الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حفصة بنت سيرين .. فقيهة جيل التابعين

23 يناير 2014 21:29
أحمد مراد (القاهرة) - تُعد السيدة حفصة بنت سيرين واحدة من أبرز العالمات الفقيهات في جيل التابعين، وتتلمذ على يديها مشاهير الفقهاء، عاشت وتربت بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وظلت طوال حياتها تخدم الإسلام بعلمها، وكانت امتداداً لمنهج النبي في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. بعد معركة ذات السلاسل انفتحت مدن العراق أمام جيش خالد بن الوليد رضي الله عنه، وكان سيرين والد حفصة في جملة الغلمان الذين سبوا، فكان من نصيب أنس بن مالك رضي الله عنه، وتزوج سيرين من صفية مولاة أبي بكر الصديق، وقد تولت تطييب صفية في عرسها ثلاث من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وحضر زفافها عدد كبير من الصحابة، فيهم ثمانية عشر بدرياً، منهم أُبي بن كعب، وكان يدعو وهم يؤمنون على دعائه. حفظ القرآن ولدت حفصة بنت سيرين في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 31 هجرية، وعن أبي العالية قال: كانت حفصة بنت سيرين أكبر ولد سيرين من الرجال والنساء من ولد صفية، وكان ولد صفية محمد ويحيى وحفصة وكريمة وأم سليم وأخاها التابعي الجليل محمد بن سيرين. وكانت حفصة حريصة منذ صغرها على حفظ القرآن، حتى أنها حفظته وهي ابنة اثنتي عشرة سنة، وكانت تقرأ نصف القرآن في ليلة واحدة، وكان أخوها ابن سيرين إذا استشكل عليه شيء من القرآن، قال: اذهبوا، فاسألوا حفصة كيف تقرأ. ونهلت حفصة من معين علم النبوة منذ طفولتها عن طريق صحابة النبي صلى الله عليه وسلم رجالاً ونساء، حتى أصبحت العالمة التي تعلَّم على يديها الكثير من العلماء ممن يشار إليهم بالبنان، كأيوب السختياني، وقتادة بن دعامة السدوسي، وهشام بن حسان، وخالد الحذاء. كثيرة الصيام وكانت حفصة تدخل مسجدها تصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، ولا تزال فيه حتى يرتفع النهار، ثم تخرج فيكون ذلك أوان وضوئها ونومها، حتى إذا حضرت الصلاة عادت إلى مسجدها مرة أخرى، وكانت كثيرة الصيام، طويلة القيام، وتقول خادمتها حينما سُئلت: كيف رأيت مولاتك حفصة؟ قالت الجارية: إنها امرأة صالحة، كأنها أذنبت ذنباً عظيماً، فهي تبكي الليل كله وتصلي. وكان ذكر الموت لا يفارقها، فهي تعلم أن الدنيا أيام معدودة، فإذا ذهب يوم فقد ذهب بعضها، لذا كانت تتوقع الموت في كل لحظة، حتى روِي أنها كانت تحتفظ بكفن دائم لها هو جزء من ملابسها، فإذا حجت وأحرمت لبسته، وإذا جاءت الأيام العشرة الأخيرة من رمضان لبسته لتقيم فيه. وروى أحد تلاميذها عنها قال: كانت تجلس إلينا وهي العجوز وقد لبست جلبابها وتنقبت به حتى إن أحدهم أشفق عليها، فقال لها ذات يوم: رحمك الله أما قال تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ)؟ فقالت له بهدوء: وأي شيء بعد ذلك؟ فأتم الآية، وقرأ: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ)، «النور: الآية 60»، فترد عليه: في هذا إثبات الجلباب، وهكذا كانت تأخذ بالعزائم ولا تتبع الرخص. وكانت حفصة تقول: يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب. العبادة وروي عن إياس بن معاوية قال: ما أدركت أحدا أفضله عليها - يقصد حفصة-، وقال: قرأت القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة، وعاشت سبعين سنة، فذكروا له الحسن وابن سيرين فقال: أما أنا فما أفضل عليها أحداً. ويقول ابن أبي داود: سيدتا التابعيات حفصة بنت سيرين وعمرة بنت عبد الرحمن وتليهما أم الدرداء، وعن هشام بن حسان قال: قد رأيت الحسن وابن سيرين وما رأيت أحداً أرى أنه أعقل من حفصة. وقال عنها الذهبي: روت عن أم عطية، وأم الرائح، ومولاها أنس بن مالك، روَى عنها أخوها محمد، وقتادة، وأيوب، وخالد الحذاء، وابن عون، وهشام بن حسان، وقال مهدي بن ميمون مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة أو قضاء حاجة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©