الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معاقون يحلقون بأجنحة الإرادة فوق واحة الإبداع

معاقون يحلقون بأجنحة الإرادة فوق واحة الإبداع
21 فبراير 2009 23:47
يحلقون بإبداعاتهم خارج حدود حياتهم، تعبيراتهم ألوان وموسيقى، اخترقوا جدار الصمت وتحدثوا برسومات وإيحاءات، وأجبروا من هم حولهم على تقدير ما يقومون به، تفتحت عيونهم على الدنيا، وبدأت تدب الحياة في أوصالهم، ومع مرور الزمن يدرك الجميع أنهم ليسوا كالباقين، حرموا نعمة البصر أو السمع أو الكلام، أو يعتري حياتهم خلل ما، لكن ما منحهم إياه الله أقوى بكثير من حاسة واحدة، زرع في قلوبهم البراءة والخير والحب، ومنحهم القوة والصمود على تجاوز كل عقبات الحياة، تلمّسوا الطريق وبحثوا عن الأفضل، وكانوا هنا ليقولوا إن الله منحهم كل القدرات على الإبداع والتميز وفضلهم عن الباقين، بل أكثر أحياناً من آخرين، هم فئة رزقها الله الحس المرهف، وطاقات خفية تقاوم عناد الحياة، منهم من وجد طريقه سالكاً في أحد المراكز التي أخذت بيده ليتألق ويخلق التميز، ويساهم في تجاوز صعوبات حياته، منهم هؤلاء الذين قصدوا مركز راشد للمعاقين وكان لهم التألق· كوكب فتاة موهوبة عمرها 18 سنة التحقت بمركز راشد للمعاقين، خلقت بحواس ناقصة، وهما حاستا السمع والنطق، تنتمي لأسرة غير ميسورة درست لغاية الصف الخامس، ولظروف مادية حالت بينها وبين استكمال دراستها، ولحسن حظها وبعد سنوات من جلوسها في البيت التحقت بمركز راشد للمعاقين، وكانت بداية حياة جديدة بالنسبة لها كلها تألق وتميز، وتقول معلمتها أمل البدوي: '' بدأنا معها التدريب المهني لأنها جاءت للمركز بعد تجاوزها السن القانوني للدراسة، حيث كانت تتجاوز 18 سنة، بدأنا بتدريبها على جميع الأعمال اليدوية، وكنا بذلك نحاول أن نكتشف ميولها، وهكذا تدربت على ماكينة الخياطة، ثم على أعمال يدوية مختلفة كالتطريز، واستطاعت حياكة مجموعة جميلة من الملبوسات، كملابس الصلاة وشراشف الطاولات والمفارش، وانتجت صواني مطرزة، وأغطية للمصاحف، وعملت أشكالا مختلفة من الإكسسوارات التي تستعمل داخل المنزل وداخل المطبخ لحفظ وتغطية الأدوات الكهربائية الموجودة داخله، وكذا حمالات الحقائب والشنط اليدوية، وتتميز أفكارها بالخلق والإبداع، كماتميزت بإنجاز أطقم كاملة من الإكسسوارات، وأبدعت في إنجاز ملابس مطعمة بالخرز، ونتيجة لقدراتها المتميزة وما لمسناه من موهبة لديها في الرسم، حولناها إلى قسم متخصص في الرسم، وقامت بإنجازات على الزجاج، والرسم على الفخار، وبذلك صار إنتاجها مبهرا وغزيرا، فاكتشفنا ميلها لهذا المجال بشكل غير عادي ينم عن موهبة دفينة وكانت تنتظر فقط الفرصة، حاولنا الاستفادة من قدراتها وموهبتها الكبيرة في ذلك على الخصوص، وكذلك حاولنا مساعدتها على صقل مواهبها فخصصنا لها أوقاتا إضافية داخل المرسم''· تحلم بأشهر المعارض وتضيف أمل البدوي متحدثة عن المبدعة كوكب: ''نقدم لها صوراً لشخصيات فتقوم برسمها بدقة، بل ببراعة وجمال، حتى لا يكاد المرء التفريق بين