الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التشريعات العربية حجر عثرة أمام التحول إلى اقتصاد المعرفة

18 أغسطس 2006 01:03
أمل المهيري: يمثل الاقتصاد الرقمي منظوراً جديداً في بيئة الأعمـال، فكراً وفلسفـة واتجاهاً وممارسـة· فنماذج الأعمال التقليدية لم تعد قادرة على مواجهة متطلبات هذا العصر الديناميكي الدائم التجدد· وقد برز مفهوم الإدارة الرقمية خلال مرحلة معالجة المعرفة وتنامي العولمة والتحالفات والاستراتيجية الكونية؛ ليشير إلى خروج أنماط الإدارة التقليدية وقنوات تدفق المعلومات عن السيطرة· وأصبحت الدول والمجتمعات والأعمال التي تمتلك مفاتيح الإدارة الرقمية والقيادة الافتراضية في وضع يؤهلها لجني ثمار الاقتصاد الرقمي الجديد من خلال تحقيق وضمان أعلى مستويات الميزة التنافسيـة· ويأتي كتاب الإدارة الرقمية المجالات والتطبيقات، للمؤلف بشير عباس العلاق، الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، ليكون معيناً للدارسين والباحثين ورجال الأعمال، في التعرف إلى عالم الإدارة الرقمية من حيث النشأة والمفهوم والآليـات والمجالات والتطبيقات· وهو يهدف إلى تنمية الوعي والمعرفة لدى القيادات الإدارية والخبراء بالآفاق والاتجاهات والخبرات العالمية المعاصرة في حقل الإدارة الرقمية ومجالاتها وتطبيقاتها· يمثل الاقتصاد الرقمي منظوراً جديداً تماماً في بيئة الأعمال، فكراً وفلسفة واتجاهاً وممارسة· فنماذج الأعمال التي سبقت ولادة عصر التكنولوجيا والاتصالات والمعرفة ونظمها، لم تعد قادرة على مواجهة متطلبات هذا العصر الديناميكي الدائم التجدد وعلى تلبيتها· ونتيجة لتسارع وتيرة التغير التكنولوجي والمعرفي، أصبحت عملية تنفيذ نشاطات الأعمال وخططها هدفاً متحركاً عصياً على المتابعة برغم توافر كل تقنيات العمل الحثيث وأساليبه؛ فالعالم الرقمي بات يتحرك وينمو ويواصل مسيرته العاصفة بوتائر تفوق كثيراً قدرة منشآت الأعمال على التكيف والتفاعل معه· وبرز مفهوم الإدارة الرقمية خلال مرحلة معالجة المعرفة وتنامي العولمة والتحالفات والاستراتيجية الكونية ليشير إلى خروج أنماط الإدارة التقليدية وقنوات تدفق المعلومات عن السيطرة· وأصبحت الدول والمجتمعات والأعمال التي تمتلك مفاتيح الإدارة الرقمية والقيادة الافتراضية في وضع يؤهلها لجني ثمار الاقتصاد الرقمي الجديد من خلال تحقيق وضمان أعلى مستويات الميزة التنافسية، التي أصبحت من سمات منشآت الأعمال والمنظمات القادرة على تفعيل التكنولوجيا، وترسيخ قوتها، والانتفاع بقدراتها التمكينية وهي قديرة في هذا المجال· وصارت الأعمال الإلكترونية - ومن بعدها الخدمات الإلكترونية - تديرها إدارات رقمية تمتلك خبرات الإدارات الحديثة والمبتكرة، بالإضافة إلى الخبرات الاتصالية والمعرفية والتقنية الراقية؛ وهكذا تغير أسلوب أداء الأعمال في بيئة العمل الرقمية البديلة تغيراً تاماً· وقد جاءت مادة الكتاب لتلامس ملامسة حقيقية احتياجات الإدارة العربية، وهو يهدف إلى تنمية الوعي والمعرفة لدى القيادات الإدارية والخبراء بالآفاق والاتجاهات والخبرات العالمية المعاصرة في حقل الإدارة الرقمية ومجالاتها