الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التوجيه الأسري حائر مع الزوجات

التوجيه الأسري حائر مع الزوجات
9 أغسطس 2014 13:37
تحقيق: عمر الحلاوي تحول التوجيه الأسري لدى بعض الزوجات من حل للخلافات الزوجية إلى وسيلة استنزاف الزوج واستغلال قانون الأحوال الشخصية الذي أعطى حقوقاً إضافية واسعة للزوجة، وتسعى هؤلاء الزوجات إلى رفع سقف المطالب وتوفير الرفاهية بلا مراعاة لظروف رب الأسرة، بعد تكاليف العرس العالية والديون البنكية وتأثيث البيت والسيارة الجديدة وإيجار المنزل. تستغل بعض الزوجات التوجيه الأسري لإخضاع الزوج للمطالب المادية ولبيت الطاعة بعدما نالت الزوجة حقوقها كاملة ويمكنها الاتجاه إلى المحكمة والمطالبة بالطلاق من دون إثبات الضرر، ومن ثم المطالبة بالنفقة والسكن والسيارة والخادمة وغيرها من الحقوق التي كفلها لها القانون، فأصبح الزوج بين «وسندان» المطالب الزوجية في التوجيه الأسري، و«مطرقة» المحكمة التي ستكلفه كثيراً وقد تتسبب عملية الإنفاق بعد الطلاق في عدم القدرة على الزواج مرة أخرى. وأنشئت إدارة التوجيه الأسري قبل 15 عاماً لمعالجة الخلافات الأسرية والزوجية، فيما صدر قانون جديد للأحوال الشخصية في عام 2005 واستمر التوجيه الأسري بنفس الآليات التقليدية وارتفع عدد القضايا المنظورة، مما يؤدي إلى عدم قدرة التوجيه الأسري على حلها، فالمشاكل الزوجية معقدة ومتراكمة وتحتاج لجلسات طويلة ومتكررة، الأمر الذي لا يتوفر للتوجيه الأسري نتيجة العدد المحدود والتقيد بالوقت وكل شكوى يحدد لها ما بين جلسة إلى جلستين لحلها أو تحال إلى القضاء. وقال محامون: إن فكرة التوجيه الأسري تحتاج لتطوير حتى تواكب التطور القانوني وتزايد عدد قضايا الطلاق في المحاكم، كما تحتاج إلى كوادر لديها القدرة والمعرفة والإلمام القانوني والفقهي، بالإضافة لفصل مكاتب التوجيه الأسري عن المحكمة حتى لا يشعر الزوجان بأجواء القضايا والمحاكم. ولفت المحامون إلى أن التوجيه الأسري تحول لدى بعض الزوجات إلى بقرة حلوب لاستنزاف الزوج وتقديم الطلبات والتنازلات من الزوج بزيادة المصروفات وتوفير السيارة والخادمة والمنزل وغيرها من الطلبات التي ترهق الزوج وليس أمامه سوى القبول لاستمرار الحياة الزوجية والمحافظة على أبنائه، ومسؤول التوجيه الأسري ليس أمامه سوى الوصول إلى اتفاق بين الطرفين. وطالب المحامون بتطوير التوجيه الأسري من كل النواحي بإضافة العنصر النسائي على أن يكنّ متخصصات في علم النفس أو الاجتماع أو الفقه، ويعقد للأزواج عدد من الجلسات الكافية بشكل منفصل، وبشكل مشترك، مع أعضاء التوجيه الأسري صلاحيات إضافية تمكنه من أداء دوره بشكل أفضل، وأوضحوا أن التوجيه الأسري ليس لديه صلاحية ضد أي طرف إنما دوره ينحصر في تقريب وجهات النظر وحل الخلاف ودياً أو إحالة الشكوى للمحكمة وبعدها يصعب حل الخلافات الأسرية حينما تصل إلى قاعات المحاكم والقضاء. وقال المحامي سالم بن بهيان إن الهدف من التوجيه الأسري لم شمل الأسرة بالوسائل الودية، والأخذ بأيدي الطرفين باتفاق أسري ملزم يحفظ لكل واحد