أيام ويهل علينا شهر رمضان المبارك، ويبدأ “مولد” الفضائيات الدرامي، حيث يتم عرض عشرات المسلسلات في وقت واحد ليقع المشاهد في الحيرة المعتادة التي يعاني منها كل عام، فهو لا يملك سوى الإمساك بالريموت، والجلوس أمام الشاشة يطارد هذا المسلسل، ويحوّل مؤشر التلفزيون عن ذاك، الذي اكتشف بعد عدة حلقات، أنه لا يرقى لمستوى المشاهدة، ولا يستحق الضجة التي أثيرت حوله قبل رمضان بشهور، الأمر الذي قد يصيبه بخيبة أمل، ولا يجد أمامه سوى كظم غيظه والعفو عن فريق عمل المسلسل الهابط، في شهر كريم..
أما عن إعلانات القنوات الفضائية، التي تؤكد أن المسلسل الفلاني “حصري” على شاشتها، فحدث ولا حرج، فالمشاهد يفاجأ بأن المسلسل الذي ينتظره حصرياً على قناة ما، ويجلس أمام الشاشة في انتظار الفرج، يكتشف أن هذا العمل الدرامي يتم بثه على كل القنوات الفضائية والأرضية، وقد يجده على القمر الأوروبي أيضاً، حتى أنه قد يتهم نفسه بالجهل، لأنه لم يفهم معنى “الحصري”، والذي أصبح الآن، فيما يبدو يشير إلى عرض المسلسل على كل القنوات “حصرياً” أيضاً، الأمر الذي يمثل عدم احترام وخداع المشاهد.
وهناك من يسأل عن سبب استخدام القنوات جميعها لكلمة “حصري”، والجواب يكمن في “بطن” المنتج الذي يحاول حصد أكبر ربح من وراء مسلسله، الذي “دفع فيه دم قلبه”، من نجم شباك يتقاضى الملايين، إلى المؤلف والمخرج وباقي فريق العمل بأجورهم المتفاوتة بالملايين أيضاً.. لذا يلجأ المنتج إلى بيع المسلسل إلى أكثر من قناة في وقت واحد.. وحتى “تجر هذه القناة أو تلك “رجل الزبون/ أقصد المشاهد”، تخرج بإعلاناتها عليه وتؤكد أن هذا المسلسل حصري على شاشتها، ولا يجد المشاهد المغلوب على أمره سوى أن يصدق الإعلان ويبدأ في متابعة هذه القناة رغماً عنه لأنها تعرض الدراما التي تروق له، ثم يكتشف أن القناة هذه لا تهتم بالمسلسل ولا بالمشاهد ولا بالحصري، ولكن كل اهتمامها ينصب على عرض أكبر كم من الإعلانات وقت عرض المسلسل، والذي يتحول إلى فواصل وسط إعلانات السمنة والزيت والشيبسي وأدوات النظافة، وغيرها من السلع التي تطارد المشاهد طوال العام، في نفس الوقت، الذي يشكك في قدراته الذهنية، نتيجة الكم الهائل من المسلسلات المعروضة أمامه، ما يجعل الأحداث الدرامية تتداخل وتتشابك، لدرجة أنه لا يعرف بطل هذا العمل من ذاك، وقد ينتظر حدثاً في مسلسل، ويكون هذا الحدث في عمل آخر لنجم مختلف، وكأنه يعاني من أعراض “الزهايمر”.. !
soltan.mohamed@admedia.ae?
عدد اليوم