الصور الأصلية والمرسومة، رسمت صوراً لشيوخ البلاد وللأميرة هيا ولمناظر طبيعية، نتيجة لكل ما أبرزته من مواهب وقدرات خارقة على الإبداع، قمنا بتحويلها من طالبة إلى مساعدة في المرسم بالمركز لتقدم مساعدات للأطفال على تعلم الرسم ومحاكاة عوالمه، وكذلك صارت مساعدة في القسم المهني، وقد بينت كذلك عن مؤهلات جيدة في هذا القسم حيث نقوم بتجهيز أصناف من الأطعمة وذلك خلال يوم واحد في الأسبوع ونقوم ببيعها داخل المركز وريعها يعود للمركز، وكذلك متميزة في هذا المجال، كما نقوم بتدريبها على الأعمال المنزلية وأظهرت تميزا وتألقا في هذا الباب، وساهمت في معرض لعروض الأزياء، برسم خطوط وتفاصيل العباءات بمساعدة مصمم الأزياء، ونتيجة لجهودها وجدّيتها فقد تم صرف مبلغ رسمي لها مقداره 1000 درهم شهرياً، وذلك تشجيعا لها واعترافا بقدراتها''· وعن تمنياتها تقول أمل البدوي: ؟ رغبتها التي ترددها دائماً، وأحلامها في الحياة تختزلها في الزواج من شخص من نفس الفئة، وأملها أن تصبح ربة بيت مميزة، وأملها أن تمتلك مرسماً داخل بيتها، تستطيع من خلاله أن تحلق خارج أسوار بيتها، وتقول مالا تستطيع النطق به، كما تحلم بغزو لوحاتها أشهر أروقة العالم، وأن تعرضها بأشهر الصالات، هذه بعض أحلامها الكبيرة، أما أحلامها الآنية أن تجد من يذلل المصاعب أمامها ويقودها بحرفية لعالم الرسم والفنون التشكيلية ويضعها على المسار الصحيح، وهي بحاجة لدعم من المختصين''· تقول المدرسة عناية فاروق عن هيا منير السلاق:'' فتاة عمرها لا يتجاوز 14 سنة التحقت بمركز راشد للمعاقين قبل ثلاث سنوات، وكانت سابقا بمركز بالأردن، ليست لها خلفية تعليمية، وهي تعاني من '' متلازمة داون'' ،جاءت للمركز وكان ينقصها الكثير من المهارات، ولم يكن لديها أي مهارات اجتماعية ولا كيفية التعامل مع الناس والتواصل مع من حولها، وتعاني من الانطواء والخجل، وبعد أن ولجت المركز، أدخلناها في قسم التأهيل ما قبل المهني، لتتعلم المهارات الحياتية والعناية الذاتية والأشغال اليدوية، نحاول بذلك تقريبها من الحياة، ونحن نقوم بذلك نلاحظ المهارات التي تتقنها والأشياء التي تتفاعل معها وتؤثر فيها ونحاول استخدام ما تبقى عندها من مؤهلات لاستغلالها بالحياة، وهذا هو هدف قسم ما قبل التأهيل المهني وهو مساعدة الطفل على الاعتماد على نفسه بدل الاعتماد على الآخرين، وذلك من خلال استغلال القدرات المتبقية لديه، وبذلك صارت لها القدرة على ابتكار أشياء جميلة من الأشغال اليدوية مثل العقود والأساور ولديها القدرة على القيام بالأعمال المنزلية بشكل فردي، وعمل وجبات خفيفة ولها القدرة على الاعتناء بنفسها، كما صارت لها القدرة على التواصل بشكل جيد وإقامة حوار مع الآخرين، وما يلفت الانتباه لها هو حسن الاستماع، ولها أذن موسيقية وحس مرهف، وتتوافر على موهبة كبيرة جدا في الجانبين الفني والموسيقي، وذلك ما أبانت عنه خلال التدريبات الموسيقية، ومن خلال تواجدها في قسم الموسيقى، وتتعاطى مع الآخرين بجاذبية كبيرة جدا، قدرتها على التقليد، وعلى