وتطبيقاتها· وإذا كان المؤلف قد ركز في صفحات الكتاب على تجارب الدول المتقدمة في مجال الإدارة الإلكترونية، فإنه بهذا يحاول أن ينبّه بشكل غير مباشر على التحديات التي تطرحها التكنولوجيا الرقمية على إدارة الدولة والاقتصاد في العالم العربي· وقد اعتمد الكتاب على عدد كبير من المراجع الأجنبية المتخصصة، كما خصصت فصوله في معظمها لتطبيقات الإدارة الرقمية ومجالاتها في عالم الأعمال وفي شتى مجالات العلوم الإدارية· تعد الإدارة الرقمية أو ما يسمى أيضاً بالإدارة الإلكترونية مفهوماً مبتكراً أملته المراحل المتقدمة من ثورة تكنولوجيا المعلومات واقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي وأسهمت في تكوينه وانتشاره برمته· فالإدارة الرقمية تترعرع وتنمو في بيئة الابتكار والخلق والإبداع، وتستمد قوتها من المعين الذي لا ينضب من الفكر التكنولوجي والإبداع المعرفي الذي أصبح سمة من سمات الاقتصاد الرقمي· كما تمثل الإدارة الرقمية أسلوب عمل مفتوح لتسيير الأعمال والنشاطات الافتراضية، يختلف عن كل الأسس والمبادئ والآليات في الإدارة الحديثة ذات النهج المكاني الضيق· ولعل أفضل تجسيد لحيوية الإدارة الرقمية وديناميكيتها ودورها في تفعيل نتائج الأعمال وتعظيمها، هذا التحول الكبير والملحوظ الذي تشهده بيئة الأعمال اليوم، من الإدارة المكانية الحديثة الى الإدارة الرقمية الافتراضية؛ حيث تتسارع خطى الشركات والمنظمات والمؤسسات الكبيرة الحجم والمتوسطة والصغيرة لتنتقل بشكل نوعي إلى عالم الإدارة الإلكترونية الافتراضية تاركة وراءها كل ما تعلمته عن الإدارة المكانية الحديثة· والواقع أن الأعمال الإلكترونية برمتها صارت تحتاج إلى إدارة رقمية تتولى مهام تسييرها وصولاً إلى الأهداف الجديدة المنشودة· ولم تعد نماذج الإدارة الحديثة أو الأعمال التقليدية تصلح للبيئة المتنامية كماً ونوعاً· وهكذا ظهرت بيئة العمل البديلة وهي العالم الافتراضي الرقمي الذي يوجد فيه العاملون بأعمالهم وتقنياتهم وليس بأجسادهم، ويقومون بتسيير أعمال منظماتهم ونشاطاتها من خلال الإدارة الرقمية حصراً· تتكون الإدارة الرقمية في المنظمات من متغيرات أساسية تلعب تكنولوجيا المعلومات وإدارتها دوراً أساسياً فيها، وهذه المتغيرات هي: استراتيجية المنظمة، والأفراد، وثقافة المنظمة، وتكنولوجيا المعلومات في إطار من البيئة المتفاعلة الداخلية من خلال الشبكة الداخلية )Internet( والبيئة السريعة التغير من خلال الشبكة الخارجية (Extranet)· ويميز الكتاب بين الإدارة الرقمية وإدارة المعلومات· فالرقميات (Digitals) تعمل في فضاء غير ملموس بينما المعلومات تعمل في فضاء ملموس وغير ملموس في آن معاً· ومن الخطأ المزج بين الرقميات والمعلومات؛ فمازال كثير من المعلومات يعرض من خلال مادة ملموسة (في الكتب والمجلات والصحف والبيئة المادية برمتها) أو بوساطتها، أما الرقميات فهي ليست مجرد رقميات؛ فمن خلالها يمكن نقل أشياء كثيرة وتوصيلها بالإضافة إلى المعلومات· وثورة الرقميات هي التي أذنت بمجيء الاقتصاد الرقمي والإدارة الرقمية· أما موقع الأعمال الإلكترونية في الإدارة الرقمية فيمكن توصيفها بأنها (توليفة) شبكية