الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من فنون اللعب

من فنون اللعب
8 أغسطس 2014 20:00
في كتاب الساخر الجميل أحمد رجب «صور مقلوبة»، تجد صورة إداري كروي. . وهو يقوم بتشكيل المنتخب الدولي المصري، فيكون ضمن اللاعبين «العضاض». بعد هذا يواجه المنتخب عمالقة الكرة الإيطالية مثل مورتادللا وتلبيانكو وسباجيتي. . حارس مرمانا يصاب برعب شديد عندما يعرف أنه سيواجه هذه الأسماء المرعبة، مما يستدعي وجود طبيب نفسي ليعيد ثقته بنفسه، ويقوم الطبيب بطبخ قطعة من لحم «التلبيانكو» ثم يلتهمها أمام حارس المرمى ويقنعه بتذوقها، ويقول له إن تلبيانكو المهاجم الخطير يمكن التهامه كقطعة اللحم هذه. يجرب المدرب فعالية هذه الطريقة ويرسل عدة مهاجمين ينفردون بحارس المرمى، وكل واحد منهم يصيح من بين أسنانه: ـ«أنا تلبيانكو!. . أنا تلبيانكو!» النتيجة أن حارس المرمى الأبله يخرج من المرمى ليعض كل واحد منهم، باعتباره قطعة من لحم التلبيانكو. هكذا تنبأ أحمد رجب بما سيحدث بعد نشر الكتاب بنحو أربعين عاما. لا شك أن العض من الأساليب الفعالة في الدفاع عن النفس. عضة البشر خاصة خطرة فعلاً، وتنقل أنواعا غريبة من البكتريا لا تنقلها عضة الكلب والقط. لكنها المرة الأولى التي يصير فيها العض طريقة من طرق لعب كرة القدم. في كأس العالم 2014 رأينا ظاهرة جديدة هي قيام نجم منتخب أوروجواي «سواريز» بعض مدافع إيطالي بشراسة في كتفه. هكذا صار حراس المرمى يخافون مهارته وهجماته الشرسة، وفي الوقت ذاته يخافون عضاته القوية. هنا عرفنا أن هذه العضة لم تكن الأولى في تاريخ اللاعب، فهو في عام 2010 قد عض لاعبا من فريق أيندهوفن. . هذا اللاعب هو المغربي عثمان بقال. عوقب سواريز بالوقف لتسع مباريات دولية، ويمكن بلا مبالغة أن نعتبر هذه العضة قد كلفته خروج بلاده من كأس العالم. الآن يجب تحليل هذا السلوك الفريد في الهجوم. لماذا يعض اللاعب لاعبًا منافسًا؟. وكيف تخيل أنه سينجو بفعلته بينما الملعب مراقب بـ 35651 كاميرا؟. . من الصعب اليوم أن تتمخط في منديلك من دون أن ترى اللقطة في ألف موقع على الانترنت وعلى يوتيوب. لا شك في أنه عصبي وهذه العصبية أنسته واجب الحذر. نحن رأينا الضرب في الملعب كثيراً جدا، ومنه الضربة التي وجهها زيدان لخصمه الإيطالي الذي شتم أخته، ورأينا لاعب الكاميرون الذي يوجه كوعًا عنيفًا لخصمه عندما أدار ظهره. . الضرب وسيلة معروفة ومحترمة في اللعب، لكن ماذا عن العض؟ الاحتمالات هي: - أنه تدرب على طريقة تلبيانكو السابقة. . أي أن المدرب علمه أن خصومه قابلون للالتهام. - أنه مصاب بالسعار. - أنه لم يأكل اللحم منذ أشهر. . لا أعرف الحالة الاقتصادية في أوروجواي لكن لا أعتقد أنها بهذه الصعوبة. ربما كان يعاني ضائقة مالية معينة، دعك من أن كتف الإيطالي لم يكن مغريا بالالتهام. - أنه مذؤوب أو زومبي ممن تراهم في أفلام الرعب، وهذا معناه أن الإيطالي سوف يبدأ في العواء بعد أيام. . وربما يمشي مترنحًا في الشوارع يبحث عن ضحيته التالية. - أنه معجب بآكل البشر هانيبال لكتر أشهر عضاض في تاريخ السينما. ولهذا أتوقع أن يسمحوا لسواريز بمواصلة اللعب مستقبلاً، بعد وضع قفص حديدي حول رأسه، أو كمامة عض كالتي تضعها الدببة. - أنه فعل ذلك ليتيح لي كتابة هذا المقال القصير، وهو شيء أشكره عليه. لا أنكر أن الاستفزاز قد يبلغ درجات غير مسبوقة تدفعك للجنون، وقد لعبت كرة القدم عدة مرات في حياتي فتمنيت لو عضضت كل من ضايقوني في الملعب. لكنها طريقة غير حضارية. . الطريقة الحضارية في رأيي هي أن يسمحوا لك بحمل مسدس، وأن تكون لديك فرصة إطلاق رصاصة واحدة في المباراة كلها على أكثر لاعب يثير غيظك. لا أرى ما يمنع من حمل قاذف لهب كذلك. قالوا إن كرة القدم لعبة سادة يلعبها البلطجية، لهذا أرى أنه لا داعي للنفاق. . لابد من أن يسمحوا بالضرب على الأقل، وانا أضمن لهم أن تصير المباريات مثيرة لا تقل في إثارتها عن أي سيرك روماني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©