الخميس 2 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعادة إعمار غزة.. معركة أصعب

إعادة إعمار غزة.. معركة أصعب
8 أغسطس 2014 23:59
سودارسان راغافان رفح أينما تولوا فثم وجه الدمار، فالمساجد والمصانع والمدارس والمستشفيات والجامعات وآلاف المدارس أصبحت أكواماً من الأنقاض والزجاج والمعدن. والطرق أفسدتها الدبابات العسكرية والجرافات، ولا يوجد تيار كهربائي في المدن والليل معتم بهيم. ومحطة الصرف الوحيدة لم تعد تعمل لتتلوث المياه الفيروزية للبحر المتوسط. ووسط الأطلال هناك المزيد من المآسي. فقد تحطمت شبكات الأمان الاجتماعي لأسر بكاملها وقعت بين الضربات الجوية الإسرائيلية وقذائف الهاون والصواريخ التي تطلقها «حماس»، وأُضطر نحو ثلث سكان غزة البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة للخروج من ديارهم وكثيرون منهم الآن بغير منازل. وذكرت الأمم المتحدة أن عشرات الآلاف من الأطفال يعانون من أزمات نفسية. ومع صمود وقف مؤقت لإطلاق النار لليوم الثاني، يواجه الفلسطينيون أزمة إنسانية وبيئية شديدة قد تؤثر على غزة لسنوات. ويعتقد سكان غزة وعمال إغاثة دوليون أن نطاق الدمار والخسائر في الحرب التي استمرت شهراً تقريباً أكثر فداحة مما تسببت فيه حربان سابقتان بين إسرائيل و«حماس» عامي 2009 و2012. وبدأت مفاوضات في القاهرة يوم الأربعاء الماضي من أجل التوصل إلى هدنة أوسع بين إسرائيل و«حماس»، وعرضت قضية إعادة إعمار غزة باعتبارها حلاً للصراع الحالي. وهناك مقترح خاص بعقد مؤتمر دولي للمانحين لجمع التمويل وإعادة الإعمار تحت إدارة الحكومة الفلسطينية المدعومة من الغرب بقيادة الرئيس محمود عباس. وأنفقت مليارات الدولارات أيضاً على إعادة إعمار غزة بعد عملية «الرصاص المسكوب» الإسرائيلية ضد «حماس» بين عامي 2008 و2009. وذكرت الأمم المتحدة أنه في ذاك الوقت أيضاً لحق دمار كبير بمدارس ومصانع وجسور ومساجد وأكثر من ستة آلاف منزل. لكن بعد ذلك بخمس سنوات لم يتم الانتهاء من الكثير من الأبنية. والآن أتى الصراع الحالي بمزيد من الدمار. وفي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال «بان كي مون» الأمين العام للمنظمة الدولية «عدد القتلى الكبير والدمار الهائل في غزة أصاب العالم بالصدمة والخزي.. سنبني من جديد لكن يتعين أن تكون هذه هي المرة الأخيرة لإعادة البناء.. يتعين وقف هذا الآن والعودة إلى طاولة المفاوضات». ويقول مسؤولون فلسطينيون إن الضربات الجوية الإسرائيلية دمرت عشرة آلاف منزل وألحقت أضراراً بنحو 30 ألفاً أخرى، كما لحق الدمار بنحو 80 مسجداً. والكثير من المناطق الزراعية والصناعية التي كانت تعج بورش التصنيع والمصانع الصغيرة، التي كانت تدعم اقتصاد غزة أصبحت أرضاً خراباً. ويعتقد «مفيد الحساينة» وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية أن الأمر يحتاج إلى ما بين سبعة وثمانية أعوام لإعادة بناء المنازل والمنشآت الأخرى ما لم تتوافر مساعدة من المجتمع الدولي. حتى مؤسسات الإغاثة الدولية المعتادة على العمل في مناطق الحرب المتضررة بشدة عبرت عن صدمتها من اتساع نطاق الدمار. وكتب «بيتر ماورير» رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تغريدة على «تويتر» يوم الثلاثاء الماضي، أي بعد زيارته غزة: «لم أشهد دماراً هائلاً مثل هذا قط». ومع هدوء جلبة الصراع، تهرول وكالات الإغاثة الدولية لتقييم الدمار، وتحديد أفضل وسائل تقديم المساعدة في حال صمود وقف إطلاق النار. وفي يوم الثلاثاء الماضي، وصل «ماثيو ابسين-جودين» رئيس بعثة منظمة «بريميير اورجونس» (الإسعافات الأولية) الفرنسية لتقديم المساعدات مع فريقه إلى منطقة الشوكة في شرق رفح بالقرب من الحدود مع إسرائيل التي طمست فيها مزارع الخضراوات والفاكهة. وقال ابسين-جودين إن محصول هذا العام هلك وأنه يتعين عليهم إعادة تأهيل كل الأراضي. وأضاف أنه يتعين في البداية تطهير الحقول من الذخيرة، التي لم تنفجر وهو ما قد يستغرق شهوراً أو ربما عاماً. وحتى قبل الحرب، كان سكان غزة يعيشون حياة مضطربة خاصة منذ فرض إسرائيل حصار اقتصادي على القطاع بعد أن انتزعت حماس السيطرة عليه من السلطة الفلسطينية عام 2007. والآن تقف الأسر على حافة الهاوية بعد أن فقدت المحاصيل والماشية والمنازل. ونظر موسى أبو الروس البالغ من العمر 45 عاما بحسرة إلى أنقاض منزله بالقرب من رفح وإلى بستان الزيتون والبرتقال، الذي أصبح الآن ساحة لعبث الجرافات. وفقد أبو الروس مصدر رزقه ولا يعرف من أين يتوافر لديه المال ليعول أولاده الستة وينفق على تعليمهم. وفي مدينة غزة ذهب علي الحايك رئيس اتحاد رجال الأعمال الفلسطينيين ليتفقد عشرات المصانع خاصة تلك الواقعة على الحدود التي تعرضت لعمليات قصف واشتباكات. وقال الحايك أن ما بين 100 و120 مصنعا أصابها الدمار وكان من بينها ما ينتج الدواء وأن آلاف العمال كانوا يشتغلون في هذه المصانع. وأطفال غزة يواجهون مأزقاً كبيراً. وتقول الأمم المتحدة إن 138 مدرسة دمرها القصف. وهناك أكثر من 250 ألف فلسطيني تم إجلاؤهم يأوون في مدارس تديرها الأمم المتحدة مما يجعل من غير المحتمل أن تبدأ الدراسة في الخريف. ويقدر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن نحو 400 ألف طفل يحتاجون إلى علاج نفسي. والآثار السيئة للصراع واضحة في كل مكان. فقد تسبب هجوم إسرائيلي على محطة توليد الكهرباء الرئيسية في القطاع في توقف مضخات المياه التي تعمل بالكهرباء مما أجبر السكان على الانتظار في طوابير للحصول على المياه لاستخدامها في الأغراض المنزلية. وارتفعت أسعار الوقود مدعومة بالطلب على المولدات. وتعطلت محطة معالجة مياه الصرف الرئيسية لغزة. ويوم الثلاثاء كانت الرائحة النتنة لا تجد الأنف منها مفرا والحشرات الطائرة تملأ المكان. ولم يكن هناك إلا فنيان في المحطة المهجورة التي تحتاج إلى الكهرباء لتعالج المياه وتضخها في البحر. وقال أحد الفنيين إن 55 ألف متر مكعب من مياه الصرف غير المعالجة تلقى في البحر يوميا في الوقت الحالي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©