الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاكتشاف والتشخيص المبكر يخففان وطأة اضطراب «التوحد»

7 أغسطس 2014 21:05
لعل أول مشكلة تواجه المعنيين بتأهيل أطفال التوحد تتمثل في التشخيص المبكر وكيفية التدخل الطبي، وتقديم العلاج المناسب، والتأهيل المبكر، لأن من شأن ذلك أن يسهم في تحقيق نتائج أفضل بكل تأكيد، لأن الطفل يتمتع بقدرة عالية على التعلم واكتساب المهارات في السنوات الخمس الأولى من العمر أفضل من المراحل العمرية اللاحقة. لكن يجدر القول بأن الأبحاث والدراسات العلمية التي أجريت حتى الآن لم تتوصل لنتيجة قاطعة حول الأسباب المباشرة للتوحد، إلا أنها انصبت نحو التأكيد على وجود خلل وظيفي ما في المخ لأسباب جينية وراثية، وحيث تزداد نسبة الإصابة بين التوائم المتطابقة أكثر من التوائم المتشابهة، مما يؤكد عامل الوراثة، فضلا عن خلل في التركيب الكروموسومي لخلايا جسم الطفل، وهناك العوامل البيولوجية أو العضوية العصبية. يعتقد أن هناك علاقة بين التوحد وإصابة الأم ببعض الأمراض الفيروسية، وفي مقدمتها الحصبة الألمانية، أو تعرض الأم لجرعات إشعاعية أثناء فترة الحمل، أو لنقص الأوكسجين الواصل إلى مخ الطفل لأي سبب من الأسباب، أو لتناول الأم بعض العقاقير الطبية، أو لحدوث رشح شامل في الرحم أثناء الحمل، أو التفاف الحبل السري حول مخ الجنين، أو ارتفاع في سكر الدم، أو إصابة مخ الطفل نتيجة «انحشاره» أثناء الولادة، أو إصابة الطفل بالالتهاب السحائي عقب الولادة، أو لإدمان الأم على المخدرات أو العقاقير المخدرة· مشكلات أخرى الدكتورة نجوي عبد المجيد محمد أستاذ الوراثة البشرية، ورئيس قسم بحوث الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة، تقول أنه وُجد أن التوحد يظهر أيضًا هؤلاء الذين يعانون من مشكلات صحية أخرى، لكن الأمر الغالب هو أن يكون لدى الطفل الاستعداد الجيني مع وجود إهمال لدى الأهل للطفل في مرحلة حرجة من مراحل نموه المبكرة. كأن يُترك لفترات طويلة وحده، أو أمام التليفزيون، أو مع مربية تلبي له احتياجاته بشكل تلقائي دون أن يطلب. ومن ثم يحتاج الأهل أن يستشيروا طبيب أمراض التخاطب لمعرفة ما إذا كان طفلهم لديه تأخر في نمو اللغة في حال إذا كان طفلهم قد مر بأي طارئ خلال الحمل أو أثناء الولادة أو بعدها، أو كان الوالدان من الأقارب، خاصة إذا وُجدت في الأسرة اضطرابات تخاطبية، أو أنه لم يتفوه بأيه أصوات كلامية حتى ولو غير مفهومة قبل 9 أشهر، ولم تنمُ عنده المهارات الحركية «الإشارة - التلويح باليد - إمساك الأشياء» في سن 12 شهراً، أو أنه لم ينطق كلمات فردية في سن 12 – 18 شهراً. أو أنه لم ينطق جملة مكونة من كلمتين في سن 24 شهراً. أما بخصوص التوحد بالذات، فعلى الأهل التركيز على أن طفلهم ليس لديه اضطراب سلوكي من اضطرابات المحور الاجتماعي، أوالمحور اللغوي اللفظي أوغير اللفظي، ومحور النشاط الحركي. لكن هذا لا يعنى في ظل عدم توافرها أن الطفل يعانى من التوحد، لأنه لابد وأن تكون هناك تقييمات من جانب متخصصين في مجال الأعصاب، الأطفال، الطب النفسى، التخاطب، التعليم. العامل البيئي أما عن علاقة بين العوامل البيئية وإعاقة التوحد، فتقول عائشة سيف المنصوري، مديرة مركز أبوظبي للتوحد: «لقد أكدت كثير من البحوث على وجود علاقة بين الإعاقة والتلوث البيئي ببعض الكيماويات أو النفايات السامة، وفي مقدمتها الرصاص والزئبق وأول أو كسيد الكربون والمركبات النيتروجينية، ومركبات الكبريت، ولا تزال الجهود البحثية تجرى لإزالة كثير من الغموض حول هذه العلاقة· وتلفت