الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ناجي خميس: إهمال الطاقات الشبابية يمثل خطورة على مستقبل الدراما

ناجي خميس: إهمال الطاقات الشبابية يمثل خطورة على مستقبل الدراما
3 يناير 2012
أطل منذ تسعينيات القرن الماضي على جمهوره من خلال منصات مختلفة، وإن بدت على شيء من التقارب: خشبة المسرح، شاشة التلفزيون، وأثير الإذاعة كذلك، يتحدث الممثل الإماراتي ناجي خميس عن اختلاف مسار الإبداع بين الأمس واليوم، أول ما يلفته في سياق المقارنة بين بداياته وبين ما آلت إليه الأمور في الوقت الراهن، هو تلك البساطة التي كانت تسير على نسجها أمور الممثل سابقاً مقابل كم كبير من التعقيدات التي تهيمن حالياً على مثيلتها محذراً في الوقت نفسه من اهمال الطاقات الشبابية. ثمة مستجدات، لا تبدو لمصلحة الممثل الإماراتي، فرضت نفسها في سياق العمل الدرامي تحديداً، يحددها محدثنا أساساً بتحييد الممثل المواطن لمصلحة الاستعانة المحلية بممثلين عرب، هو يفعل ذلك دون أن يستبطن أي موقف سلبي حيال الآخرين، ليست المشكلة، برأيه، في الشراكة بين الممثل الإماراتي وقرينه العربي، هو يؤمن بها، بل ويدافع عنها، لكنها في إقصاء العنصر المحلي استناداً إلى رغبات المحبين: “الإنتاج الإماراتي ينطلق من كوننا أبناء دار واحدة، وبالتالي فلا حاجة لإبداء الحفاوة بنا، تماماً مثل الشقيق الذي يتخلى عن بعض واجباته تجاه شقيقه، إرضاء لابن عمه، أو لجاره، هو يفعل ذلك ليس عن بغض بأخيه، بل عن ثقة بكون المحبة التي تجمعهما تكفي للغفران”.. ثلاثية الإبداع يتذكر ناجي بداياته الفنية بشغف ممزوج بالاعتزاز: “سيف نشوان”، ثلاثية خط النار”، و”قوم يا نايم” في التلفزيون، إضافة إلى مجموعة من المسرحيات، وبجانبها كم من الأعمال الإذاعية، يصعب عليه التمييز بين الأقانيم الثلاثة التي عبر من خلالها عن مكامن إبداعية تزخر بها الذات، لكن القراءة بين سطور الكلام تتيح الاستنتاج أن للمسرح مكانة أثيرة لديه، فهو سيد الفنون، وعلى خشبته تكون الفرصة قائمة للتفاعل المباشر مع الجمهور، حيث بالإمكان رصد أفعاله مباشرة، وهنا أيضاً من المتاح تزخيم النص المحفوظ بتداعيات مرتجلة تستوحي الموقف، التمكن من العمل المسرحي، كما يوضح ناجي الخميس، يمنح الممثل فرصة للسيطرة على أدائه التلفزيوني، حيث يصبح التمثيل عملاً سهلاً، فالفرصة متاحة هنا للإعادة وتصحيح الخطأ، أما الإذاعة فمسألة أخرى، وهي بعكس ما يظن المتلقي أصعب من سواها، إذ يتعين على الممثل أن يكون مرئياً ومحسوساً من قبل المستمعين اعتماداً على صوته وحده، وتلك مهمة لا يجوز الاستهانة بها، إذ ليس من حركات جسدية تساعد على الإقناع، وليس من ملامح تتبدل تبعاً للحاجة.. فقط الصوت المطلوب منه أن ينهض بكل هذه الأعباء، وأن ينجح في جذب المتلقي، وأن يصوغ نبرته وتعابيره بما يخدم الفكرة، إذن فالعمل ليس سهلاً، كما يتبادر للذهن، بل هو أشد تعقيداً من مثيله التلفزيوني، كما أنه على قدر من الخطورة، ذلك أن من شأن أي هفوة، أو خروج عن الإحساس المتفاعل مع النص أن يدفع المستمع للضغط على زر الجهاز، وتغيير الإذاعة.. سمات احترافية يقول خميس إن الممثل المحترف لا يجد صعوبة في الدمج بين مجموعة من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والإذاعية في وقت واحد، والتجربة التي خاضها تؤكد ذلك، حيث كان بوسعه أن يكون مشاركاً في أكثير من عمل مسرحي، وأن يصور دوره في مسلسل تلفزيوني، وأن يقدم حلقات إذاعية درامية في الفترة نفسها، دون الخشية من تداخل في الأداء، أو التباس في الشخصيات، ذلك أن القدرة على التنسيق والتمييز إحدى سمات الممثل الحقيقي، ومن غير المنطقي أن يربكه تنافر شخصيتين، أو أكثر، يتعين عليه أن يجسدها في مرحلة زمنية واحدة، ما دام قد اختار