الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكسيك··· دولة فاشلة ؟!

21 فبراير 2009 23:57
المكسيك ليست دولة فاشلة، مثلما باتت تنعت من قبل بعض الجهات اليوم لأن ما فشل حقاً هو ''حربنا على المخدرات''· وهذا الفشل والعنف المرتبطان بالمخدرات اللذان يعصفان بالمكسيك يشيران إلى أنه حان الوقت لفتح نقاش وطني حول الموضوع· لقد شهدت المكسيك العام الماضي مقتل نحو 6600 شخص في معارك وعمليات اغتيال مرتبطة بعصابات المخدرات، مما يدق ناقوس الخطر في ذلك البلد· ونتيجة لهذا، تعتقد قيادة القوات المشتركة الأميركية، والمسؤول المكلف بمحاربة المخدرات ''باري ماكفري''، ومدير الـ''سي آي إيه'' السابق مايكل هايدن، ورئيس مجلس النواب السابق نيوت جينجريتش، والعديد من المحللين، أن المكسيك باتت في طريقها إلى الانهيار نتيجة ضغط عصابات المخدرات· والواقع أن الحكومة المكسيكية ليست على وشك فقدان السيطرة على أراضيها أو وقف توفير الخدمات العامة أو الانهيار؛ ولكنها تتعرض لضغوط شديدة ولا تتوفر سوى على سيطرة شكلية في بعض الأماكن، ومن ذلك مدن حدودية مثل تيخوانا، بالقرب من سان دييجو، وخواريس المقابلة لإيل باسو· صحيح أن الجنود يقومون بدوريات في الشوارع، ولكن الشرطة والمحاكم والصحفيين والمواطنين يخشون عصابات المخدرات الأقل ظهوراً والأكثر بطشاً· وكما كتب لويس روبيو في تقرير حديث لـ''مركز سياسات أميركا اللاتينية'' التابع لجامعة ميامي: ''هناك مناطق من البلاد حيث اختفت بكل بساطة كل بقايا وآثار الحكومة'' بينما في بقية المناطق ''أصبح جو الحصانة والابتزاز وتقديم المال مقابل الحماية والاختطاف والجريمة بصفة عامة هو السائد''· وفي هذه الأثناء، يثير وصف المكسيك بـ''الدولة الفاشلة'' حفيظة حكومة الرئيس فيليبي كالديرون التي تشير إلى أن معظم أعمال العنف تحدث بين عصابات المخدرات، نتيجة الحملات التي تقوم بها ضد هذه العصابات، وبأنه ما زال بمقدور السياح اللهو والاستمتاع على شواطئ المكسيك· غير أنه صحيح أيضاً أن الحكومة لم يعد لها أمل في هزيمة العصابات المدججة بأسلحة ثقيلة والغنية جداً، والتي تشير التقديرات إلى أنها تكسب سنوياً ما بين 15 مليار دولار و25 مليار دولار من الأرباح· وما يعنيه هذا بالنسبة لنا أمر في غاية الأهمية، ذلك أن تدفق المخدرات لن يتوقف؛ وكما ورد في تقرير لقيادة القوات المشتركة، فإن ''أي انزلاق للمكسيك إلى الفوضى سيتطلب رداً أميركياً في مستوى التداعيات الخطيرة التي يطرحها ذلك بالنسبة للأمن الداخلي''· فحسب تقرير وطني يقيم تهديد المخدرات، فإن عصابات المخدرات تنشط في 230 مدينة أميركية، كما أن الولايات الحدودية تعرف عمليات قتل واختطاف· ويريد البعض اتهام المكسيكيين بالافتقار الواضح إلى القوة المعنوية، ولكن ذلك شبيه بمن منزله من زجاج ويرمي الآخرين بالحجارة، لأنه إذا كان معظم أميركا اللاتينية يواجه تهديدات مماثلة، فإن جذور المشكلة تعود إلى التمويل الذي يوفره المستهلكون الأميركيون وفشل الحرب التي أعلناها في الولايات المتحدة منذ 30 عاماً على هذه الآفة· فحسب ''مكتب السياسات الوطنية لمراقبة المخدرات''، ينفق دافعو الضرائب الأميركيون حالياً نحو 21 مليار دولار على جهود تقليص إمدادات المخدرات، 14 مليار دولار منها تنفَق فقط على سجن الأشخاص الضالعين في جرائم مخدرات، حيث ارتفع عدد الأشخاص المعتقلين لارتكابهم جرائم مرتبطة بها عشر مرات خلال الفترة ما بين 1980 و،2007 بعد أن انتقل عددهم من 50 ألفاً إلى 500 ألف· واليوم ما زال الكوكايين متوفراً بسهولة إلى درجة أن سعر بيعه في الشارع انخفض إلى ربع ما كان عليه في ،1981 شأنه في ذلك شأن الهيروين، الذي يشكل مصدر تمويل لـ''طالبان'' في أفغانستان، حيث سقطت الأسعار هناك أيضاً في وقت ارتفع فيه إنتاج نبتة الكوكا والكوكايين إلى مستويات قياسية في منطقة جبال الأنديز· وعلاوة على ذلك، يزدهر أيضاً منتجو الماريجوانا وأقراص الهلوسة المحظورة· وما دام الشيء بالشيء يذكر، فلا بأس من التذكير هنا بأن اثنين من رؤسائنا الثلاثة الأخيرين، إضافة إلى بطلنا الأولمبي مايكل فيلبس، استهلكوا المخدرات ذات مرة· إن الأميركيين اللاتينيين غاضبون بشكل متزايد بسبب الثمن الذي يدفعونه من حيث الأرواح وفساد ديمقراطياتهم· وفي هذا السياق خلص تقرير صدر هذا الشهر إلى أنه ''أمام وضع ما فتئ يزداد سوءاً يوما بعد يوم، لابد من تعديل الاستراتيجية''· إدوارد شوماخر ماتوس كاتب وصحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©