الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إطاحة الأسد... بالضغط على «حزب الله»

إطاحة الأسد... بالضغط على «حزب الله»
21 يوليو 2013 22:58
جوناثان ستيفينسون أستاذ الدراسات الاستراتيجية في كلية الحرب البحرية الأميركية، وعضو سابق في مجلس الأمن القومي عرّضت الأزمة السورية مبدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما في مجال السياسة الخارجية، والمسمى «الواقعية المستنيرة»، لأشق اختباراته. فتدخل أوباما العسكري المباشر في تلك الأزمة، يمكن أن يزج بالولايات المتحدة في حرب أخرى مفتوحة النهايات في الشرق الأوسط، كما أن عدم القيام بشيء سيعني إخفاقه في الوفاء بالتزامات الولايات المتحدة الإنسانية، وإلحاق الضرر بمصالحها الإقليمية في آن معاً. لكن العائق الوحيد للتوصل لصفقة سياسية بصدد تلك الأزمة، يتمثل في العناد الوحشي للرئيس السوري. ورغم ذلك فثمة خيار يمكن للولايات المتحدة اتخاذه للضغط على الأسد. فأقوى حافز يمكن أن يدفع الأسد للتوصل لتسوية مقبولة، في نظري، هو فقدان الدعم الذي يقدمه له «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران، والذي يتصاعد الغضب ضده في بلده حالياً بسبب تدخله لجانب النظام السوري. ويمكن للولايات المتحدة استغلال هذه الفرصة، حتى لو كانت تعني التفاوض مع إيران، لكبح جماح وكيلها اللبناني في المنطقة. و«حزب الله» يمثل ورقة الأسد الرابحة؛ فبدون العون الذي قدمه آلاف المقاتلين التابعين له، ما تمكنت قوات النظام السوري من استعادة مدينة القصير ذات الأهمية الاستراتيجية في مطلع يونيو الماضي، ولوجدت صعوبات جمة في السيطرة على دمشق وغيرها من المناطق الرئيسية. ومن ناحيته ينظر الحزب إلى سوريا باعتبارها قناة مرور شحنات الأسلحة القادمة إليه من راعيه الإيراني، والذي يرى من الأفضل له أن تحكم سوريا من قبل حليف لطهران مثل الأسد، من أن تحكم من قبل متمردين سنّة مناوئين لها. لكن ليس من الواضح إن كان مسؤولو «حزب الله» يعتبرون الحرب في سوريا حرباً ضرورية بالنسبة لهم. فعقب التفجير الذي وقع في يوليو 2012، وأدى لمصرع عدد من كبار أعضاء فريق الأسد للأمن القومي، كان من المرجح حينئذ أن «حزب الله» قد يفكر في إمكانية الحياة من دون الاعتماد على نظام الأسد. لكن ما حدث هو أن زعيم الحزب (نصرالله) قرر فجأة أن يضاعف رهاناته في الأزمة السورية لصالح مساندة النظام، انطلاقاً من دوافع الولاء لإيران. ورغم أن «حزب الله» يعتبر أقوى جماعة من المنظمات المعروفة باسم «المنظمات دون مستوى الدولة»، فإنه لا يمتلك المعدات الموجودة لدى جيش دولة كبير، مما يجعله عرضة بشكل حاد لما يعرف بـ«التمدد الزائد» الناتج عن انتشار قواته على مساحة كبيرة، ما يؤدي لإنهاكه واستنزاف قواه. فمع وجود الآلاف من مقاتليه في سوريا حالياً، والاحتمال القائم دائماً بنشوب حرب بينه وبين إسرائيل في أي لحظة، يمكن اعتبار أن الحزب ربما يكون قد وصل لآخر مدى يستطيع الذهاب إليه لإنقاذ نظام الأسد. وداخل لبنان يحظى دعم «حزب الله» لنظام الأسد بدرجة قصوى من عدم القبول. وقد أدى ذلك لوقوع مصادمات بين السنة الموالين للمعارضة السورية المسلحة، وبين الشيعة الموالين للنظام السوري في بيروت وأماكن أخرى. وفي الشهر الماضي، هاجم المقاتلون السوريون مواقع «حزب الله» داخل الأراضي اللبنانية للمرة الأولى. ورغم ذلك يحجم «حزب الله» عن التصعيد داخلياً مخافة دفع المليشيات السنية للاحتشاد ضده. وفي الآن ذاته، أدت الأزمة السورية إلى إنهاك قدرة قوات الأمن اللبنانية على كبت العنف الطائفي، وأجبرت رئيس الوزراء على تقديم استقالته، وتأجيل الانتخابات، وحدوث شروخ في الديمقراطية اللبنانية الهشة. «حزب الله» حزب براجماتي، يضع أهمية خاصة للمحافظة على استقرار لبنان، وعلى شرعيته السياسية التي نجح في بنائها هناك. لكن إذا ما أخذنا في اعتبارنا صلابة المعارضة السورية المسلحة، وتذبذب الأوضاع في لبنان، فإن قادة الحزب الآخرين قد يكونون متشككين في صحة القرار الذي اتخذه نصرالله للدخول بكامل قوته في سوريا. ومع أن إيران تقدم السلاح والمال للنظام السوري، فإن إحجامها الملحوظ عن نشر مقاتلين على الأرض، والتعرض لخسائر في سوريا، يشير إلى أنها حريصة على التزام جانب الحذر. الطريق لقلب «حزب الله» يمر عبر إيران، وعلى إدارة أوباما أن تعمل، حتى وإن كان ذلك على مضض، على إقناع إيران بالتحول لمشارك في المفاوضات من أجل التوصل لصفقة سلام في سوريا، خصوصاً وأن الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني يريد تحسين علاقات بلاده مع الدول العربية الداعمة لمقاتلي المعارضة السنية. وعلى الولايات المتحدة من جانبها أن تكون مستعدة للقبول بسيناريو يتم بموجبه تقاسم السلطة والمحافظة على دور للطائفة العلوية التي ينتمي إليها نظام الأسد، في أي حكومة سورية مقبلة. بعض الإسرائيليين يرون أن الحرب الأهلية في سوريا قد استنزفت نظام الأسد و«حزب الله» وأدمت إيران. ورغم أن تلك الرؤية تبدو متفائلة لأول وهلة، فإنها تخفي رؤية أخرى مؤداها أن تأثير تلك الحرب قد يتسرب عبر الحدود ويؤدي لزعزعة الاستقرار في لبنان والأردن، بل وحتى تركيا، كما يمكن أن تؤدي لتصعيد حرب الوكالة التي تدور بالنيابة عن دول إقليمية رئيسية، وإلى مواجهات أكثر مباشرة وخطورة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى ثني إيران عن إنجاز التسوية النووية التي تحتاج إليها الولايات المتحدة بصورة ماسة. الاستراتيجية الأكثر وعداً بالأمل، هي قطع شريان حياة الأسد، من خلال كبح جماح «حزب الله»، عن طريق إيران. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©