الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متحف الصقور ينقل الزائرين إلى أجواء الصحراء الذهبية

متحف الصقور ينقل الزائرين إلى أجواء الصحراء الذهبية
21 يناير 2012
في وسط مدينة دبي الجديدة، وفي ند الشبا بالتحديد يقع متحف الصقور، في أحضان مبنى شيد بروح العمارة التقليدية ليكون معلماً تراثياً حيوياً، ومنارة لكل من يريد أن يطلع على خبرة الصيد بالصقور، ويتعرف على هذا الطائر الباسل الذي استطاع أن يخترق سماء الصحراء، لينقض بكل قوة على فريسته، وليتحول من وسيلة يعتاش منها القدماء إلى رياضة جميلة لها عشاقها ومحبوها، فهي تبقى رياضة الملوك والأمراء؟. العلاقة بين المرء والجوارح علاقة تكامل وفطرة جعلها الله تعالى سبباً في أن يتخذ المرء من الجوارح وسيلة وغاية لعيشه ورفاهيته؛ فنجده قد يقضي به يومه في لهو ورياضة وفي أحيان أخرى يستخدمها لحاجة ملحة في التزود بالطعام من خلال الصيد به، وقد استطاع الإنسان قديماً أن يقتني الصقور بعد متابعة وترقب والانقضاض على أوكارها، ثم بدا يخضعها لعدة تدريبات ثم يستخدمها كأداة للصيد، والمباهاة والتنافس به أمام الآخرين. ومتحف «الصقور» بمشاهده وصوره يأخذ الزائر إلى أعماق الصحراء بتضاريسها وكثبانها الرملية الذهبية، والكائنات الحية التي ألفت المكان واستوطنته. أقسام المتحف شيد متحف الصقور بعد سلسلة من المتاحف العلمية التي أرست دعائمها بلدية دبي، لتوثق في طياتها المورث الشعبي الذي ارتبط بتاريخ وتراث المنطقة، ويتكون المتحف من أربع قاعات تزخر بالصور والمعلومات والمجسمات وغيرها من وسائل العرض المسموعة والمرئية، فمن هذه القاعات ما تضم معلومات تاريخية حول بداية الصيد بالصقور وأنواعه وسلالاته، وقاعة يعرض فيها بطريقة علمية وصف لأجزاء جسم الصقر والأمراض وطرق العلاج القديمة والحديثة، وقاعة تعرض فنون وطرق الصيد بالصقور وأدواته ورحلة القنص والصقر في الشعر والأدب العربي، أما القاعة الأخيرة فيتم فيها عرض البيئة وتكاثر الصقور. ما أن تتخطى أعتاب المدخل الرئيس حتى تجد نفسك قد اقتحمت عنوه أوكار الصقور وبيئتها، لتنتفض وتحلق الطيور في سقف القاعة كأنها تبحث عن فريسة لها. حول أنواع وسلالات الصقور، يقول المشرف محسن المهري، الذي يزود زوار المتحف بكافة المعلومات حول هذا الطائر، إن هناك أعداداً كبيرة من الصقور بمسيات مختلفة ومتعددة، ومن أنواع هذه الصقور البازي والشاهين والصقر والعقاب، وكل فئة من هذه الفئات تشمل فصائل متعددة ومختلفة. ويضيف «كان الصيد بالصقور مقتصراً على العرب فهم أول من دربها واستعملها في الصيد دون غيرهم، ومن النوع الذي استحوذ على اهتمام العرب قديما النوع المعروف بالحر وهي مفردة تعني العلو والفخر، ومن أنواعه الوكري السنجاري، والأشقر، وعادة ما تتسم الصقور بالجرأة والإقدام وسرعة الانقضاض والذكاء أيضا». مميزات جسدية على مقربة من قاعة الصقور وأنواعه وسلالاته يمكن أن يطلع الزائر على ما يتمتع به هذا الطائر من بعض المميزات الجسدية من خلال مجسم تشريحي للصقر، وبعض الصور التعريفية التي وزعت على جدران القاعة، حيث تعرض ملامح كل جزء من جسد الصقر، وما يتمتع به من خصال، ما جعله يمتلك القدرة على خوض غمار الصيد والانقضاض على فريسته بكل بأس وسرعة، وما يتمتع به من حدة البصر نتيجة اتساع حدقة عينه، الأمر الذي سهل عليه عملية البحث والكشف والصيد. وقد ثبت أن بعض الصقور تستطيع رؤية الحباري من مسافة تصل إلى أكثر من واحد كيلومتر. ويقول المهري إن عظم المنسر وتقوسه والذي يعرف بالأقطم يعد من السمات الحميدة في الصقور، وهو أشبه بنصل الخنجر الحاد البتار، كما أنه يتصف بسمات تعلمه فنون المنازلة والتمويه والمطاردة. ويضيف «من المعلومات التي اكتشافها خبراء الصقور