الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«وديمة» مسلسل إماراتي بنكهة بدوية

«وديمة» مسلسل إماراتي بنكهة بدوية
23 يوليو 2011 19:50
كانت رحلة مضنية تلك التي نظمتها لعدد من الصحفيين دائرة الثقافة والإعلام بالفجيرة الثلاثاء الماضي إلى مواقع تصوير المسلسل الإماراتي “وديمة” من تأليف الكاتب المسرحي والشاعر محمد سعيد الضنحاني مدير ديوان صاحب السمو حاكم الفجيرة نائب رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام ورئيس مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، وإخراج الأردني شعلان الدباس، وإنتاج شركة “أنا الإمارات”، لكنها رحلة تشبه رحلات الاستكشاف بين الجبال التي يقوم بها المغامرون الشبان لجهة أنها ممتعة رغم ارتفاع درجة الحرارة. ويتوقع أن يعرض العمل خلال الموسم الرمضاني المقبل، على بعض القنوات المحلية. كان الهدف منها زيارة مواقع تصوير المسلسل التلفزيوني المحلي “وديمة” الذي تشارك فيه نخبة من ممثلي وممثلات الإمارات والخليج العربي. فقد اختار المخرج الشعلان ومهندس الديكور في العمل مواقع للتصوير لا تخطر على بال مَنْ لا يعرف المنطقة الجبلية في إمارة الفجيرة وطبيعتها القاسية. هكذا، بين سلسلة من الجبال بنى المخرج الشعلان أمكنة لتصوير عمله في واد سحيق وسفح واسع يقابله ويفصل بينهما أشجار ومنعرجات تخبئ أحدهما عن الآخر تماماً. وحيث لا يتوقع المرء أن يجد أحداً، وصل فريق الصحفيين إلى ورشة يعمل فيها ما لا يقل عن ثلاثين شخصاً من ممثلين وتقنيين وفنيين وعاملين وإداريين وسواهم. لقد امتازت أماكن التصوير المتناثرة هنا وهناك في الوادي بالبساطة لتكون معبرة عن حياة الناس العاديين في الإمارات في المناطق النائية منها قبل تشكُّل الاتحاد وبعده بقليل، بحسب الفترة التي يتناولها المسلسل في هذه المرحلة من مراحل تصويره. أمكنة مصنوعة من القش والأخشاب بالدرجة الأولى، وقد جرى تركيبها تبعاً لضرورات درامية وفنية، ومن الممكن أيضاً التعامل مع تفاصيلها، سواء بالنسبة للممثل أو الكاميرا مان، بأكثر الطرق سهولة وسلاسة. تدور أحداث المسلسل في فترة الخمسينيات الى السبعينيات من القرن المنصرم داخل قرية من القرى الإماراتية والقريبة من أطراف المدن الإماراتية التي يقصدها البعض من شخوص المسلسل، أي القرية، لأسباب العيش وسواها. وتتلخص قصة “وديمة” في الكشف عن أحداث عصفت بحياة أناس داخل مجتمع قروي يحفل بالتناقضات والمفارقات وشتى أشكال التشويق والإثارة على أن الخط الرئيسي فيها يتمثل بقصة حب بين أحمد وديمة المثيرة للجدل والمحرمة من جهة نظر شرعية والتي تنمو وتنضج في أجواء من الطهر والنقاء السلوكي دون أن تشوبها شائبة من شوائب التعامل المنافية لقواعد التربية أو تعاليم الآداب العامة، “نسائي” من أم غانم وهي جدة أحمد و وديمة لوالدتيهما والقابلة (الداية) محينة دون دراية من كل من العاشقين العذريين. تحريك دوافع الشخصيات أيضا يتجاوز العمل مقولة الشر والخير التي تحرّك الدوافع الخاصة بالأفراد وبحراكهم اليومي في المجتمع لتصل إلى تحليل الشخصيات عبر مواقف درامية تكشف عن طبيعة هذه الشخصيات وبحيث يتمكن المشاهِد من معرفة هذه الشخصية أو تلك وفهم طبيعة الدور الذي تلعبه في حكاية المسلسل ومدى تأثيرها في المجتمع المحيط بها سلباً أو إيجاباً، وذلك طبعاً بتأثير كبير من مقدرة الممثل على تقمص الشخصية وتجسيد الدور بالمعنى الدرامي وكذلك دور المخرج في إبراز ردود أفعال الممثلين وتفعيله للصورة التي تلتقطها الكاميرا بالمعنى الدرامي للكلمة. وربما أن الحديث بتفصيل أكثر عن حكاية “وديمة” قد يفسد شيئاً من علاقة المتفرج بهذا فيصير بإمكانه توقّع مجريات الأحداث وتعاقبها فقد اكتفت الممثلة أروى الصبّان التي تقوم بدور “وديمة” بالقول إنّ الدور الذي تقدمه شبيه بدورها في مسلسل “الغافة” سواء لجهة عُمْر الشخصية التي تبلغ ما بين الثامنة عشرة إلى الثانية والعشرين وبالتالي على مستوى معرفتها بالعالم وبالآخرين أم على مستوى تكنيك الأداء التمثيلي، وذلك فضلاً عن الأجواء التراثية والفترة التاريخية التي تجري فيها أحداثهما في المسلسلين. وقالت: “وديمة في المسلسل ضحية مثلها