منهما حقوقه من دون التقاضي. لذا فالتوجيه الأسري يسعى إلى إيجاد الحلول للخلافات الأسرية إذا قصد الطرفان إنهاء خلافاتهما بالإنصاف ورضي كل واحد منهما بأن يؤدي الحق الذي عليه، وبخلاف ذلك تحال النزاعات إلى المحاكم بدرجاتها المتفاوتة. وقال: إن إجراءات التوجيه الأسري تبدأ بتسجيل الشكوى من خلال تعبئة استمارة المعلومات المطلوبة ويرفق صورة إثبات الشخصية وصورة عقد الزواج، إذا كان الخلاف بين الزوجين، ويتم إعلام الطرف الآخر بطلب الطرف الأول وشكواه عن طريق الهاتف والموعد المقترح وإذا تعذر يتم إعلامه رسمياً عن طريق المحكمة ويحدد له موعد للحضور وإذا تعذر إعلامه نهائياً تحال الشكوى للمحكمة إذا رغب بذلك الطرف المشتكي. كما يتم فتح ملف يتضمن سجلاً خاصاً بمختلف الشكاوى للأسرة الواحدة ويحفظ في أرشيف التوجيه الأسري وفق سياسة الخصوصية المتبعة. ويعاد السير بأي شكوى بطلب الطرفين أو أحدهما في حال نشوء خلاف جديد أو لتوثيق حق من حقوق أحد الطرفين بطريقة رسمية معتمدة. وتتولى إدارة التوجيه الأسري مهمة تقديم الاستشارات الأسرية (القانونية والدينية) بواسطة الهاتف أو باستقبال المعنيين في مقر التوجيه الأسري، وتختص بالنظر في معالجة الخلافات الزوجية مثل: الطاعة الزوجية، والمعاملة، والنفقة، والطلاق وإثباته، وإثبات الحضانة وإسقاطها، ونفقة المحضونين وأجرة الحضانة، ومسكن الحضانة وبدل السكن ومصروفات المدارس، ورؤية المحضونين، والسفر بالمحضون، وطلب وثائق تخص المحضون. والنظر ومعالجة الخلافات الأسرية. ونفقة الوالدين. والخلافات بين الأخوة. كما يصدر شهـادات الطلاق، وإقرارات المراجعة الزوجية وعدم المراجعة. وقال المحامي عبدالله الهرمودي: إن الطلاق أصبح موضة تتداولها بعض النساء وبعضهن أدمن الشكوى في التوجيه الأسرى حتى تزايد على زوجها في مطالب إضافية لكي تتفاخر أمام صديقاتها والدليل على ذلك تردد بعض الزوجات أكثر من مرة وهن يستغللن القانون لصالحهن بالإضافة لمعرفتهن بحرص شريك الحياة على استقرار بيته وأولاده أو عدم قدرته على الزواج مرة أخرى أو هو خائف من عواقب الطلاق وما يتبعه من نفقة عالية وإيجار منزل وسيارة وغيرها، ويكون القبول برأي التوجيه الأسري خوفاً من إحالة القضية إلى المحكمة، وهي مثل الهروب من الرمضاء إلى النار. وأضاف: إن الاختيار الصحيح للزوجة يعصم الشباب من الوقوع في هذه الدوامة، وذلك من خلال التحري عن الزوجة وعدم التسرع في أمر الزواج وبعد ذالك الالتزام الجاد من قبل الطرفين بهذه الشراكة وكل طرف يقوم بما عليه تجاه أسرته بصدق وأمانة والرجل له القوامة وعليه كل أمور التي تتوجب الإنفاق، أما المرأة، فهي المحور الذي تقوم علية لم شمل الأسرة وترابطها وعليها القيام بالواجبات المنزلية تجاه أسرتها. وأكد أن الأخطاء الزوجية غالباً ما تكون مشتركة بين الطرفين، لذلك تحتاج لجهة تمتلك حساسية عالية وخبرة وتخصصاً لأن موضوع التوجيه الأسري هو أساس لاستمرار الزواج بالشكل الصحيح وليس حلاً مؤقتاً أو انتصاراً لطرف على الآخر، وبعض الأزواج يكون هو سبب المشكلة عبر تصرفاته وعدم