الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«داعش» .. تطرف الجوار وصل إلى لبنان

8 أغسطس 2014 23:57
ليز سلاي وسوزان حيداموس بيروت خاض لبنان صراعاً خلال الأيام الأخيرة لاحتواء التوترات التي اندلعت نتيجة استيلاء المسلحين السُنة على بلدة حدودية نائية، في أحدث مثال على التوسع بلا رادع لأحد فروع تنظيم «القاعدة» لإقامة الدولة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط. وكان الاستيلاء على بلدة «عرسال» في نهاية الأسبوع الماضي من قبل مسلحين ينتمون إلى تنظيم «داعش» المتطرف قد أعطى المنتمين لهذا لتنظيم أول موطئ قدم له في لبنان، ليوسع نطاق وصول المسلحين غرباً في الوقت ذاته الذي يحققون فيه مكاسب على الجهة الشرقية من الدولة المعلنة ذاتياً ضد القوات الكردية في العراق. ويشكل هذا العنف المتصاعد تحدياً كبيراً لاستقرار دولة لبنان الهشة التي تمكنت إلى حد كبير من الصمود أمام التوترات الناجمة عن حرب مستعرة منذ ثلاث سنوات في دولة سوريا المجاورة على الرغم من تاريخها المحفوف بالصراع الطائفي. وقد تم اجتياح «عرسال» التي ظلت لفترة طويلة ملاذاً للمتمردين السوريين واللاجئين الفارين من القتال الدائر على الجانب الآخر من الحدود، من قبل مقاتلي «داعش» عقب اعتقال زعيم بارز للمتمردين السوريين على يد السلطات اللبنانية يوم الجمعة الماضي. وعند تدفقهم في المدينة السُنية، قام المسلحون بالقبض على 15 جندياً بالجيش اللبناني على الأقل، إلى جانب عدد غير معروف من ضباط الشرطة، ما دفع الجيش لشن هجوم لاستعادتهم. وقد أسفر هذا القتال عن مصرع 17 جندياً لبنانياً على الأقل، وفقاً لبيانات ضباط الجيش. وبالإضافة إلى ذلك، لقي 35 شخصاً مصرعهم في عرسال خلال قصف شنه الجيش اللبناني، وبعضهم قتل خلال الحرائق التي نشبت نتيجة سقوط القذائف على خيام اللاجئين. وتتصاعد المخاوف حول حالة بقية اللاجئين المحاصرين بسبب القتال الذين ظلوا لأيام دون إمدادات غذائية أو طبية. وقد فر من المدينة معظم سكانها البالغ عددهم 35 ألف مواطن، لكن الجيش اللبناني لم يسمح بمغادرة اللاجئين السوريين الذين تقدر وكالات الإغاثة عددهم بنحو 90 ألف لاجئ. ولم يتضح ما إذا كان الاستيلاء على بلدة «عرسال» محاولة مدروسة من قبل «داعش» لتوسيع نفوذها في لبنان أو إذا كان انتقاماً لاعتقال زعيم المتمردين «أبو أحمد جمعة»، الذي أعلن مؤخراً ولاءه للتنظيم. ولم تكن محاولات التفاوض لوقف إطلاق النار التي أجراها وفد من رجال الدين السُنة بالمحاولات الواعدة، فقد فتح مسلحون النار على الوفد مع اقترابه من المدينة، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص. وبعد ذلك، أطلق المعتدون النار على مجموعة من السوريين الذين هرعوا لإنقاذ رجال الدين المصابين، ما أدى إلى مقتل أحدهم وإصابة عدد آخر، وفقاً لما ذكره «هيثم تومية» عضو فريق التفاوض الذي أوفدته رابطة العلماء المسلمين. وأضاف أن المعارضين السوريين والمسلحين في المدينة بدوا وكأنهم منقسمون، ما بين فريق يريد التفاوض وإنهاء القتال والمتطرفين الذين لم يتمكن رجال الدين من الاتصال بهم. وكان المتمردون الذين تحدثوا إلى الوفد لديهم الرغبة في إطلاق سراح الجنود المعتقلين، والانسحاب من البلدة وإنهاء القتال في مقابل منحهم ضمانات بسلامة اللاجئين الذين سيبقون هناك. وكبادرة على حسن النية، قام هؤلاء المسلحون، ومن بينهم أعضاء من «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة»، بإطلاق سراح ثلاثة من رجال الشرطة اللبنانية تم أسرهم في اليوم الأول من القتال. لكن رجال الدين لم يتمكنوا من الاتصال بخاطفي الجنود اللبنانيين والذين هم على ما يبدو مع «داعش» الأكثر تطرفاً، ما جعل من غير الواضح ما إذا كانوا مستعدين للتفاوض لإنهاء الأزمة. كما ذكر «تومية» أن «الأشخاص الذين يطالبون بالإفراج عن جمعة ليسوا جزءاً من المفاوضات»، في إشارة منه إلى زعيم المتمردين. وفي مساء يوم الثلاثاء الماضي، تم الإعلان عن هدنة مؤقتة لتسهيل إجلاء الجرحى من المدنيين والإفراج عن الجنود الذين تم أسرهم، لكنها فشلت في الاستمرار بعد اندلاع المزيد من إطلاق النار. وقد ذكر أحد ضباط الجيش اللبناني الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن الجيش لن يقبل بوقف تام لإطلاق النار مع المتشددين ما لم يتم الإفراج عن جميع الجنود الرهائن. وبالفعل تم تحرير 7 من المجندين يوم الخميس الماضي. وبلدة «عرسال» التي تختفي في منطقة جبلية على الحافة الشمالية من سهل البقاع اللبناني، طالما كانت مركزاً مهماً للمتمردين السوريين الذين يسعون لإطاحة بشار الأسد. أما سكانها من السُنة، فقد رحب معظمهم باللاجئين، وكثير منهم من عائلات المقاتلين الذين يجتازون الحدود ذهاباً وإياباً. ورغم ذلك، فإن البلدة لم تكن تعتبر قبل ذلك بمثابة معقل لـ«داعش» التي يتمركز معظم دعمها في شمال وشرق سوريا. وقال سكان «عرسال» والمعارضون السوريون إنهم فوجئوا بالظهور المفاجئ للمسلحين الذين اجتاحوا المدينة يوم السبت قادمين من المناطق الصخرية الممتدة على الحدود السورية اللبنانية. وقال أحد سكان المدينة من اللبنانيين، طلب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته، إن عدد مقاتلي «داعش» الذين دخلوا البلدة لا يتجاوز 50 فرداً. وأضاف أن «جمعة» الذي اعتقله الجيش، هو قائد محلي شعبي، وأن المسلحين سرعان ما حشدوا تأييد الشباب من اللاجئين الذين تجمعوا في خيام المستوطنات حول المدينة. وفي الوقت نفسه، فإن هذه التوترات الناتجة عن المواجهات تهدد بالاندلاع في أماكن أخرى من الدولة. فقد فتح مسلحون النار على حافلة تقل جنوداً لبنانيين بشمال لبنان، ما أسفر عن إصابة سبعة منهم على الأقل. واتهم سياسيون لبنانيون من تيار «المستقبل» جماعة «حزب الله» اللبنانية الشيعية بأنها السبب في تفاقم التطرف، غير أن «حزب الله» أصدر بياناً ينفي هذه المزاعم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©