السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الضرائب.. رافد إضافي لدفع مسيرة النمو ودعم جهود التنمية

الضرائب.. رافد إضافي لدفع مسيرة النمو ودعم جهود التنمية
3 فبراير 2017 15:10
مصطفى عبد العظيم (دبي) انحصر مفهوم الضرائب عبر العصور المختلفة في كونها أداة رئيسية لزيادة الإيرادات المالية للحكومات، لكن مع تطور النظم الاقتصادية والمالية في القرنين التاسع عشر والقرن العشرين، تعدى ذلك إلى استهدافها إدراك أو تحقيق غايات اقتصادية واجتماعية مثل توجيه الاقتصاد القومي باتجاه معين، أو إبعاد الجمهور عن بعض أنواع الاستهلاك الضار بالصحة أو الأخلاق العامة. ووفقاً لهذا الاتجاه فقد اعتبر أن المفهوم الحديث للضريبة يقوم على اعتبارها إحدى المصادر الرئيسة للتمويل، ووسيلة فاعلة تمكن الدولة من التدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتوجيه النشاط الاقتصادي بما يخدم مسيرة النمو ويدعم جهود التنمية. وكانت الضريبة في العصور القديمة والوسطى تدفع عيناً كمقدار معين من المحاصيل الزراعية، أو على شكل عمل يلتزم الأفراد القيام به خلال ساعات محددة كصيانة الطرق أو غيرها، ولا يخفي ما للشكل العيني للضريبة من عيوب، إذ أن الضريبة العينية، تتطلب تكاليف عالية لجبايتها مقارنة بتلك التي تتطلبها الضريبة النقدية، إضافة إلى أن الضريبة العينية تؤثر في مبدأ العدالة في الضريبة، حيث يجب على مكلف أن يقدم نفس الكمية من المحاصيل، دون اعتبار الفرق الجودة بين محصول وآخر، ودون تقدير لتكلفة الإنتاج، التي تختلف من مكلف إلى الآخر، ودون مراعاته الظروف الشخصية لكل مكلف. أما في العصر الحديث فإن الضريبة أصبحت مبلغا من النقود ولا تدفع عيناً إلا في أحوال محددة، مثال نصت بعض التشريعات على جواز استيفاء الضريبة على مجموع التركة عيناً رغبة في تسهيل دفع أنواع معينة من الضرائب. ليس لها مقابل الضريبة على عكس الرسم ليس لها مقابل معين يحصل عليه دافعها من الدولة الفارضة للضريبة، إذ أن الأصل فيها أن تسدد منها تكاليف الخدمات العامة غير القابلة للتجزئة، التي لا يعرف ما يعود على كل فرد منها، ولذلك فان ما يفرض من الضريبة على المكلف لا يراعى فيه ما يناله من نفع، وإنما يتوقف مقدار الضريبة على أساس المقدرة التكليفية وحدها، والدولة هي التي تحدد المقدرة التكليفية، التي تفرض على أساسها الضريبة، ومن ثم فلا توجد هناك علاقة بين مقدار النفع الخاص، الذي يعود على الفرد ومقدار الضريبة المدفوعة، وليس هناك من ضمان للمكلف من إساءة استعمال المال، الذي جبي منه، إلا ما يقدمه نظام الدولة المالي من ضمانات دستورية. الضريبة تدفع بصفة نهائية: يقصد بذلك أنه عندما يتم دفع الضريبة من قبل المكلفين، فإنهم يدفعونها بصورة نهائية، دون أن تلتزم الدولة برد قيمتها لهم فيما بعد، وبهذا الشكل فان الضريبة تختلف عن القرض العام، من حيث إن الدولة تلتزم برد أصل القرض مع فوائده، عند استحقاقها إلى المقرض. الغرض الأساس إن الغرض من فرض الضريبة هو، الحصول على الأموال اللازمة، لتغطية النفقات العامة، إضافة إلى إمكانية استخدام الضريبة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية عامة، أي أنه قد تستخدم الدولة الضريبة إلى جانب غرضها الرئيس، وهو تمويل النفقات العامة، إلى تحقيق أغراض أخرى غير مالية (اقتصادية واجتماعية) كأن تفرض الدولة ضريبة جمركية، بقصد حماية المنتجات المحلية، أو للحد من استيراد بعض السلع، وتفرض ضريبة إنتاج مرتفعة على سلع معينة لتمنع من انتشارها، بسبب مالها من آثار سيئة على الصحة العامة مثلاً وتضع أسعاراً تصاعدية مرتفعة للضرائب على التركات والدخول، بقصد