إلكترونية من البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات، والتطبيقات البرمجية وتكنولوجيا الإنترنت وغيرها؛ بما يتيح تبادل المعلومات، وتنفيذ النشاطات والعمليات، وصوغ استراتيجيات الأعمال وتطبيقها بكفاءة وفاعلية· وتضم الأعمال الإلكترونية مجالات رئيسية مهمة - بالإضافة إلى التجارة الإلكترونية - وهي: مجالات إدارة المعرفة، والعمليات؛ ففي الوقت الذي تربط نظم الأعمال الإلكترونية الإدارات والعاملين ببعضهم بعضاً داخل المنظمة عن طريق شبكة الإنترنت تسمح هذه النظم بتقديم خدمة تفاعلية للزبائن، ولقاءات افتراضية بهم· وهكذا نرى أن الإدارة الرقمية بوصفها منظومة متكاملة وبنية وظيفية وتقنية مفتوحة هي إطار يشمل: الأعمال الإلكترونية للدلالة على الإدارة الإلكترونية أو الرقمية للأعمال، والحكومة الإلكترونية للدلالة على الإدارة الرقمية العامة أو الإدارة الرقمية لأعمال الحكومة الموجهة إلى المواطنين، أو الموجهة إلى الأعمال، أو الموجهة إلى مؤسسات الحكومة المختلفة ودوائرها· فالإدارة الرقمية هي تكوين أشمل وأوسع من الأعمال الإلكترونية مثلما أن الأعمال الإلكترونية نفسها هي أوسع وأشمل من التجارة الإلكترونية· أما البعد الآخر للإدارة الرقمية فهو الإدارة العامة الإلكترونية للأعمال والوظائف الحكومية الموجهة إلى المواطنين أو قطاع الأعمال أو بين مؤسسات الدولة ووكالاتها وأجهزتها عبر استخدام منظومات تكنولوجيا المعلومات والشبكات· أي أن الحكومات الإلكترونية - ببساطة -هي إنتاج الخدمة العامة وتقديمها باستخدام الوسائل الإلكترونية· وبعد أن تناول المؤلف مجالات الإدارة الرقمية وتطبيقاتها بالتفصيل في فصول الكتاب التسعة الأولى، فقد آثر أن يخصص جزءاً مهماً من كتابه لدراسة تطبيقات الإدارة الرقمية في العالم العربي، وذلك في الفصل العاشر والأخير من الكتاب، حيث يستطلع في هذا الجزء الواقع والتطبيقات والفرص والآفاق في الإدارة الرقمية في العالم العربي بشكل عام، مع التركيز على تجارب بعض الدول العربية في هذا المجال، والتي تتوافر عنها معلومات يمكن الاعتماد عليها· ومن أبرز هذه التجارب تلك التي أقدمت عليها كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية، وهي تجارب تؤكد بما لا يقبل الشك أن الإرادة السياسية والنظرة العقلانية للأحداث، والصبر والإصرار، والتضحية هي من العوامل الداعمة والمسهّلة للانتقال بشكل متأنٍ ومدروس إلى عصر الإدارة الإلكترونية· ويسلط المؤلف الضوء على هاتين التجربتين في هذين البلدين العربيين· إن تحليل واقع الإدارة الرقمية في البيئة العربية يتطلب بالضرورة دراسة عناصر البنية التحتية للأعمال الإلكترونية والسلطات الإدارية العليا الداعمة لها أيضاً والتي تشكل معيار نظم تكنولوجيا المعلومات وأدواتها، وهو ما يقدمه الكتاب بين طياته· ويذهب المؤلف إلى أن ثمة تحديات كبيرة تواجه تطبيق الإدارة الإلكترونية في البيئة العربية، وهي تحديات تحتاج إلى إرادة عربية قوية، على أعلى المستويات، لمواجهتها والتغلب عليها تمهيداً لدخول عصر اقتصاد المعرفة والانتفاع منه·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©