الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

?الإسلام ?دين ?التسامح

?الإسلام ?دين ?التسامح
17 نوفمبر 2017 01:45
تمر بنا في هذه الأيام ذكرى اليوم الدولي للتسامح، والتي تأتي في السادس عشر من شهر نوفمبر في كل عام، ونحن في هذه المناسبة نبين وجهة نظر الإسلام كي يكون المسلم على بينة من أمرِ دينه. ومن المعلوم أن الرسالة السماوية التي نزلت على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – في بطحاء مكة، قد انتشرت انتشاراً سريعاً في أرجاء المعمورة خلال فترة وجيزة بفضل الله وعونه، فديننا الإسلامي انتشر بالأخلاق، بالقدوة الصالحة، بالحكمة والموعظة الحسنة، هذا ما تحلَّى به المسلمون عبر التاريخ يوم طافوا البلاد فنشروا دينهم بالأخلاق الكريمة والصفات الطيبة، ودخل الناس في دين الله أفواجاً. إن ديننا الإسلامي الحنيف قام على التسامح والتراحم، فقد زرع في نفوس المؤمنين المعاني الإنسانية والأخلاقية السامية، ورسمَ لهم منهجاً يقوم على التراحم والتعاطف والتسامح والترفع عن الأحقاد، وقامت حضارة الإسلام على الإخاء الإنساني والتفاعل مع الحضارات الإنسانية الأخرى. وعندما نتصفح كتب التاريخ فإننا نجد صفحات مشرقة عن التسامح الإسلامي، وعن الأسلوب الطيِّب الذي اتبعه المسلمون في احترام الآخرين والعفو عنهم، ونحن هنا نذكر بعض النماذج التي تُوضح ذلك: أسرى بدر لقد حفل الإسلام بالدعوة إلى التسامح قولاً وعملاً، فقد عامل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أسرى بدر معاملة حسنة، ووزعهم على أصحابه وأمرهم أن ُيحسنوا إليهم، فكانوا يفضلونهم على أنفسهم، وامتثل الصحابة – رضي الله عنهم أجمعين - لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - فكانوا يُحسنون إلى أسراهم، فيقول أبو عزيز بن عمير وكان في أسرى بدر: ( كُنْتُ مَعَ رَهْطٍ مِنَ الأَنْصَارِ حِينَ قَفَلُوا، فَكَانُوا إِذَا قَدَّمُوا طَعَامًا خَصُّونِي بِالْخُبْزِ وَأَكَلُوا التَّمْرَ؛ لِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهُمْ بنَا، مَا يَقَعُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ كِسْرَةٌ إلاَّ نَفَحَنِي بهَا، قَالَ : فَأَسْتَحِي فَأَرُدُّهَا عَلَى أَحَدِهِمَا، فَيَرُدُّهَا عَلَيَّ مَا يَمَسُّهَا) (البداية والنهاية لابن كثير 3/‏‏‏307). ثم استشار النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحابه في شأنهم، فأُشير عليه بقتلهم وَأُشير عليه بفدائهم، فوافق على الفداء، وجعل فداء الذين يكتبون أن يُعَلِّم كل منهم عشرة من صبيان المدينة الكتابة. خير معلم وأخرج الإمام مسلم في صحيحه في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، عَنْ مُعَاوِيَةَ ?بْنِ ?الْحَكَمِ ?السُّلَمِيِّ، ?قَالَ ?:(?بَيْنَما ?أَنَا ?أُصَلِّي ?مَعَ ?رَسُولِ ?اللَّهِ ?-صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ-، ?إِذْ ?عَطَسَ ?رَجُلٌ ?مِنَ ?الْقَوْمِ، ?فَقُلْتُ : ?يَرْحَمُكَ ?اللَّهُ، ?فَرَمَانِي ?الْقَوْمُ ?بأَبْصَارِهِمْ، ?فَقُلْتُ : ?وَاثُكْلَ ?أُمِّيَاهْ ?، ?مَا ?شَأْنُكُمْ ?تَنْظُرُونَ ?إِلَيَّ ?؟ ?فَجَعَلُوا ?يَضْرِبُونَ ?بأَيْدِيهِمْ ?عَلَى ?أَفْخَاذِهِمْ، ?فَلَمَّا ?رَأَيْتُهُمْ ?يُصَمِّتُونَنِي، ??سَكَتُّ، ?فَلَمَّا ?صَلَّى ?رَسُولُ ?اللَّهِ ?-صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ-، ?فَبأَبي ?هُوَ ?وَأُمِّي، ?مَا ?رَأَيْتُ ?مُعَلِّمًا ?قَبْلَهُ ?وَلا ?بَعْدَهُ ?أَحْسَنَ ?تَعْلِيمًا ?مِنْهُ، ?فَوَاللَّهِ ?مَا ?كَهَرَنِي ?وَلا ?ضَرَبَنِي ?وَلا ?شَتَمَنِي، ?قَالَ : ?إِنَّ ?هَذِهِ ?الصَّلاةَ?، ?لا ?يَصْلُحُ ?فِيهَا ?شَيْءٌ ?مِنْ ?كَلامِ ?النَّاسِ، ?إِنَّمَا ?هُوَ ?التَّسْبيحُ ?وَالتَّكْبيرُ ?وَقِرَاءَةُ ?الْقُرْآنِ? ) (أخرجه مسلم)?. إن المتتبع لأفعال النبي – صلى الله عليه وسلم – وهدايته لقومه، وتعليمه لصحابته في مناسبات مختلفة يعتقد تمام الاعتقاد أن الإسلام يُسْرٌ لا عُسْر، لذلك يجب على الداعية أن يكون متسامحاً مع الآخرين، بعيداً عن تنفير الناس، وأن يكون عالماً بأسلوب الدعوة والتوجيه خصوصاً مع من يجهلون الأحكام الشرعية، فقد نصح النبي – صلى الله عليه وسلم – معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري – رضي الله عنهما – حين أرسلهما إلى اليمن، قائلاً: ( يَسِّرَا وَلا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلا تُنَفِّرَا)، (أخرجه مسلم). نموذج للتسامح وعندما نتصفح كتب التاريخ، فإنّنا نجد صفحات مشرقة من التسامح الإسلامي مع أهل الديانات الأخرى، وقد تجلَّى ذلك في أبهى صوره في العهدة العمرية التي وَقَّعها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- مع بطريرك الروم صفرونيوس في السنة الخامسة عشرة للهجرة، والتي تُمَثّل لوحة فنية في التسامح، ومن المعلوم أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه – قد تسلم مفاتيح المدينة المقدسة من البطريرك، وقد حان وقت الصلاة وهو في كنيسة القيامة، فطلب البطريرك من عمر – رضي الله عنه- أن يُصَلِّي بها، فاعتذر عمر قائلاً: إنه يخشى أن يُصَلِّي بالكنيسة فيدعي المسلمون فيما بعد أحقيّتهم في هذا المكان، فيأخذوها من النصارى، ولا شك أن تلك سماحة تتخطى الحاضر إلى المستقبل وتعتمد على بصيرة بعيدة، حيث يريد عمر – رضي الله عنه - ممن يجيئون بعده أن يكونوا سمحاء مثله. إن العهدة العمرية تدل على الأخلاق الإسلامية السمحة، وعلى عدالة الإسلام التي التزم بها القادة المسلمون على مرّ العصور، وعلى التسامح الإسلامي الذي ينبع من موقف القوة لا موقف الضعف. بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©