الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحزب الحاكم في ماليزيا... يحمي القيم!

16 يوليو 2012
في البداية كان حظر مهرجان فني للمثليين وكتاب "الجنس الإسلامي". ثم تلا ذلك إلغاء حفل موسيقي للمغنية الأميركية إيريكا بادو بعد أن أظهرتها صورة إعلانية تحمل وشماً على شكل لفظ الجلالة. وبعد ذلك، جاء على قائمة الحظر كتاب للمؤلف البريطاني بيتر مايلي حول الثقافة الجنسية "من أين جئت؟"، ثم في شهر مايو، كتاب "الله والحرية والحب" للناشطة الليبرالية المسلمة إرشاد مانجي، والذي يدعو إلى الإصلاح والمزيد من التسامح في الإسلام. وإذا كان المسؤولون الدينيون في ماليزيا يقولون إن منع تعرض المواطنين لكتب وكتاب وفنانين "مناهضين للقيم الإسلامية"، يعتبر ضرورة أخلاقية، فإن زعماء المعارضة يقدمون وجهة نظر مختلفة، إذ يعتبرون أن الأمر يتعلق إلى حد كبير بالسلطة السياسية. ففي ظل استطلاعات الرأي التي تشير إلى تراجع الدعم الشعبي لرئيس الوزراء نجيب رزاق والحزب الحاكم مؤخراً، لاسيما بين الناخبين الشباب الذين يتقنون استعمال التكنولوجيا الحديثة، سعت الحكومة جاهدة إلى تمتين وتقوية هذا الدعم بين أغلبية الملاي المسلمة في البلاد. وإحدى الطرق التي فعلت بها ذلك، مثلما يقول بعض المحللين، تتمثل في إذكاء الخوف من العلمانية ومن انتشار أديان أخرى غير الإسلام. وفي هذا الإطار، يقول أحمد فاروق، رئيس ومدير مركز أبحاث "جبهة النهضة الإسلامية"، والذي يعتقد أنه ينبغي الاحتفال باختلافات ماليزيا، بدلاً من التنديد بها، يقول: "لهذا ترون محاولات حثيثة لكسب تأييدهم وتعاطفهم من خلال تبني مواقف متشددة دينياً". ثم يضيف: "لكن لا يمكننا أن نتصرف أو نفكر مثل مسلمي القرن السابع، لأننا نعيش في القرن الحادي والعشرين". المنتقدون يقولون إن تكثيف استعمال "القيم الإسلامية" من قبل حزب "المنظمة الوطنية للملاي المتحدين" الحاكم، يمكن أن يكلف البلاد ثمناً باهظاً، بحيث يقسم المجتمع، ويقوض إنجازات ماليزيا الهامة، ويبدد الثقة التي تتمتع بها بين المستثمرين الأجانب. وفي هذا الإطار، يقول أوي كي بنج، نائب مدير "معهد دراسات جنوب شرق سيا"، ومقره سنغافورة، "إن سمعة ماليزيا تتضرر منذ عدة سنوات بسبب هذه المحاولات قصيرة النظر للفوز بالأصوات المحلية"، مضيفاً أن "الأمر لا يتعلق أبداً بما هو فيه مصلحة المجتمع، وإنما بما فيه مصلحة الحزب". غير أن المقربين من الحزب الحاكم، مثل رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد، يردون على ذلك بالقول إن التراخي الأخلاقي والقبضة الضعيفة في عجلة القيادة، يمكن أن يؤديا إلى عنف إثني واضطرابات اجتماعية. وفي هذا الإطار، قال مهاتير لوكالة الأنباء الفرنسية في مقابلة معه في يونيو الماضي: "عندما تقوم بفتح الأشياء، فإنك تصبح ليبرالياً"، مضيفاً القول: "والحال أننا في حاجة إلى حكومة قوية وصارمة". وفي أواخر أبريل الماضي، شارك قرابة 250 ألف شخص في مسيرة احتجاجية عبر شوارع العاصمة كوالالمبور، مطالبين بانتخابات حرة ونزيهة، مما أثار حفيظة الحزب الحاكم. ومن جانبهم، ندد الفقهاء الدينيون في الدولة بالمظاهرات وأصدروا فتوى ضد المسلمين الذين يشاركون في احتجاجات الشارع. والجدير بالذكر هنا أن المسلمين يشكلون 60 في المئة من سكان ماليزيا البالغ عددهم 28 مليون نسمة، بينما يمثل المسيحيون نحو 9 في المئة. وكانت عدد من الكنائس قد تعرضت لهجمات بالقنابل الحارقة في يناير 2010 بعد أن سمحت المحكمة العليا في البلاد للكنيسة الكاثوليكية باستعمال لفظ الجلالة في ترجمات "الكتاب المقدس" إلى اللغة المحلية. كما تعيش في البلاد أيضاً جاليتان صينية وهندية هامتين تشتكيان مما تعتبرانها قوانين تحابي الملاي المسلمين في السياسة والتجارة والتعليم. الكاتبة المقيمة في نيويورك مانجي قالت إنها عرفت أن ثمة متاعب في الأفق عندما تم في آخر لحظة إلغاء محاضرات لها حول كتابها الجديد كانت مقررة في كوالالمبور منتصف شهر مايو لـ"أسباب أمنية"، والتي تعزوها إلى الضغط الحكومي و"مجموعات متطرفة تقدم نفسها أحياناً على أنها من التيار الكبير السائد". وبعد خطوات عاجلة اتُّخذت في آخر لحظة، نجحت مانجي وناشرها في إيجاد مركز مستعد لاستضافتها، متحدياً تعهداً من وزارة الداخلية بمنع ظهورها العام. وبعد بضعة أيام، انتشر فيها خبر التفافها على العراقيل التي وضعت في طريقها، تم حظر الكتاب وحجز نسخ منه، كما تم توقيف ناشرها الماليزي إيزرا زيد لوقت قصير من قبل مسؤولي الشؤون الإسلامية بعد أن هدد بالطعن في قرار الحظر في المحكمة. ويقول زيد: "إن الموضوع هنا أكبر من مجرد حظر الكتاب"، مضيفاً: "إنه يكشف حقيقة أن هذه الأجهزة الدينية تعتقد أنه يمكنها أن تتصرف على نحو غير قانوني باسم الإسلام". ومن جانبها، تؤكد مانجي أنها لم تتفاجأ لكون ماليزيا حظرت كتابها، وإنما للسرعة التي تم بها ذلك، إذ تقول: "إن ماليزيا تكافح من أجل روحها"، مضيفةً: "لكن الحكومات، وباسم النظام والاستقرار، تساوي بين السياسة والدين". وأردفت مانجي تقول: "إن الخبر السار هو أن الكثير من الملاي الشباب لا ينطلي عليهم ذلك... لأنه لا علاقة لذلك بالدين". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©