الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انخفاض أسعار النفط··· الآثار العكسية

انخفاض أسعار النفط··· الآثار العكسية
21 فبراير 2009 23:55
فيما اعتُبر انخفاض أسعار النفط بالصورة الحادة التي شهدناها خلال الشهور الأخيرة نبأ ساراً بالنسبة للمستهلكين، إلا أنه أيضاً سحب رداء من الغموض على الاقتصاد العالمي، ملحقاً الضرر بموازنات الدول المصدرة للنفط ومعطلًا العديد من مشاريع الطاقة ذات التكلفة الباهظة· ففي كندا التي زارها الرئيس أوباما يوم الخميس الماضي كان لانخفاض أسعار النفط دور أكبر في تأجيل بدء مشروع تطوير حقول الرمال النفطية المثيرة للجدل في صفوف الجماعات البيئية التي تطالب بوقف المشروع لتسببه في الاحتباس الحراري، كما أن المسؤولين عن تطوير تلك الحقول أكدوا أن الاستمرار في المشروع يتطلب استقرار أسعار النفط بين 60 و90 دولاراً للبرميل لتبرير الاستثمارات المكلفة· وفي نفس السياق أعلنت الكويت خلال الشهر الجاري عن خطة لإنقاذ البنوك تصل إلى خمسة مليارات دولار وتعهدت بضمان 50% من القروض الجديدة للتخفيف من الأزمة الائتمانية في تلك الدولة الغنية بالنفط، ويضاف إلى ذلك إعلان أكبر مصرف استثماري في الكويت، بيت الاسثمارات العالمي، تخلفه عن سداد معظم الديون المستحقة عليه، فيما قال أحد البنوك الإسلامية في شهر ديسمبر الماضي إنه بحاجة إلى مليار دولار لدفع ديونه· أما روسيا التي كانت غارقة السنة الماضية في مداخيل النفط، فقط لجأت خلال الأسبوع الماضي لدعم وضعها المالي إلى التعهد بتزويد الصين بـ300 ألف برميل من نفط سيبيريا يومياً على مدى العشرين عاماً القادمة مقابل حصولها على ديون بقيمة 25 مليار دولار تستفيد منها شركات النفط والأنابيب الروسية، ولاسيما أن عليها البدء في تسديد دفعات كبيرة من ديونها خلال السنة الجارية· وعلى رغم فوز هوجو شافيز في الاستفتاء الأخير بفنزويلا الذي يسمح له بتمديد ولايته الرئاسية، إلا أن أحد أسباب صعوده إلى السلطة في عام 1998 كان الاستياء والتململ اللذان أثارتهما أسعار النفط المنحفضة جداً آنذاك، وعليه اليوم لتعزيز سلطته مواجهة تحدٍ مشابه بعد عودة الأسعار مرة أخرى إلى الانحدار، ولاسيما أن النفط يمثل 95% من الصادرات الفنزويلية ويوفر نصف مداخيل البلاد· وعن النفط أيضاً يقول ''إيد مورس''، الباحث الاقتصادي في أحد المراكز ''لقد شهدت السنوات الخمس الأخيرة إحياء عملية استخدام النفط كأداة أساسية في السياسة الخارجية من قبل بعض الدول مثل إيران وروسيا وفنزويلا، لكن بانخفاض أسعار النفط والغاز الطبيعي تراجع نفوذ تلك الدول وتحولت من أطراف دائنة إلى بلدان مدينة، وهو ما حرمها من المداخيل الضرورية لتحقيق أهدافها الدولية''· فقبل عام فقط وصل سعر النفط إلى مئة دولار للبرميل، مؤججاً توقعات بدخول مرحلة جديدة من أسعار الطاقة المرتفعة، لكن في الأسبوع الماضي أغلقت أسواق النفط في نيويورك تعاملاتها بـ39,15 دولار للبرميل بعدما ارتفعت بنسبة 13% عن سعرها السابق· ويرجع السبب الرئيسي وراء انهيار أسعار النفط إلى ترنح الاقتصاد العالمي الذي أدى بدوره إلى انخفاض الاستهلاك، فقد توقفت الصين عن استهلاكها الكبير للنفط بعدما اعتقد الخبراء قبل عام فقط أنها ستكون محرك الطلب العالمي المتزايد على موارد الطاقة لتلبية احتياجاتها الاقتصادية المتنامية· وبحسب ''بول تيند''، أحد المختصين المستقلين في شؤون الطاقة، تشير التقديرات الأولية لاستهلاك النفط في الصين إلى انخفاض بنسبة 6% خلال شهر يناير الماضي مقارنة بنفس الشهر من عام 2008 بحيث سجلت واردات النفط أدنى مستوى لها منذ 14 شهراً· وفي الولايات المتحدة حيث يستهلك مستخدمو السيارات برميلاً واحداً من كل تسعة براميل تنتج عالمياً سجلت الأرقام تراجعاً ملحوظاً في استخدام السيارات من قبل الأميركيين في ديسمبر الماضي مقارنة مع الشهر ذاته من العام الفائت، وذلك على رغم انخفاض أسعار البنزين بأكثر من دولار للجالون الواحد· وفي هذا الإطار لاحظت إدارة الطرق الأميركية مرور أربعة عشر شهراً على التوالي يقود فيها الأميركيون سياراتهم لأميال أقل، حيث انخفضت نسبة قيادة السيارات بحوالي 3,6% في عام 2008 مقارنة بعام ·2007 وعلى رغم إقدام منظمة الدول المصدرة للنفط ''أوبك'' على خفض إنتاجها لثلاث مرات منذ شهر سبتمبر الماضي، وترجيح مسوؤلين في المنظمة أنها ستقر خفضاً إضافياً خلال اجتماعها المقرر في 15 مارس القادم، ما زالت الدول الأعضاء في المنظمة تواجه صعوبات في مواكبة انكماش الطلب العالمي على النفط· وفيما تضعف الشهية العالمية تجاه النفط وتعاني من الفتور أصبح مخزون الدول قادراً على تغطية أيام أكثر من الاستهلاك، وهو ما أكده ''أرموريد وولف''، الخبير في المجال النفطي بأحد صناديق التحوط الأميركية قائلًا إن لدى الولايات المتحدة 54,2 يوم إضافي من الاستهلاك في مخزونها التجاري، وإذا صدقت توقعات وزارة الطاقة الأميركية سترتفع تلك الأيام إلى 56,8 يوم خلال شهر أغسطس المقبل· لكن البحث عن استقرار أسعار النفط في مستويات منخفضة كما هو الحال اليوم جعل من الصعب على مشروعات الطاقة الشمسية والرياح ذات التكلفة العالية التنافس في ظل أسعار الطاقة المنخفضة، كما أنه أصبح من غير المجدي شراء الناس لسيارات هجينة باهظة الثمن في الوقت الذي تراجعت فيه أسعار البنزين عالمياً· وفي خطاب ألقاه رئيس منظمة الدول المصدرة للنفط ''أوبك'' في الأسبوع الماضي بجامعة ''جون هوبكنز'' الأميركية قال إن الأسعار الحالية للنفط قد تكون منخفضة إلى حد يحول دون الاستثمار في عمليات التنقيب الضرورية لتوسيع القدرة الإنتاجية في المستقبل· ستيفن موفسون كاتب أميركي متخصص في شؤون الطاقة ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©