التمثيل عالية متفوقة وسريعة الاستيعاب، ومن أمنياتها أن تصبح معلمة، حازت على جوائز تشجيعية من خلال مشاركتها بالحفلات التي يقيمها المركز· ليست عجزاً أما مدرستها عناية فاروق فتقول إن شعارها بالحياة من خلال المدة التي اشتغلت بها بالمركز، ومن خلال احتكاكها مع هذه الفئة من الناس: '' الإعاقة قدرة وليست عجزاً، وذلك عندما يكون الإنسان لديه قوة الإرادة، والإعاقة الحقيقية هي إنسان بلا إرادة''· التحق بالمركز منذ سنتين، يعاني من ''متلازمة داون''، يعتبر من الطلبة المتميزين، كان سابقا بمركز دبي للفئات الخاصة والتحق بمركز راشد للمعاقين متميز جدا في جميع المجالات ويؤكد أنه لا ينقصه شيء، قال عنه أستاذه رضى قطب : '' التحق عادل عبد القادر بالمركز عندما كان عمره 16 سنة، يتميز بذكاء خارق، تم تسجيله في قسم التأهيل المهني، وكونه يتميز بالذكاء الحاد وبسرعة البديهة، بدأ يحقق نتائج باهرة في جميع الميادين وخاصة ميدان الأعمال اليدوية والأعمال على الخشب واستعمال الأدوات الكهربائية، ويعتمد في ذلك على نفسه 100% ،100 كما أنه يتميز في مجال التمثيل والمسرح ولا يندرج في ميدان إلا والتميز والتألق هو الذي يبصم نتائجه، لكننا ومن خلال كل هذه الأنشطة التي يقوم بها لاحظنا تميزه الكبير في مجال الرياضة كالسباحة والقفز والغطس والمشي والجرى على الأدوات الكهربائية، والقيام بالأعمال اليدوية كالأعمال على الخشب· معاقون خلّدهم الزمان عظماء صنعوا التاريخ وقالوا كلمتهم، بل صنعوا المعجزات ومازالت أعمالهم خالدة في ذاكرة الزمان: ؟ بيتهوفن، مؤلف موسيقي ألماني عبقري الموسيقى في جميع العصور، أبدع أعمالا موسيقية خالدة، وله الفضل في تطوير الموسيقى الكلاسيكية، وقدم أول عمل وعمره 8 سنوات فقَدَ سمعه في الثلاثينات من عمره، إلا أن ذلك لم يؤثر على إنتاجه الذي ازداد في فترة المرض· ؟ طه حسين ضاع بصره في السادسة من عمره بعد إصابته بالرمد، حفظ القرآن الكريم، درس الحضارة المصرية القديمة والإسلامية، كما درس الجغرافيا والتاريخ والفلك والفلسفة والأدب وعكف على إنجاز رسالة الدكتوراه، وحصل على دكتوراه في علم الاجتماع، عين أستاذا لتاريخ الأدب العربي ثم عميد كلية، وهو صاحب السيرة الذاتية ''الأيام'' التي تنطوي على معنى الأمثولة الذاتية التي تتحول إلى مثال حي لقدرة الإنسان على صنع المعجزة· ؟ هيلين كيلر، أديبة ومحاضرة وناشطة أميركية استطاعت أن تتغلب على إعاقتها، وهي إحدى رموز الإرادة الإنسانية، كانت فاقدة السمع والبصر واستطاعت أن تتغلب على إعاقتها حيث قاومت تلك الظروف بمثابة المعجزة في عصرها، وقبل أن تبلغ من عمرها 3 سنوات أصيبت بمرض أفقدها السمع والبصر، وبالتالي عجزت عن الكلام لانعدام السمع، تعلمت وتخرجت في الجامعة وعزمت على تكريس كل جهودها للعمل من أجل المكفوفين، وشاركت في التعليم وكتابة الكتب، درست اللغات وحصلت على شهادة الدكتوراه في الفلسفة وألّفت كتابين، منهما كتاب ''أضواء في الظلام''
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©