الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هيلاري في القاهرة: مرسي أم طنطاوي؟

16 يوليو 2012
التقت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية للمرة الأولى يوم السبت الماضي بالرئيس المصري الجديد محمد مرسي، في جهد جديد من جانب إدارة أوباما لتعزيز العلاقات مع مصر، التي تدخل مرحلة من عدم اليقين، يتصارع فيها الرئيس الإسلامي مع مجلس عسكري علماني، حول السيطرة على البلاد. وتمثل محادثات كلينتون مع مرسي تحولاً تاريخياً مقارنةً بتلك الأيام التي كان الدبلوماسيون الأميركيون يزورون فيها الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الذي كان يعتبر شريكاً قوياً في مكافحة الإرهاب، وفي المحافظة على معاهدة السلام بين بلاده وإسرائيل. ومع سقوط مبارك بسبب الانتفاضة الشعبية ضد حكمه العام الماضي، بدأت واشنطن تعيد معايرة نهجها نحو مصر، للتعامل مع رئيس منتخب انتخاباً حراً، ولديه شكوك تجاه المخططات الأميركية في الشرق الأوسط. والواقع أن صراع القوة الآخذ في الاحتدام في مصر يهدد بتقويض ديمقراطيتها الوليدة. والمعضلة التي واجهتها كلينتون كانت شديدة الوضوح: فهي من ناحية أظهرت دعمها لمرسي، لكن كان مقرراً أن تقابل في اليوم التالي المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري ووزير الدفاع الذي رفض الضغوط الرامية لإقناعه بالتخلي عن السلطة. وقالت كلينتون أمام الصحفيين: "لقد جئت للقاهرة لإعادة التأكيد على دعم الولايات المتحدة القوي للشعب المصري وتحوله الديمقراطي". وقالت أيضاً: "نحن نريد أن نكون شريكاً جيداً، كما نريد دعم الديمقراطية التي تحققت بفضل شجاعة وتضحيات الشعب المصري". ورغم أن مصر دولة محورية لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي، فإن هناك قلقاً يزداد حدة في واشنطن بخصوص إمكانية قيام الزعماء المسلمين في مصر وتونس على نحو تدريجي برسم معالم طريق جديد لبلادهم، حتى وهم يسعون للحصول على المساعدات والاستثمارات الأميركية. وكانت النقطة المحورية خلال زيارة كلينتون هي لحظة التقائها بمرسي الحاصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة من الولايات المتحدة الأميركية، والذي خاض انتخابات الرئاسة الأخيرة عن "حزب العدالة والحرية" المنبثق عن جماعة "الإخوان المسلمين" التي كانت جماعة محظورة لعقود تحت حكم مبارك، وكان المسؤولون الأميركيون يرفضون مقابلة أعضائها. وقال مرسي لكلينتون عند مقابلتها: "نحن حريصون جداً على الالتقاء بك، وسعداء بأنك معنا هنا". ومن المعروف أن مصر مثقلة بالعديد من المشكلات الاقتصادية، وأن سياستها الخارجية –لهذا السبب- لن تتغير على الأرجح على نحو دراماتيكي في المدى القصير. ويشار إلى أن القاهرة كانت قد وعدت باحترام معاهدة السلام الموقعة عام 1979 مع إسرائيل، وإن كان مرسي قد أشار ذات مرة في حديث له إلى أن هذه المعاهدة قد يعاد تقييمها فيما بعد. كما يشار أيضاً إلى أن الرئيس الجديد يتعرض لضغط من الإسلاميين المتطرفين في بلاده، لتحسين العلاقات مع الفلسطينيين، واتخاذ خط أكثر تشدداً تجاه إسرائيل. ويقول الخبراء إن المعركة بين مرسي والعسكريين قد وضعت الولايات المتحدة في ورطة تنطوي على قدر كبير من المفارقة. فواشنطن من ناحية تحث مرسي على إتمام التحول الديمقراطي، وعلى أن تعمل نسخته من الإسلام السياسي على احترام الحريات المدنية، في نفس الوقت الذي تقوم فيه بمنح الجيش المصري، الذي عمل على تقليص صلاحيات مرسي، ما يزيد عن 1.3 مليار دولار في صورة مساعدات سنوية. والملفت للانتباه في هذا السياق أن وزيرة الخارجية الأميركية قد أثنت أثناء المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقدته مع نظيرها المصري محمد كامل عمرو، على الجيش لقيامه بـ"تمثيل الشعب المصري" أثناء الثورة على النقيض من الجيش السوري الذي يشن في سبيل بقاء بشار الأسد في السلطة، هجمات يومية على شعبه، ما أدى إلى قتل الآلاف من المدنيين. لكن كلينتون أضافت: "غير أن هناك المزيد من العمل الذي يتعين إنجازه، واعتقد أن الموضوع المتعلق بالبرلمان والدستور يجب أن يحل بين المصريين أنفسهم ومن خلالهم... ومن جانبي أتطلع لمناقشة هذه الأمور مع المشير طنطاوي عندما أقابله غداً، كما أننا سوف نعمل من أجل المساعدة على عودة الجيش للقيام بدور أمني قومي صرف". ويشار إلى أن العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، كانت قد تعقدت أكثر بسبب قضية الـستة عشر أميركياً المتهمين في قضية منظمات المجتمع المدني، والتي مثلت بؤرة توتر في تلك العلاقات، خصوصاً وأن السلطات المصرية أظهرت الأميركيين في تلك القضية، على أنهم جواسيس. وكان محتجون يضمون مسيحيين قد تظاهروا أمام السفارة الأميركية وأمام القصر الرئاسي أمس، ضد تعزيز العلاقة بين واشنطن ومرسي. ومن المعروف أن المسيحيين، على نحو خاص، يخشون من قيام حكومتهم التي يهيمن عليها الإسلاميون، بالحد من الحريات المدنية. ومع ذلك أثنت كلينتون على العلاقات بين بلادها ومصر في المؤتمر الصحفي المشار إليه عندما قالت: "نعتقد أن العلاقات الاستراتيجية التي نتشارك فيها نحن ومصر، تفوق بكثير الخلافات بيننا". جيفري فليشمان القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©