لطالما تألقت المصممة الفنزويلية الأصل كارولينا هيريرا كرائدة للأناقة الكلاسيكية والترف الأصيل، وعلى الرغم من انطلاقتها في بداية الثمانينات والتي تعتبر عقداً من العبثية والفوضى في الفن والألوان والموضة بشكل عام، إلا أنها ارتأت لنفسها طرازاً فريداً من البساطة والرقيّ يميزها عن بقية المصممين، وكونت اسماً لامعاً يشار إليه في عالم الأزياء·
مولد نجمة
في مدينة كاراكاس الفنزويلية ولدت الصبية الجميلة ماريا كارولينا جوزفينا بيكانينس إي نينو عام ،1939 متحدرة من عائلة فنزويلية عريقة من الارستقراطيين، فنشأت في حياة رغدة وحياة مترفة، محاطة بكل مفردات الجمال، فتشربت منذ نعومة أظفارها حب الأناقة وحسن الذوق ودقة الاختيار من والديها اللذين أحاطاها بكل الرعاية والدلال·
بدأت كارولينا بحضور عروض الأزياء لكبار المصممين العالميين وهي لم تتجاوز سن الثالثة عشرة، كمرافقة لجدتها العاشقة للموضة، فطافت معها معظم عواصم أوروبا ونهلت من فنونها وثقافاتها، ودربت عينيها على رصد كل ما هو جميل وأنيق بشكل لافت، فكبرت وهي تتمتع بذوق رفيع واتجهت لعالم التصميم معتمدة على حسها الفني المتفرد وعلاقاتها الاجتماعية الواسعة مع النخبة من الطبقة المخملية الراقية في المجتمع الأوروبي·
طريق الاحتراف
بعد عدة محاولات وتجارب لتصميم مجموعات صغيرة خاصة من الأزياء الراقية تكللت بالنجاح، قررت كارولينا هيريرا البدء بحياتها المهنية كمصممة أزياء محترفة في مطلع ثمانينات القرن الماضي، مدعومة بتشجيع المحيطين لها من الأصدقاء والمعارف، فانتقلت مع عائلتها من وطنها الأم فنزويلا إلى نيويورك حيث أنشأت بوتيكها الخاص وقامت بعرض تشكيلتها الأولى سنة 1981 في مدينة مانهاتن ولقيت اهتماماً واسعاً من الصحافة والإعلام لما جاءت به من أسلوب راقٍ وطراز أنيق مختلف عن صخب موضة الثمانينات وبهرجتها العبثية·
وتوالت النجاحات فأطلقت هيريرا عام 1984 مجموعة الفرو الأولى، ثم ابتكرت بعد سنتين خطاً جاهزاً للملابس الأنيقة غير المكلفة وهو ما عرف بـ ''السي إتش''، ثم في 1987 أطلقت خطاً آخر خاصاً بفساتين الأفراح، ليتبع ذلك خط إنتاج العطور عام ،1988 وأصبحت تصميمات هيريرا مطلوبة في كبرى متاجر الأزياء الأميركية، وحظيت باهتمام سيدات المجتمع الراقي والمشاهير، خصوصاً بعد أن اعتمدتها جاكلين كينيدي كمصممتها المفضلة في سنواتها الأخيرة·
وصفة النجاح
و على مدى سنوات مشوارها في عالم الأزياء استطاعت هيريرا أن تثبت وجودها وأن تتقدم بخطى حثيثة رفعتها لتكون في مقدمة أهم المصممين العالميين، وقد مكنتها هذه القدرة من النجاح كامرأة فنانة وسيدة أعمال من الطراز الأول، وليكون اسمها ماركة عالمية راقية تحملها أفضل الابتكارات بدأ من الملابس الجاهزة والهوت الكوتور ومروراً بالإكسسوارات الجلدية كالحقائب والأحذية وانتهاء بمستحضرات التجميل عالية الجودة، والمنتشرة حول جميع أنحاء العالم·
حظ واجتهاد
وتلخص هيريرا حصاد نجاحها في عالم يحفل بعشرات المصممين الكبار المحتكرين لسوق الموضة والأزياء، فتقول:''لقد بدأت العمل في عالم الموضة لأنني أحببته بشغف كبير، إلا أنني لم يكن لدي أدنى فكرة عما سيؤول عليه عملي وكيف سينتهي بي المشوار، وأقصى ما يسعني قوله هو أنني كنت محظوظة جداً لأني نشأت على تربية والدتي التي غرست بداخلي هذا القدر من الانضباط والحكمة، وهذه التركيبة التي أعيش عليها في حياتي، وبين تصاميمي وعطوري أعتقد بكوني واقعية هو أفضل ما يجب، إلا أنه علينا دائماً أن نجنح قليلاً فنمزج بين الواقعية والخيال، والحياة هي كذلك بالفعل، مزيج فريد من الواقع والخيال''·
وعلى الرغم من الشهرة الواسعة التي حظيت بها كمصممة لامعة، إلا أنها عرفت بتواضعها الشديد وبعدها التام عن التكلف والغرور، وهي متميزة بتنفيذها للقطع الجميلة التي تلتف حول قوام المرأة بأنوثة ودلال وقدر كبير من البساطة المنمقة، لتقول في إحدى مقابلاتها: ''أحب البساطة في كل شيء وأعشق فكرة المزج بين الأناقة والتعقيد، إلا أن تحقيق هذه الفكرة سواء على قطعة تصميم واحدة أو تشكيلة كاملة، يجب أن يظهر بتلقائية وسلاسة شديدة''·
كلاسيكية بروح متجددة
تألقت المصممة كارولينا هيريرا في عرضها الأخير لربيع 2009 في مدينة نيويورك بمجموعة شديدة الأناقة، يستحوذ عليها اللون الأبيض والأسود، معتمدة أسلوبه الشهير في تنفيذ الملابس الكلاسيكية الراقية مع لمسة من الحداثة والابتكار، وكما تميزت مجموعة الأعراس الأخيرة بأقمشة غنية من الدانتيل والحرير المطرز بالخيوط المذهّبة·
عطر الرومانسية والقوة
كان ''كارولينا هيريرا'' هو العطر الأول عام ،1988 والذي كان مزيجاً رائعاً من الرومانسية والقوة جمعت بين رائحة مسك الروم، والياسمين، وهو عطرها المفضل و الذي تضعه بشكل دائم، إضافة إلى عطر ''كارولينا هيريرا'' الخاص بالرجال عام ،1991 وفي عام 1994 قدمت هيريرا عطرها الثالث زهري العبق، ''فلور''، و ثم ''أكوا فلور'' عام ،1996 والذي كان أرق من نسخته الأولى، ثم توالى خط إنتاج العطور على مرور السنوات ليصبح من أهم نجاحات المصممة، ولعلها وضعت الخط الفاصل بين الرجولة والأنوثة بابتكارها عطر 212 للرجال ثم 212 للنساء·
عدد اليوم
