بإجراء سلسلة من التجارب المخبرية في المختبرات على الحيوانات لتقديم الدليل العلمي الساطع على أن استخدام الخلايا في العلاج سيكون آمناً وواعداً بالنسبة للإنسان. جبهة المتحمسين في تصريح له، قال توماس أوكوراما، الرئيس التنفيذي لشركة جيرون للتكنولوجيا الحيوية: “إن إجراء اختبار سريري هو نقلة نوعية وخطوة كبيرة في طريق العلاج بالخلايا الجذعية للأجنة البشرية. ولا شك في أن هذا الإنجاز هو نتيجة بحوث مكثفة ومتطورة وسلسلة خطوات مبتكرة ومتجددة”. من جهته، قال دونالد بيك ليزلي، المدير الطبي لمركز شيبهورد: “نحن سعداء للغاية بإقدام المرضى على المشاركة معنا في هذا البحث المميز. وسيقوم أفراد كادرنا الطبي بمتابعة حالات هؤلاء المرضى وتقييم التقدم الحاصل لدى كل حالة كجزء من هذا البحث”، وأضاف: “نعتزم المشاركة في أي تجربة سريرية قد تساعد مرضى إصابات النخاع الشوكي”. مخاوف العلماء يخشى بعض العلماء من أن يتضرر المرضى من الخلايا المستخدمة في العلاج، ويقولون إنه في حال تبين على المدى المتوسط أو البعيد عدم سلامة العلاج بالخلايا أو عدم تقديمه علاجاً حقيقياً، فإن وقع ذلك سيكون كارثياً على المرضى، وصفعةً قوية على جبين الباحثين. ويستحضرون حالة جيسي جيلسينجر التي توفيت سنة 1999 بسبب تجربة علاج بالجينات، والتي خلقت أزمة ثقة للرأي العام تجاه الأطباء والباحثين والقائمين على الشأن الصحي بأميركا. وقد أدت المخاوف بشأن المخاطر المحتملة للعلاج بالخلايا -خاصةً المتعلقة منها باحتمال تسبب الخلايا بأورام- إلى إلحاح هيئة الأدوية والأغذية الأميركية على شركة “جيرون” لتزويدها مرات متكررة ومتتالية ببيانات إضافية للتحقق من عدة أمور كان آخرها ضمان أن الكيسات التي تتكون لدى الفئران المحقونة بخلايا لا تشكل خطورة عليها. ضحايا الحوادث سوف تشمل أول تجربة قادمة عشرة مرضى كانوا جميعهم مصابين بشلل جزئي بسبب إصابة في النخاع الشوكي. وقد حقن الجراحون المريض الأول بمليوني خلية جذعية جنينية من نوع “أوليجودندروسايت بروجينيتور” القادرة على توليد خلايا عصبية جديدة، وذلك أملاً في أن تقوم هذه الخلايا بتكوين جلد بديل حول منطقة النخاع الشوكي التالفة. وقد تمكنت مئات الفئران المصابة بشلل جزئي خلال التجارب من المشي مجدداً. غير أن التنبؤ بإصابات النخاع الشوكي يبقى صعباً للغاية. فالمرضى عادةً ما تتحسن حالتهم ويصعب أثناء المتابعة تحديد ما إذا كان للخلايا دور في هذا التحسن. ويتساءل البعض عن مدى قبول ضحايا الحوادث الذين أصيبوا مؤخراً بعاهات مستديمة جراء حوادث طرق أو ما شابهها بالمشاركة في التجارب العلاجية دون إدراكهم التام للمخاطر المحتملة للعلاج بالخلايا. ويتخوف البعض من أن يتسبب العلاج بالخلايا في استفحال حالة المريض بدل شفائه، مثل حدوث شلل كلي لمن كان يعاني شللاً نصفياً. علاج العمى يقول مسؤولو شركة “جيرون” إنهم متأكدون من أن العلاج بالخلايا لن ينطوي على مخاطر، ويقول أوكارما إنه حتى لو حدثت مشكلات ما، فإن البحث يكشف أن استخدام الخلايا في العلاج لا يؤدي إلى إصابة المريض بأعراض جانبية سيئة عليه. لكنه يضيف أن اتخاذ الاحتياطات اللازمة يبقى أمراً ضرورياً، بما في ذلك توكيل محام مستقل يضمن أن يكون جميع المتطوعين للمشاركة في تجارب العلاج بالخلايا على وعي تام بقرار مشاركتهم. وفي الوقت نفسه، يأمل مسؤولون من شركة “أدفانسيد صيل تكنولوجي” بسانتا مونيكا في كاليفورنيا أن تسمح هيئة الأدوية والأغذية بمباشرة حقن ما بين 50,000 إلى 200,000 خلية في أعين 12 مريضاً من المصابين بداء “حثل شتارغارت البُقعي” الذي يشكل أحد أكثر أشكال العمى شيوعاً وليس له علاج حالياً. ويُنتظر من “خلايا الظُهارة المخضبة لبطانة العيون” المستخلصة أيضاً من خلايا جذعية جنينية أن تعمل على تعويض الخلايا التالفة بسبب الفقدان التدريجي للبصر الذي يبدأ عادةً في مرحلة الطفولة. وبينت دراسات على فئران أن الخلايا ساعدت على وقف تدهور القدرة البصرية لبعض الفئران واستعادة بعضها الآخر المصابة بعمى شبه كامل لجزء من بصرها. وتأمل الشركة أن تفلح هذه الطريقة في علاج العديد من الحالات المشابهة، بما فيها حالات العمى والمشكلات البصرية المنتشرة في صفوف المسنين. عن “واشنطن بوست” ترجمة: هشام أحناش
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©