الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مستطيلات حارة جداً

مستطيلات حارة جداً
22 يوليو 2011 19:54
(1) مستطيل أخضر يلوح على امتداد البصر يقبع في نهايته الزميل المنافس. اللاعبون يحتلون المستطيل، هذا جناح أيمن وذلك أيسر، هذا دفاع وذاك هجوم، هذا معادي (منافس) وذاك صديق، وهو يقف متحفزا طوال الوقت ليحمي مستطيله الخاص من الصواريخ العابرة للأفراد. مستطيله الخاص.. بعرض 7,30 متر وارتفاع 2,37، وهو مسؤول عن حمايته.. انه خط الدفاع الاخير والجدار النهائي الذي على فريق الخصم تجاوزه، ينجح غالبا ويفشل أحيانا. أذا نجح يصف الجمهور للفريق واذا فشل يلعنون (سنسفيل) أبوه وحده. يصنع النصر فينال الفريق التقدير.. يهزم فيلعنه الجميع بمن فيهم اعضاء فريقه. لا يخشى المهاجمين اكثر مما يخشى المدافعين عنه الذين يحجبون عنه مسار الكرة، لكأنه لا يكفي أن يواجه احد عشر لاعبا وجمهورا يشبه وحشا بآلاف العيون وملايين الحناجر. يخاطر بنفسه.. يطير باتجاه الكرة محاولا إلقاء القبض عليها، لكن قوانين الفيزياء لا يمكن تجاوزها، وللجسد قدرات لا يمكن اختيازها. جل ما يخشاه أخطاء اللاعبين الزملاء التي تعرضه الى مواجهة صعبة مع لاعب الخصم وكرة صاروخية من مكان بعيد. مربعه الصغير متناقض الابعاد، يراه اللاعب الخصم بالغ الضيق بفضل تغطية الرجل الطائر المحترفة، اما رجلنا الطائر فيرى ان مستطيله الواقف بالغ الاتساع بفضل براعة الخصم وعدوانية الكرة. انها لعبة، مجرد لعبة!! (2) صافرة، لباس قاتم، شورت، بوط رياضي وحركة سريعة باتجاه عقارب الكرة وأقدام اللاعبين، كرتات حمراء وصفراء.. دفتر ملاحظات، مساعدون على الخطوط، فريقان متنافسان، ومباراة. هو أكثر من يركض وراء الكرة ولا يلمسها لكأنه لاعب فاشل. كل فريق يعتقد بأنه يمالئ ويخدم الفريق الآخر، وكل جمهور يعتقد انه ينتمي للجمهور الآخر. بين النارين يقف القاضي الكروي وبيده الصافرة والكروت الصفراء والحمراء، لا يأبه لشتائم هؤلاء ولا لصراخ أولئك. كل همه السيطرة على المستطيل الأخضر وعلى الفريقين المتحاربين المتنافسين على الفوز. حكام الخطوط يساعدونه، لكن.. هو من يتخذ القرار وهو من يتحمل مسؤوليته وتبعاته. نادرا ما يخطئ، لكن خطأه قاتل، وقد يؤدي بسمعته وبسمعة فريق خسر المباراة عن طريق الخطأ الذي اقترفه. انه بشر في النهاية، والخطأ ممكن، لكنه يسعى ويتمنى تقليص هذه الاخطاء – خصوصا الخطرة منها – وتخفيف حدتها قدر الإمكان. يتلقى اللعنات من الخاسرين ولا يأبه له الرابحون. يكون الحاكم بأمره لساعة ونصف او اكثر قليلا. لكنه بعد ان تنتهي المباراة لا يأبه به أحد، بينما يحتكر اللاعبون الذين كان يتحكم بسكناتهم وحركاتهم قبل دقائق، يحتكرون عدسات الكاميرا، وصفحات الجرائد وأوتوغرافات المعجبين والمعجبات. أنه –طبعا - حكم المباراة!! (3) أما مرعوب دائما، وأخشى أن اتعرض لضربة او طعنة، نادرا ما اخرج من غرفة زوجتي المستطيلة. في الصباح.. صباح هذا اليوم. فتح باب الغرفة ابني الصغير.. نظر الي وصرخ بإثارة لم أعهدها فيه، نادى اخوته فجاؤوا بسرعة، لم تكن أم الاولاد قد قامت من النوم بعد. اقترب اكبر اطفالي من زوجتي وهزها، وهو يقول: ماما ماما.. منين جبتي الأرنب الكبير اللي نايم حدك!! لم افهم شيئا، لكني على سبيل الاحتياط تحسست يدي، كانت ناعمة ومكسوة بالشعر الأبيض، رفعت راسي لأشاهد نفسي في المرآة المقابلة.. لم استطع النهوض كما انهض كل يوم.. لكني حينما رفعت رأسي.. شاهدت أذني ارنب عملاق تطلان من المرآة المقابلة. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©