الالتزام الأسري وسهره خارج البيت لكن ذلك لا يعني أن يعاقب بفرض نفقه عالية لا تمكنه من أداء دوره في الحياة. وقالت المحامية سيادة التوني: إن التوجيه الأسري يرفض وجود محامين في المكاتب المخصصة لهم لإبعادهم عن مشاكل الزوجين ومحاولة الحل ودياً، والتوجيه يهدف إلى الحد من حالات الطلاق ومحاولة الوصول إلى اتفاق وإرضاء الطرفين وفي بعض الأحيان تكون الزوجة في حالة إصرار على رأيها ولا تستجيب لعملية الصلح والوفاق، رغم تفهم بعض الأزواج. وأضافت: إن إحالة الدعوة إلى محكمين يعني استحالة الحياة الزوجية وترى اللجنة التطليق بينهما، حيث تتم الاستجابة لطلب الزوجة وتصدق الزوجة في جميع الأحوال والأحكام دائماً في صفها بنسبة 100%، مؤكدة أن أغلبية القضايا في المحاكم تنتهي بالطلاق، حيث أرجعت سبب تهافت بعض الزوجات على الطلاق إلى تقليد صديقاتها وهو الأمر الذي يزيد النسبة. وأوضحت أن التوجيه الأسري يعتبر خط الدفاع الأول لذلك يحتاج لتجويد للمحافظة على الأسرة كما أن تطوير الأحكام يتزامن مع تطور التوجيه الأسري حتى تكتمل الحلقات التي تحافظ على المجتمع، مؤكدة أن التوجيه الأسري ليس عقبة، بل لتسهيل الإجراءات. دائرة القضاء تواصلت (الاتحاد) مع دائرة القضاء في ابوظبي، ونقلت اليها أبرز محاور التحقيق والملاحظات التي وردت، ولم يتسنى الحصول على الردود والايضاحات المطلوبة. مشاكل متراكمة واستعجال في تحويل الحالات إلى القضاء أكد الدكتور حسن المرزوقي أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الإمارات، أن عدد القضايا المنظورة أمام محاكم التنفيذ الأسري يحول دون مقدرة الموجهين الأسريين على حل تلك المشاكل لأن المشاكل الأسرية متراكمة منذ مدة ومعقدة، وتحتاج إلى جلسات متكررة، لا جلسة أو جلستين كما يحدث في كثير من الشكاوى، وتحتاج إلى إصغاء جيد من الموجه الأسري، والموجه يفاجأ بأن لديه مثلاً 6 حالات تحتاج لحل في وقت قياسي يكون الأمر شبه مستحيل، فتتم إحالة الملف إلى القضاء بشكل سريع من دون إعطاء الطرفين فرصة لحل المشكلة. وأشار إلى أن وجود التوجيه الأسري نفسه وسط المحكمة في مدينة العين لديه تأثير سلبي لدى الرجال، حيث لا يتقبل بشكل عام أن تذهب زوجته إلى المحكمة، فحينما تصل المشكلة إلى التوجيه الأسري ينظر إلى الأمر كأنها قضية في المحكمة نتيجة البيئة التي حوله ووجود المكاتب في وسط مبنى المحكمة، حيث إن المشاكل الزوجية تحتاج لحكمة كبيرة لحلها، بالإضافة للوضع النفسي للطرفين، وعدم الإحساس بالذل، أو الإهانة، أو الإجبار على التنفيذ لذلك يحتاج التوجيه الأسري إلى مبنى منفصل على أن يكون التواصل مع المحكمة عبر الربط الإلكتروني. وأوضح أهمية التخصص والمؤهلات في وظيفة الموجه الأسري والموجه الأسري يحتاج لدورات تدريبية وتخصص، وأن يكون على علاقة بالعمل الذي يؤديه، ومعرفة شرعية وقانونية يستطيع من خلالها إقناع الطرفين، أو أحد الأطراف. وأضاف أن أغلبية الشباب يفكرون في الزواج بشكل تقليدي وحسب ما تربى عليه الشاب في منزله ورؤيته لوالدته التي تطبخ وتنظف، فيما اختلفت الأزمان، وتغيرت