الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمبراطوريات الإعلامية

3 يناير 2012
تتمتع المجموعات الإعلامية التاريخية بوسائل وإمكانيات ضخمة تجعلها قادرة على مقاومة التحول الكلي والسريع نحو الإعلام الرقمي وعلى الاندماج المنهجي مع هذا العصر. وتستند هذه المجموعات – التي يحلو للبعض وصفها بامبراطوريات إعلامية - إلى قوى مساندة، سياسية واقتصادية وربما إيديولوجية. كما تتمتع بجذور «شعبية»: فهي أرست عبر عقود وبعضها لأكثر من قرن عادات من القراءة واستهلاك الأخبار، ونسجت مع أجيال حالية وسابقة علاقات حميمة اتسم بعضها بالوفاء وخاصة لبعض الصحف التي كادت تتحول إلى ما يشبه الأحزاب. قد لا تستمر العلاقات الراسخة مع الجمهور نظرا لتغير الأجيال وبروز العادات الجديدة من قبل الجيل الصاعد والقادم. لكن الخبرة في السوق والسطوة المالية والتقنية قد تجعل هذه المجموعات مؤهلة للتأثير في كل ما يتعلق بالإعلام القديم منه والجديد. فالشبكات التي تستحوذ على عشرات الصحف والتلفزيونات و»الملحقات» المستحدثة التابعة لها في الشبكة الرقمية، لا يمكن أن تختفي بين سنة وأخرى أياً كان سحر فيسبوك وتويتر وغيرهما من ابتكارات الجيل القادم من وسائل الاتصال الاجتماعي والنسخة الثالثة من الإنترنت التفاعلي. الإشكالية الرئيسة التي لم تتضح حتى الآن تتعلق بما إذا كان بمقدور الإعلام الرقمي القيام بجميع الوظائف التي كان يؤديها الإعلام التقليدي قبل ظهور الاتصال الجماهيري التفاعلي الواسع. وما تزال وظائف مثل الإخبار والتوجيه والترفيه والعلاقات العامة في الإعلام الجديد ملتبسة في بعض جوانبها نظرا لما يعتريها من عشوائية أحيانا وينقصها من دقة وتحقق وثبات. أما الوظيفة الأهم - والأخطر - فتتعلق بدور الإعلام كآلة صناعية أيديولوجية الذي أرسته بامتياز الصحف في القرنين الماضيين ثم لحقت به باقي الوسائل التقليدية في القرن الماضي. وفي هذا الشأن، فإن المجموعات الإعلامية الكبرى، التي كان تأثيرها يصب في صميم هذا الدور ولو من زاوية مصلحتها المالية في استمرار النظم الاجتماعية والثقافية المهيمنة، لم تقل كلمتها بعد في مصير ومستقبل الإعلام القديم. ونظرا لاستمرار مواردها وأرباحها الضخمة حتى الآن فإنها لم تفقد بعد زمام المبادرة للتأثير في السوق والعادات مهما بلغت إتاحة النشر المجاني والحر أمام الجمهور العريض، وهو المتغير النوعي الرئيس الناتح عن ثورة الاتصالات الحديثة، وبغض النظر عن فقدان ثقة الجمهور بوسائل الإعلام القديم واتساع نطاق اتهامها- حتى في أعرق النظم الليبرالية والديمقراطية الغربية- بأنها ألعوبة في يد المالكين والمعلنين من الشركات الضخمة ومراكز القرار. ومن أبرز إمكانيات المناورة والمبادرة قدرة هذه المجموعات على التكيف مع التكنولوجيا الجديدة وتسخيرها لتعزيز قدرتها الإعلامية التقليدية ومنافسة أي مجموعات غريمة نشأت «فجأة» في الإعلام الجديد. إن هذه المجموعات لن تتوقف عن سعيها للحفاظ على صحفها ونظام نشرها القديم وربما تعمد إلى تطويره بمساندة رقمية وذكية. وهي لن تتخلى بسهولة عن مصالحها من الصحافة الورقية. وإلى حين تبيان الكلمة الفصل لهذه المجموعات وتكشف استراتيجيتها البعيدة المدى، سيبقى من المبكر جدا التسليم بالتوقعات المتزايدة بأن الصحف الورقية ستختفي في غضون عقد أو عقدين. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©