الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا للتدخين (3)

17 أغسطس 2006 00:39
''لمحتها من بعيد، رأيت ملامحها الحزينة، أم تصطحب فتاتين مصابتين بالربو، وحالتهما كسيفة يرثى لها، فهن لا يستطعن التنفس ولا حتى استنشاق الهواء، وحالتهن في وضع حرج، أدخلناها سريعاً الى قسم الطوارئ، وقمنا باللازم، والحمد لله استقرت حالتهما، التفتت الى الأم وسألتها: حالة الفتاتين استقرتا الآن، ولكنهما قابلتان للتعرض الى أزمة أخرى خلال الأيام القادمة أجيبيني ''ياه الوالدة'': من يدخن في بيتكم؟ الأب؟ قالت: لا، الأخ؟: لا، استعجبت منها فقلت: من إذاً؟ قالت برعب وخوف مني: أنا من يدخن! فقلت: أنت يا مربية الأجبال وصانعة الرجال؟ أنت من تدخنين وتقتلين أبناءك يوماً بعد يوم؟ خفت عندما أبلغتني بأنك تدخنين، ولكنك لم تخافي من رب العباد عندما سيسألك عن التدخين!''· قصة رواها الدكتور السعودي الشيخ خالد جبير في إحدى محاضراته، والمغزى من القصة القصيرة هي الكشف عن مستور، والتي تكمن في خطورة التدخين الاجتماعي على الفرد وعلى الأسرة وعلى المجتمع، فأول ما سيعانيه الأبناء من آباء وأمهات مدخنات هو: الإصابة بأمراض مزمنة سترافقهم مدى الحياة، فقد كشفت إحصائيات دقيقة طبية تمت في قارة آسيا، وهو أن 45% من أبناء المدخنين مصابون بأمراض مزمنة كالربو وضيق التنفس، هذا مقابل 5% من المصابين بالربو الذين يعيشون وسط أسر لا تدخن، أي أن أكثر الإصابات بالأمراض هذه هم يعيشون مع مدخنين، وكلنا يعرف أن من يعيش مع مدخنين يعاني الويل والويلات من مختلف الأمراض، التي قد يؤدي البعض من هذه الأمراض الى الهلاك! هذا أول الغيث، وبقية المعاناة تأتي، فتخيلوا معي وضع أسرة يدخن ذووها، أو يدخن رب أسرتها، سواء أكانت الأم أو الأب، ودعنا نتعمق قليلاً في الحياة الزوجية الخاصة بهم، وهو حسن المعاشرة والحياة، فكلنا يعرف رائحة المدخن الكريهة، والتي والله لو اشترى عطور الدنيا، وأسرف في استخدام هذه العطور عليه، لأخفت 20% من رائحته، وبقيت الـ 80% متعلقة بملابسه وفمه وبكل جزء فيه، فأي زوجة تتقبل ذلك؟ وأي إنسانة تستطيع العيش بين رائحة الدخان الكريهة ورائحة الزوج المعفنة؟ ونفس الحال يكون مع الزوج المعاني مع الزوجة إن كانت مدخنة! بالإضافة الى ذلك، فالمشكلة الاجتماعية تكمن في العيش بين أسرة مدخنة، ومجتمعياً العيش وسط أسرة أحد أفرادها يدخن قد لا يشكل لدى البعض مشكلة، ولكن عندما يتعلق الأمر بقدوة هذا المنزل الذي يدخن، ويأمر أبناءه بعدم التدخين يجعلنا نتوقف ونتفكر، هل سيسمع الابن كلمة أبيه في هذا السياق؟ لا طبعاً، فعندما يكون القدوة مدخنا، لا نستبعد أن الأبناء سيمشون على ملة أبيهم، وكم من سيجارة أدت الى الكبائر، وسيجارة الابن قد تختلف كثيراً عن سيجارة الأب، فسيجارة الابن قد تكون محوطة بجهل الأب، وجعل الأم، وابتعادهم عن مصالح أبنائهم، ليكون لرفاق السوء البطولة في مثل هذه القصص، الذين يزينون سوء العمل، وقد تؤدي هذه السيجارة الى اقتناء الحشيش والمخدرات والحبوب الممنوعة، وتنتهي حكاية هذا الموال بنهاية لا يحمد عقباها! أرأيتم ماذا تؤدي السجائر؟ هذا قليل من كثير، فموضوع التدخين وآثاره الاجتماعية كثيرة لا يتسنى لي ذكرها لكثرتها، وهذه الآثار سيسأل فيها كل ولي أمر مدخن يوم يقف على الصراط عندما يقابل ربه، وهنا دعوني أطرح أسئلة قد تلم ما في جعبتي: كم من بيت يا ترى هدمت السيجارة أركانه؟ وكم بيتا آذت هذه السجائر ربة المنزل وأولادها؟ وكم سيجارة أزعجت الجيران وظلمت عشرتهم لتطال المجتمع، وتقضي على أبنائه وتنشر الرذيلة والمحرمات والمعاصي في ردهاته؟ الله تعالى حرص على سلامة المسلم، وحذر وتوعد الذين يؤذونه، ونأتي نحن في الأخير لنهدم قيمنا ونقضي على صحتنا وعلى مصالح من حولنا بسيجارة! نأمل الاستفادة ونتأمل التفكير من قبل المدخنين بواقع حالهم، فالتغيير الجذري يجب أن يطال حياتهم، ويجب أن يردعهم عن السيجارة، فهل يا ترى يستطيع المدخن أن يترك السيجارة؟ نعم يستطيع ذلك، فليس هنالك من مستحيل في حياتنا· ريا المحمودي رأس الخيمة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©