الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بوكر العالمية

8 أغسطس 2014 23:37
منذ تأسيسها في عام 1968 لم تثر جائزة بوكر البريطانية للرواية كل هذا اللغط حول نفسها وحول طموحها. مصدر اللغط هذه المرة، هو الخوف والقلق الذي تحول إلى فوبيا سنوية، تساور الكثيرين في الأوساط الثقافية والأدبية والصحفية البريطانية، بالتزامن مع الإعلان عن القائمة الطويلة للمرشحين للفوز بالجائزة وتصدُر الكتّاب الأميركيين لهذه القائمة. غير أن هذا الاكتساح الأميركي الذي يقول البعض أنه أثبات لحالة عدم التوازن التي ظهرت عليها الجائزة مؤخرا، قصير العمر. وهو لم يحدث إلا منذ عام 2013، عندما تغير اسم الجائزة من جائزة مان بوكر البريطانية للرواية إلى جائزة بوكر العالمية للرواية. وبالطبع لم تعد المنافسة مقصورة على الروائيين البريطانيين والأيرلنديين والكومنولثيين، بل اتسع نطاق المشاركة فيها ليشمل كتّاب اللغة الإنجليزية في كل أرجاء الأرض، ولم يكذب الأميركيون الخبر. فالجائزة تبدو مغرية وأكثر مرونة هذه المرة، حيث لا تمنح للكاتب عن رواية واحدة ولكنه يحصل عليها تقديرا لكل إنجازاته الأدبية طوال حياته. وبالفعل فقد انهالت المشاركات الأميركية وتضمنت القائمة الطويلة أربعة منهم وستة من البريطانيين وايرلنديين واسترالية واحدة، ليشعر المرء بأن العالم كله اختزله البريطانيون في القارة الأميركية الشمالية. وعليه لم تشتمل خارطة البوكر على أجزاء أخرى من العالم الكاتب باللغة الإنجليزية، فسقطت سهوا قارات أوروبا وأفريقيا ودول كثيرة في آسيا وأمريكا اللاتينية يعتمد أهلها اللغة الإنجليزية كلغة كتابة ومحادثة ويشاركون في المنافسة! وكذلك جاء من يذكر الجائزة بالأدب المترجم إلى الإنجليزية من لغات أخرى، ما أثار الخوف. بعض من لمس حالة الفزع هذه التي تنتاب المثقفين البريطانيين خوفا من ضياع شخصية الجائزة و...، كما صرح في وقت سابق كتّاب مثل «ملفين براغ» و«ليندا غرانت» التي حذرت من قلب الموازين لصالح الرواية الأميركية، بعض النقاد، باتوا الآن يقللون من خطورة الموقف ولا يرون أنه يستحق أن يطلق عليه غزو يوصف بـ«غزو الفاينكنغ». فالفايكنغ لن يتكرروا! وهل يتصور أحد أن غزو الثقافة الأميركية للثقافة الإنجليزية سيكون سهلا مثله مثل غزو مطاعم ماكدونالدز وغيرها من الأطعمة؟ ومن وجهة نظرهم يرى هؤلاء ـ بشيء من التهكم ـ أن كتّاب بريطانيا الستة ومعهم الكاتبين الأيرلنديين والكاتب الأسترالي «ريتشارد فلاناغان» مؤلف رواية «الطريق إلى الشمال» ربما كانوا يشكلون في موضوعاتهم التي تخرج عن نطاق بلدانهم، تعويضا عن غياب كتّاب دول الكومونولث وغيرهم، ما يعني أن الجائزة ما تزال بعافية. فهنالك على سبيل المثال الروائي البريطاني ذو الأصول الهندية «نيل موخرجي» الذي يدور موضوع روايته «حياة الآخرين» حول حياة أسرة بنغالية ثرية، والتغيرات التي تطرأ عليها منذ سنة 1961، وربما كان ذلك كافيا لتشمل الترشيحات موضوعا عن الهند. وكذلك تفعل رواية فلاناغان التي تدور أحداثها في شرق آسيا، فيما يختار الأيرلندي «جوزيف أونيل» منطقة الشرق الأوسط والرسو في دبي. وفي وقت استوعب فيه هؤلاء الكتاب معنى العالمية وجسدوه في أعمالهم، اختل توازن بوصلة الجائزة في هذه الدورة ونسيت أنها تتجه إلى العالمية وليس إلى أميركا، لتثير الرعب كما تجسده رواية الكاتب البريطاني «بول كنغزنورث» التي تحمل عنوان «الصحوة». m_juma@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©