النظر إلى أهمية التشخيص الدقيق والمبكر، لأن ذلك يساعد كثيراً في عملية التدخل العلاجي أو التأهيل، وهو يتم بواسطة فريق علاجي متكامل يضم مختلف التخصصات، من الطب النفسي، والإخصائيين النفسيين والاجتماعيين، وطبيب الأطفال، والعلاج المهني، والتعليمي، وأخصائي التخاطب والنطق، من أجل تقييم شامل ودقيق لكل حالة على حدة· وتؤكد الخبرات والدراسات والأبحاث الميدانية أن للتدخل المبكر أهمية كبيرة في إنجاح البرنامج العلاجي والتأهيلي والتعليمي المناسب. فعلى الأمهات العاملات على وجه التحديد ألا يعتمدن بشكل كامل على المربيات والخادمات، مما يؤخر التعرف على الأعراض، فالخادمة لا يكن همها منصباً إلا في إسكات الطفل، أو نومه، وغالباً عدم اهتمامها ودرجة وعيها لا يساعدانها على التعرف على العرض، بينما الوضع يكون مختلفاً إن أعطت الأم وقتها لطفلها». الفحوص الدورية وتؤكد المنصوري أنه من الأهمية إجراء الفحوص الدورية خلال السنوات الأولى من عمر الطفل ومتابعة تطور النطق، والتحصيل اللغوي للطفل، والسمع، والتطور العقلي والمعرفي والتفاعل والاجتماعي والسلوكي، ومراجعة الطبيب المتخصص عند وجود أي مشكلة. وهذه البرامج يتم فيها الدمج بين الخدمات التي تقدم في المنزل، والتي تقدم في المركز وذلك لتلبية حاجة هؤلاء الأطفال وأسرهم بكل يسر وسهولة. وهذه البرامج تهتم بتدريب أولياء أمور الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على كيفية التعامل مع أطفالهم في سن مبكرة. ولا بد من تدريب وتهيئة الكوادر البشرية المتخصصة في هذا الجانب، وتجهيز هذه المراكز بالتجهيزات الكاملة من كوادر بشرية ومن أجهزة حديثة تخدم هذا الجانب، وتوعية المجتمع بشكل عام وأسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل خاص بمدى أهمية التدخل المبكر لهؤلاء الأطفال، فكل ما كان التحاق الطفل بهذه البرامج مبكراً ولمدة طويلة كل ما زاد الأثر العائد من التدخل المبكر على هذا الطفل. فمشاركة أهل الطفل في برامج التدخل المبكر الخاصة بطفلهم له الأثر الإيجابي الكبير على نجاح هذه البرامج. فقد أدى دعم الوالدين إلى تخفيف وطأة الإعاقة عند طفلهم، فالمشكلات الأسرية وكيفية التعامل مع إعاقة الطفل، والفهم الخاطئ تسبب وضع نفسي سلبي وينعكس بالتأكيد على الطفل وقد تسوء حالته النفسية والصحية. ومن ثم نؤكد التدخل المبكر ومعالجة الإعاقة في أي جانب حتى لا تؤثر على الجوانب الأخرى لنمو الطفل، مثال ذلك كشف ضعف السمع مبكراً ومعالجته بالمعينات السمعية يحول دون تأخر النطق والتحصيل اللغوي والمعرفي، والكشف المبكر لبعض الأمراض، مثل قصور الغدة الدرية ومعالجتها تحول دون حصول إعاقة عقلية عند الطفل». مؤشرات وعلامات هامة هناك علامات أو إشارات مبكرة يمكن للأم أن تلاحظها مبكراً في وليدها مع اكتمال سنته الأولى، حتى تستطيع أن تلمح أي خلل في مراحل نموه، كأن تلاحظ هل يستطيع الطفل أن ينهض ويقف وحده أو يحاول ذلك؟ هل لديه القدرة على أن يخطو بمساعدة أو من دون مساعدة؟ هل يستعمل اصبعه الإبهام والسبابة لمسك الكرات الصغيرة، هل يستجيب للنداء باسمه؟ هل يتبع التعليمات؟ هل يصفق بكلتا يديه؟هل ينطق كلمات بجانب بابا وماما؟ هل يستعمل أعضاء جسمه للتعبير مثل هز الرأس؟ هل يحاول التعرف على بيئته المحيطة به وما تحتويه من أشياء؟ هل يستجيب لكلمة أعطني أو خذ؟هل يستطيع وضع كرات داخل صندوق؟ هل يحب العناق والمداعبة؟ هل يغضب ويبتسم؟ وما إلى ذلك من علامات تدل على تفاعله مع البيئة التي يعيش فيها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©