المفاهيم، وأصبحت الأسرة أكثر تعقيداً، وحل المشاكل الأسرية يحتاج إلى طرق إبداعية حتى نقلل نسبة الطلاق أو اتجاه الزوجات إلى المحاكم، وليس دفن الرؤوس في الرمال عبر إحصائيات ومقارنات تنكر الواقع بأن هنالك ارتفاعاً ملحوظاً في عدد القضايا المنظورة في التوجيه الأسري، وفي المحاكم ونسبة طلب الطلاق من الزوجات. وأهمية النظر بالاعتبار إلى التطور المجتمعي والتحولات الكبيرة التي حدثت، حيث إن الذي يصلح في الماضي قد لا يصلح في الحاضر، فحتى حكم الشريعة يتطور بتحول الأحوال والزمان والبقاع، وتتغير الأحكام بتغير الأزمان، وذلك وفق الأصول والضوابط وبلا مخالفة للشرع من حيث التطبيق، فالقاعدة هي القاعدة، والحكم هو الحكم. وأضاف إلى أن الدافع لدى الموجه الأسري هو الإصلاح ودياً بين الطرفين، أما القاعدة عند المحامي، فهي كسب القضية وكأنه يدافع عن شخص، كما يؤدي ذلك إلى اتساع الدائرة، فالمحامي يعمل خلال القضية لهزيمة الطرف الآخر بأي شكل من الأشكال، لذلك يمنع المحامي أن يتواجد في التوجيه الأسري الذي يهدف للتقارب بين الطرفين. ولفت إلى أن التوجيه الأسري ليس مجرد وظيفة ديوانية، لذلك يجب أن تتوافر في الموجه الأسري معايير مختلفة مع التخصص، مثل الإخلاص وحب الخير والسعي إليه بين الناس، فهو وسيط خير وهو مختلف عن القاضي، حيث إن القاضي لديه قواعد قانونيه يطبقها، كما يجب أن يكون الموجه الأسري على علم ببعض العلوم النفسية التي تساعده في أداء عمله، حيث إن الناحية النفسية لها دور كبير في الإصلاح بين الزوجين لطبيعة العلاقة. وأكد أن وجود التوجيه الأسري مهم جداً، حيث إن الزوجة شديدة الانفعال، وتتأثر بشكل سريع وتصر على رأيها ووجود الموجه الأسري يحد من الخلافات الزوجية. مطلوب قانون جديد قال المحامي شاكر حسين الشمري، إن 15 عاماً تغيرت فيها أشياء كثيرة، والمجتمع في الوقت الحالي أكثر حاجة للتوجيه الأسري، ولكن بثوب جديد وقانون جديد وكوادر مختلفة، فهو الخط الأول للمحافظة على الأسرة، فإذا كان قانون الأحوال الشخصية لعام 2005 أعطى الزوجة حقوقاً إضافية، وجعل بإمكانها المطالبة بالطلاق من دون إثبات الضرر، فإن ذلك عبء إضافي على التوجيه الأسري بعدم وصول الشكوى الزوجية إلى القضاء، لأن أي محام يستطيع انتزاع كامل حقوق الزوجة التي نص عليها القانون، من نفقة، ومسكن، وسيارة، وخادمة وصحة وتعليم للأطفال وحتى حضانة في حالة الطلاق، إضافة إلى أن التطور المجتمعي، وخروج المرأة إلى التعليم والعمل، ومعرفتها بحقوقها، واتصالها بالمجتمع الذي أصبح أكثر سهولة يزيد من تعقيد الحياة الزوجية، ووصول المشكلة الزوجية إلى القضاء يجعل الحل يجعل صعباً، وحتماً سينتهي الأمر بالطلاق، وعدم تراجع الزوجة، بعد أن كسرت حواجز كثيرة للوصول إلى المحكمة، الأمر الذي يجعل تطوير التوجيه الأسري في غاية الأهمية حتى يواكب التطور المجتمعي، ويؤدي دوره بالشكل الذي رسم له، ولا يكون مجرد عمل روتيني، في الوقت الذي ترتفع فيه قضايا الطلاق في المحاكم، وهو ما تؤكده مكاتب المحامين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©