الحد من انتشار الثروات الكبيرة أو للعمل على تقليل التفاوت بين دخول الأفراد، ومن جهة أخرى يساعد الإعفاء من الضريبة مع غيره من الوسائل الأخرى في تشجيع بعض أنواع الأنشطة المجدية من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية. أهداف الضريبة للضريبة هدف تقليدي رئيسي وهو توفير الأموال لتغطية نفقات الدولة وتحقيق أهدافها، لذلك كان لابد من وفره في التحصيل مع الأخذ بعين الاعتبار أن لا يؤثر تحقيق هذا الهدف بشكل سلبي على النشاط الاقتصادي في الدول، فالضريبة شرعت لتحقيق أهداف أخرى مثل توجه القطاعات الاقتصادية للدولة بما يخدم جهود التنمية وضمان استدامة النمو. ويعتقد البعض أن الهدف الوحيد من وراء فرض الضرائب هو الهدف المالي وذلك عن طريق قيام الدولة بتحصيل الضرائب من الممولين لغايات تمويل نفقاته، إلا أن هناك أهدافا أخرى للضريبة يمكن أن تكون مهمة وتنعكس آثارها بشكل إيجابي على المجتمع إذا ما استغل فرضها بشكل فعال. الأهداف الاجتماعية تتلخص الأهداف الاجتماعية للضرائب في إعادة توزيع الثروات والدخول الكبيرة ويتحقق ذلك من خلال زيادة الأعباء الضريبية على أصحاب الدخول المرتفعة وتخفيضها على ذوي الدخول المنخفضة، وذلك بفرض ضرائب تصاعدية فتزداد الضرائب من زيادة الدخول وبالعكس، وبالتالي تقلل الفوارق في الدخول الصافية بين أفراد المجتمع للحد من ظاهرة غير مرغوب فيها. وفي الحد من بعض الممارسات الشرائية غير المرغوب فيها داخل المجتمع مثل السجائر والكحول وغيرها، حيث تعمل الدولة على محاربتها وذلك عن طريق فرض ضرائب ذات معدلات مرتفعة بهدف رفع أسعارها وبالتالي تقليل الطلب عليها، ونلاحظ أن ظاهرة فرض الضرائب المرتفعة العبء على السجائر والمشروبات قد بدأت تعم معظم دول العالم لما لها من تأثيرات سلبية على المجتمع. الأهداف الاقتصادية تلعب الضرائب دوراً كبيراً في تشجيع الاستثمار في مجال معين أو التقليل منه في مجال آخر، فإذا ما رغبت الدولة بتشجيع وزيادة الاستثمار في مجالات معينة قامت بتخفيض معدلات الضرائب على تلك المجالات أو حتى الإعفاء منها، وبالتالي توجيه عملية الاستثمار نحو ذلك القطاع وهذا ينعكس إيجابياً على تحقيق التنمية في المجالات التي تراها الدولة مناسبة، مثل قطاع الزراعة والصناعة وغيرها، والعكس صحيح. كما أن فرض ضرائب للحد من الاستهلاك وتشجيع الادخار خاصة في الدولة النامية وبالتالي توجيه تلك المدخرات إلى الاستثمار يعد أمرا مرغوبا، وعن طريق الضرائب أيضاً يمكن للدولة أن تختار سياسة ضريبية حكيمة تشجع الادخار والاستثمار في المجالات التي تخدم الاقتصاد. فالضرائب أيضاً هي وسيلة لتشجيع النشاط الاقتصادي في كل من حالة التضخم والانكماش، ففي حالة التضخم والتي تنتج عن ارتفاع كبير في مستويات أسعار السلع والخدمات والتي قد يكون من أسبابها توافر السيولة بشكل كبير في أيدي الأفراد، في هذه الحالة تلجأ الدولة إلى زيادة معدل الضريبة المفروضة عليهم بهدف امتصاص جزء من تلك السيولة وبالتالي الحد من ظاهرة التضخم، أما في حالة الانكماش المتمثل في الركود الاقتصاد وانخفاض الطلب على السلع والخدمات فالدولة في هذه الحالة تلجأ إلى خفض معدل الضرائب المفروضة على مواطنيها، وبالتالي يؤدي ذلك إلى زيادة السيولة في المجتمع يرافقه زيادة في الإنفاق وبالتالي تنشيط الحركة الاقتصادية للدول. تمويل النفقات حيث إن تمويل نشاط الدولة هو السبب الرئيسي لفرض الضرائب وهذا الأمر ينطبق على الدول قديماً وحديثاً، فكلما ازداد حجم السكان في الدولة كلما ازدادت الحاجة إلى العديد من المشاريع اللازمة لذلك المجتمع وهذا يقع على عاتق الدولة وهو ما يسمى بالسلع العامة كالدفاع