مثل الشاب الذي تحبه “حمد” غير أن حقيقة صلة القرابة التي تربط أحدهما بالآخر تكون صادمة، ما يعني أن الحبّ الذي عاشه العاشقان معاً هو في نهاية الأمر مجرد كذبة. بالمقابل كانت نورة ضحية المجتمع ككل في “الغافة” لكن كل من الشخصيتين تتصفان بالطيبة والبراءة فلا همّ لديمة هنا سوى أن تعيش الحياة الطيبة والحلوة”، مؤكدة أنها تطمح بدور مختلف عن هاتين الشخصيتين وبحيث يمكنها من خلاله أن تعبّر عن قدراتها وطاقتها التعبيرية كممثلة. أما المخرج شعلان الدباس الذي يخوض تجربة الإخراج للمرة الثالثة إماراتياً فرأى أن التجربة الإماراتية الدرامية تنمو سريعاً، وبدأت تتفوق على دول عربية أخرى سبقتها إلى مضمار إنتاج الأعمال التلفزيونية وتنافس دول أخرى عريقة وحاضرة الآن على القنوات التلفزيونية كلها تقريباً، وذلك بسبب ارتفاع حجم الإنتاج والزيادة المضطردة في عدد الممثلينن و”ما أتوقعه قريباً للدراما الإماراتية أن تكون واحدة من أقوى المؤثرات الدرامية الخليجية عربياً، إذ ليس من السهل أن يتم إنتاج اثني عشر مسلسلًا إماراتياً في عام واحد فضلاً عن إنتاج أعمال أخرى، وهذا التطور يجري بوتيرة عالية قياساً بما يحدث بدول مجاورة أو أخرى بعيدة”. تطور درامي ورفض المخرج الشعلان أن يُحيل هذا التطور في الدراما المحلية الإماراتية إلى ما يحدث في البلدان العربية راهناً من ثورات وأحداث سياسية، وذلك “لأن أي عمل خليجي إجمالاً بات له منذ عدة أعوام موقعاً مميزاً في المحطات التلفزيونية والفضائيات العربية، ما يعني أن وجودها وقوة منافستها في سوق الدراما العربية حاضرة من قبل هذه الأحداث، لكن قد تعطي هذه الحداث رونقاً آخر للدراما الخليجية عموماً وليس الإماراتية وحدها ذلك أن نسبة كبيرة مما تمّ إنتاجه للعرض في رمضان مثلاً ينتمي إلى الدراما الخليجية”. مقص الرقيب كما اكد الشعلان أنه ما من مخرج يفضّل أن ينحصر في لون واحد من الدراما هو الذي عُرف بهذا اللون بعد أن حقق نجاحات لافتة في إخراج المسلسلات البدوية وتحديداً مع مسلسل “راس غليص” بجزأيه، متمنياً أن يقوم بإخراج عمل ينتمي إلى ما يعرف بالآكشن، كاشفاً أن له محاولة سابقة في هذا السياق لكن مقص الرقيب حال دون أن يقدمها كما يرأتيها هو وكما هي في مخيلته. أما الممثل عبد الله راشد، الذي يقوم ايضاً بتصميم الملابس واختيارها، فأوضح أن عمله على مستوى الملابس وما يتصل بها من اكسسوارات يرتبط أساساً بالمراحل التاريخية الثلاث التي يتناولها المسلسل، حيث يقوم بدور شخصية “مبارك” البسيطة والإنسانية لكنها تلعب دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية ما يجعل منها شخصية درامية ذات حضور مؤثر بحسب ما قال. أيضا تحدث عبد الله راشد عن الكيفية التي يقوم من خلالها باختيار الملابس المناسبة لهذه الشخصية أو تلك، بحيث يجيب هذا الاختيار على عدد من التساؤلات حول مستواها الاجتماعي وجنسها، سواء أكان ذكراً أم أنثى، ثم الزمن الذي تدور فيه الأحداث، مؤكداً أنه يتقصد في بعض الأحيان أن يصنع ما يثير جدلًا حولها وحول الملابس التي ترتديها وإلى أي المراحل تنتمي. كما أشار إلى أن اختيار الملابس بالنسبة إليه هو بحث فيستعين بمصادر مختلفة من بينها الصور الموثقة في بعض المؤسسات إلى حدّ أنه بات يمكنه الآن أن يعرف الصورة ما إن يراها إلى أي فترة ومنطقة من الإمارات تنتمي بحكم ما تشكل لديه حتى الآن من خبرات. نجوم في العمل أعرب الممثلون فاطمة الحوسني والبحرينية شيماء سبت فضلاً عن الممثل الإماراتي عبد الرحمن الملا، عن سعادتهم للاشتراك في هذه التجربة في العمل مع المخرج شعلان الدباس التي أعطتهم مزيداً من الخبرات في التعامل مع معطيات البيئة البدوية وما تتضمنه من أشكال تراثية، فضلاً عن القصة التي يتناول فيها محمد سعيد الضنحاني قصة حبّ مألوفة بطريقة غير عادية. يبقى القول إن العمل لا يتناول فحسب المجتمع الإماراتي خلال فترة ما قبل الاتحاد وما بعده لكنه أيضاً يستعرض التغييرات الكاملة التي طالت بنية المجتمع الإماراتي بشكل عام من دخول أنماط الحداثة وانتقال الدولة من مرحلة إلى أخرى.
المصدر: الفجيرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©