التمثيل مهنة، وإلا لكان عليه أن يخلط بين الشخصيات المجسدة وبين الحياة الطبيعية. واقعية المسرح وتحديات الإذاعة لا تبرر النأي عن التلفزيون حيث يحظى الممثل بفرصة الإعلان عن نفسه، واكتساب الشهرة الحقيقية، ليصير معروفاً في أوساط الشريحة المشاهدية الأوسع، الدراما دعاية مستحقة بالنسبة للممثل، يقول محدثنا، ومن حقه أن يروج لنفسه بين المتلقين، وأن يحصل على نصيبه من إعجابهم، وأن يخرج عبره من دائرة التفاعل المباشر نحو الرسوخ في الذاكرة الجماعية، فالدراما التلفزيونية قابلة للاستعادة بين موسم وآخر، كذلك هي متاح لها أن تنقل من دولة إلى أخرى، والأمر يعني أن مزيداً من المشاهدين سيتابعونها وسيتفاعلون مع ممثليها، وهو أمر لا يتحقق في حالة المسرح أو الإذاعة. اعتماداً على الملابسات المشار إليها سابقاً، يوضح ناجي خميس، تمكن العمل التلفزيوني من امتلاك الكلمة الفصل بشأن قدرة الانتشار التي يتمتع بها الممثل، والتي ليست خاضعة بالضرورة لمقدرته التشخصية، إنما لحجم الفرص التي يحظى بها، ومن هنا يحق له أن يشعر بالمرارة إزاء التغاضي الذي يمارسه حياله القيمون على شؤون الإنتاج في بلده، فيصار إلى استبعاده دون سبب واضح، ويجري التغافل عن النجاحات التي يحققها، والإحجام عن منحه حقه في النجومية، فيكون صاحب دور رئيسي ومتميز في عمل ما، ليسند إليه في العمل اللاحق دور ثانوي لا يضيف إلى رصيده شيئاً، بل لعله يستنزف ذاك الرصيد. إهمال الشباب خميس يحذر من خطورة إهمال الممثلين الشباب في الإمارات، فهؤلاء طاقات خلاقة يمثلون عصب الغد الإبداعي في الدولة، ومن شأن إغفال حيويتهم وقدرتهم على العطاء، أن يدفع بهم نحو الإحباط من ناحية، وأن يضع المستقبل الدرامي في خانة الخطر.. وهنا يقول محدثنا بثقة المجرب والخبير: الشباب الإماراتيون العاملون في مجال التمثيل لا يأخذون حقوقهم البديهية من الاعتراف المنصف بمواهبهم وقدراتهم الكامنة، وفي أحيان كثيرة يتعرض الخط البياني لعملهم وحضورهم إلى التنازل بدلاً من التصاعد وفق الاتجاه المنطقي المعتاد، أما بالحديث عن الأسباب الكامنة وراء هذا الخلل، فيدعو خميس هنا إلى التأمل قبل إطلاق الأحكام، إذ ليس المطلوب توجيه الاتهام لأحد، وإنما تشخيص المشكلة بصورة سليمة تمهيداً لحلها: بالتأكيد هناك جزء من الخلل يعود للجهات المنتجة التي لا تراعي في اختيارها لطواقم أعمالها ما تزخر به الدولة من إمكانات وطاقات، وهناك جزء يتعلق بالإعلام الذي لا يمارس دوماً دوره البديهي في تسليط الضوء على تلك المواهب، وتسويقها المشروع في أذهان المتلقين، كما أن الممثل نفسه ليس بريئاً، برأي محاورنا، إذ تقع عليه مسؤولية الرفض حين تدعو الحاجة، فعندما يحقق أحد الممثلين نجاحاً يضعه في مستوى فني محدد، ثم يأتي من يعرض عليه دوراً لا يلائم حجمه، ولا ينسجم مع قدراته الفعلية، عليه أن لا يتردد في الرفض حرصاً على سويته الفنية التي أدركها بالجهد والموهبة.. علاقة ملتبسة بين الفنان والمنتج ثمة ظاهرة يرصدها الفنان ناجي خميس من خلال معايشته للواقع الفني الإماراتي، وهي تتمحور حول كون الفنان في الإمارات يسعى خلف المنتج ليحصل على دور تمثيلي ملائم، في حين أن العكس هو الذي يجب أن يكون صحيحاً في العادي من الحالات، لكن جوهر المشكلة يكمن في عدم السماح للممثل بإدراك مرحلة النجومية التي تمنحه مكانة مميزة في أوساط الجمهور، وتجعل من مشاركته في عمل ما ضمانة لإقبال المشاهدين عليه. ولا يفوت خميس أن يدعو المعنيين بالشأن الدرامي في الإمارات للاسترشاد بالتجارب المجاورة، التجربة الكويتية خاصة، حيث يصار إلى الاعتراف بالقدرات الحقيقية للممثل، ومن شأن ذلك أن ينعكس إيجاباً على مجمل التجربة الدرامية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©