والتعليم والصحة وغيرها من المشاريع، من هنا برز دور الضرائب كإحدى وسائل تمويل هذه النفقات. حماية الإنتاج المحلي حيث يؤدي فرض الرسوم الجمركية على المنتجات المستوردة إلى توفير الحماية والقدرة على المنافسة للإنتاج المحلي مقارنة بالإنتاج المستورد شريطة أن تكون رسوم الإنتاج المفروضة محلياً أقل من رسوم الجمارك المفروضة على السلع المستوردة، هذا الأمر ينطبق على كل المنتجات الزراعية والصناعية، إلا أن هذا الأمر يلقي معارضة قوية من المؤسسات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية والتي تطالب برفع جميع الحواجز الجمركية أمام التبادلات التجارية. إلزامية الضريبة تفرض الضريبة على المكلفين جبراً، أي انه لا توجد مساومة بين الدولة والأفراد عند فرض الضريبة، فالدولة بإرادتها المنفردة تتولى وضع النظام القانوني لكل ضريبة، وتطبقه على كل مكلف بها، وإذا تم تحديد مبلغ الضريبة المستحق على المكلف، وامتنع عن دفعه، فإن السلطة العامة تجبره على ذلك بأساليب التنفيذ الجبري كالحجز على ممتلكاته وبيعها واستيفاء دين الضريبة من ثمنها، وهذا يعني أن عنصر الإجبار الذي تتميز به الضريبة هو إجبار قانوني، وحتى يكتسب عنصر الإجبار مشروعيته القانونية، تنص الدساتير في الدول كافة أن فرض الضريبة وتعديلها وإلغاءها لا يتم إلا بقانون، وليس بناءً على قانون، وتلتزم الدولة مراعاة أحكام هذا القانون، عند فرض الضريبة وتحصيلها. القواعد التي تحكم فرض الضريبة يقصد بالقواعد العامة التي تحكم فرض الضرائب، تلك القواعد والأسس، التي يتعين على المشرع المالي الأخذ بها عند فرض الضريبة، ويمكن اعتبار هذه المجموعة من القواعد بمثابة الدستور العام الضمني، الذي تخضع له قاعدة قانون الضريبة، حيث يخفف من حدتها ويجعلها مقبولة ومستساغة لدى الأفراد، بينما يعتبر الإخلال بها مدعاة للقول بظلم الدول للأفراد، وتعسفها في استعمال حقها، في فرض الضرائب عليهم، وهذه القواعد هي: العدالة، واليقين، والملائمة، والاقتصاد. قاعدة العدالة مضمون هذه القاعدة، هي أن يساهم كل مكلف في نفقات الدولة بالقدر الذي يتناسب والدخل الذي يحصل عليه في ظل حمايتها، وتحقيق هذه العدالة يقوم على أن تكون الضريبة عامة، بحيث تلحق كل الأموال، وكل الأفراد، فلا يعفى من الأموال مال، أو من الأشخاص شخص خاضع لسيادتها من دفع الضريبة. قاعدة اليقين يقصد بهذه القاعدة، هو علم المكلف علماً قاطعاً بالوقت الذي يدفع فيه الضريبة، وكيفية الدفع والمقدار الذي يجب أن يدفعه، بحيث تكون الضريبة واضحة بصورة لا تدع مجالاً لأي غموض أو تعقيد، وذلك بان تكون النصوص واضحة لأثير التباساً أو اجتهاداً بحيث يفهمها عامة الممولين. قاعدة الملائمة تقضي هذه القاعدة بوجوب تنظيم أحكام الضريبة على نحو يتلاءم وظروف المكلفين من ناحية وقت تحصيل الضريبة، وطريقة جبايتها في المواعيد التي تلاءم المكلفين، وبالإجراءات التي تتفق مع طبيعة نشاطهم، وذلك تخفيفاً لوقوعها عليهم، فيطالب المكلف بدفع الضريبة في الوقت الذي يكون قد حقق فيه الثروة، أو الدخل الخاضع لها، فمثلاً تـُجبى الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية بعد تحقيق الربح المستحق عليه الضريبة من واقع الحسابات الختامية. قاعدة الاقتصاد تعني هذه القاعدة، أن يتم تنظيم أحكام الضريبة بحيث تكون نفقات تحصيل الضريبة أقل ما يمكن، فلا تتبدد مبالغ كبيرة من أجل جبايتها، بحيث تجعل القدر المتبقي من الضريبة للخزانة العامة زهيداً، وعليه فإن قاعدة الاقتصاد تعني أن أفضل الضرائب، هي تلك التي تتميز بانخفاض كلفة تحصيلها وارتفاع حصيلتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©