أن الصقر ذا اللسان الأسود كان أنجب وأجرأ على الصيد من غيره. كما أن طول العنق يمنحه أيضا أصالة، ورحابة الصدر وهو مصدر القوة في تحريك الأجنحة ودليل السرعة، ونظرا لتمتعه بعلو منكبيه ما منحه قدرة على الاندفاع والطيران وبقوة نحو الطريدة. وجزء الفخذين في الصقر دليل على قوة ساقه وشدة قبضته، فالصقر يعتمد بدرجة كبيرة على قبضة رجليه في مهاجمة الفريسة مستعيناً بمخالبه الحادة». كوخ الصيد في قاعة فنون الصيد وأدواته، يمكن أن يطلع فيه الزائر من حول على طرق صيد الصقور التقليدية التي كان يستخدمها الصقار في الماضي، وذلك من خلال عدد من المجسمات التمثيلية التي تم وضعها ليسهل على الزوار معرفة تفاصيل وطريقة الصيد وأدواتها التي برع فيه صيادو الصقور، ومن حيث الأدوات نجد الكوخ وهو المكان الذي يتخذه الصياد لمراقبة الوضع أثناء الصيد من خلال رصد حركة الطيور حتى يتسنى له صيدها، وعادة ما تصنع هذه الأكواخ من سعف النخيل ويكون نصفها السفلي تحت مستوى سطح الأرض، والجزء العلوي منها مساوياً لسطح الأرض أو يكون نصفه ظاهرياً أو بارزاً على شكل قبة، وعادة ما يستوعب المكان شخص واحد فقط، وتكون بحوزته بعض أدوات الصيد، كالشباك التي عادة ما يبلغ طولها ثلاثة أمتار وعرضها متران، وتشد بها حبل بطول ثلاثين متراً، وتعتمد على عملها على عودين من الجريد لحمل الطرف العلوي للشبكة في حركة تكون نصف دائرية وفي وسطها حلقة يمر بها خيط رفيع ينتهي إلى حيث الصياد. وفي طرفه البعيد يربط الحمام وهو الطعم، وتتم العملية بروية وإتقان وبحذر شديد؛ فبعد أن يمسك الصقر بالفريسة أو الطعم الذي وضع له في الطرف البعيد من الخيط المار من خلال الحلقة المثبتة في الشبكة الذي ينتهي إلى يد الصياد الذي يتطلب منه سحب الخيط بحذر حتى يصبح الصقر في موقع الحلقة، ثم يبادر في جر الشبكة وبذلك يكون في قبضة الصياد. وهناك أيضا طرق أخرى عديدة استخدمت في الماضي لاصطياد الصقور وتستخدم فيه أساليب بسيطة وتقليدية. أدوات التدريب في القاعة أيضا تعرض بعض أدوات التدريب الذي يستخدمها الصياد للصقور ومنها البرقع وهو عبارة عن قطعة من الجلد تغطى به رأس الصقر، وتستخدم عادة لتهدئة الصقر بعد أن يتم حجب الرؤية عنه بعد أن ينتهي من التدريب والصيد يلبس البرقع. ونجد أيضا أداة المنقلة وهوعبارة عن قطعة من الجلد اسطوانية الشكل تدخل اليد بداخلها، وتخرج منها أصبعان وهما الخنصر والبنصر. ما يسهل على الصقار حمل الصقر على يده والتنقل به. وأيضا أداة الوكر وهوعبارة عن قائم مخروطي الشكل عادة ما يصنع من الخشب ويغطى بقطعة من الجلد أو القماش المتين وتثبت في الأرض بواسطة قطعة من قضيب حديدي في أسفله وعادة ما يستخدم في أوقات المساء والراحة ليقف الصقر عليها. كما يستخدم في التدريب أداة التلويح وهي عبارة عن مجموعة من أجنحة طير الحباري يربط بخيط طوله ثلاثة أمتار، وعادة ما يستخدمه الصقار في التدريب ويلوح به بيده فيما ابتعد الصقر أو فقد أثناء الصيد. وعلى مقربة من هذا الركن يمكن أن يطلع الزائر أو المتهم برياضة الصيد بالصقور على الأمراض التي قد تصاب به الصقور من خلال ركن الطب البيطري الذي يسرد الكثير من الأمراض عوارضها ومسبباتها وطرق علاجها، إلى جانب عملية تجبير الكسور حيث عادة ما يتعرض الصقر، خلال مراحل الصيد لبعض الحوادث التي قد تسبب له بعض كسور في الريش، وقد تم عرض بعض العلاجات الشعبية التي كانت تستخدم في تطبيب الصقور. ويقول المهيري «تغني الشعراء العرب بالصقور مطولا، فيمكن أن يتذوق الزائر أروع ما قيل في الصقور من حيث وصف قوتها وإقدامها وبسالتها ومظهرها، إلى جانب التعرف على أهمية الصقور ومكانتها في المورث الشعبي المحلي».
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©