الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإعلام الجديد يطوي صفحة صناعة الرأي العام

الإعلام الجديد يطوي صفحة صناعة الرأي العام
10 أغسطس 2014 22:18
قبل سنوات قليلة كانت أبحاث الرأي العام تحتل حيزا واسعا في اللغة اليومية للمجتمعات المعاصرة، إلا أن انتشار وسائل التواصل الجديدة خففت من استعمالات ذلك، ليس بسبب عدم أهميتها بل بسبب صعوبتها المتزايدة مع التحولات النوعية في وسائل التأُثير في الناس. مفاهيم تقليدية بينما كانت المفاهيم التقليدية للرأي العام تكثر من استخدام مفردات، مثل «الجماهير» ازدادت مؤخرا مفردات بديلة مثل «المستخدم» في دلالة على مزيد من الفردية الطاغية في استعمال التكنولوجيا الجديدة للتواصل والإعلام. وبينما كان الباحثون يركزون أبحاثهم منذ الحرب العالمية الثانية على مجالات محددة لقياس الرأي العام، تبرز حاليا الحاجة لمعرفة مفاتيح تشكّل الرأي العام والمؤثرات فيه. وكانت الأبحاث تقوم على معرفة انعكاس رسائل تلفزيونية محددة بدقة وتتبع تأثيرها على سلوك المشاهدين. كما كانت استطلاعات الرأي اللاحقة تشير إلى حجم التأثير الكلي لمجموع الرسائل والوسائل الإعلامية التي مرت عبرها. واستطاعت بعض دراسات علماء النفس والاتصال رصد كيفية سريان الرسائل الإعلامية داخل تكوينات الدماغ. كان كل ذلك ممكنا يوم كانت الجماهير تتلقى رسائل «جماهيرية»، كمثل نشرات الأخبار المسائية التي يتسمر حولها ملايين المشاهدين في وقت محدد، أما اليوم، ورغم استمرار وجود تأثير الوسائل التقليدية هذه، إلا أن شبكة الإنترنت واستخداماتها التفاعلية، تجعل ذلك صعبا. وبينما كان اجتماع الأسرة حول جهاز التلفزيون أكثر حدوثا وتكرارا بالأمس القريب، باتت الظاهرة الأكثر انتشارا اليوم استفراد كل شخص من الأسرة باستخدام الإنترنت، وهذه الظاهرة تعرف بـ»تفتيت الجمهور» على يد وسائل الاتصال الحديثة. كما إن انتشار»صحافة الصدفة» أو «صحافة المواطن» قلب معادلة الإعلام فأصبح الفرد شريكا في الرسائل ومتحررا من الوسيلة، وغير خاضع إلى تأثيرات الإعلام التقليدية التي كانت تنتج عن معادلة مرسل+رسالة+متلقي، ورد فعل هذا المتلقي. تغير جوهري في كتابه «سوسيولوجيا الإنترنت» يؤكد الدكتور نديم منصوري أن تقنية المعلومات وأدواتها الرقمية أحدثت «تغييرا جوهريا في طبيعة الآليات الإعلامية التي يمارسها الإنسان، بعد أن منحته فرصة جمع كم هائل من البيانات في بيئة رقمية توفر له فرصة تحليلها إلى عناصرها الأولية، وإعادة تشكيل مادتها بالطريقة التي يريد، مع توفر فرصة زج الوسائط المتعددة المفعمة بالمؤثرات السمعية والبصرية». ويشير منصوري إلى أنه بعد الإنترنت «لم تعد علاقة الإعلام بالرأي العام تقتصر على المفهوم المحدود للإعلام التقليدي المرتبط بالمعلومة والإرسال، بل أضحى مفهوما متشعبا يرتبط بالمعلومة والتفاعل، ففقدَ الموجه القديم قدرته على حصر المعلومة ضمن إدارة مركزية توجه الرأي العام، وأصبح مصدر المعلومة متنوعا ومتعددا». وينظر البعض إلى مثل هذه التحولات برضا على اعتبار أنها تشجع التنوع وتخفف من الكبت الإعلامي أو تلاعب الإعلام بالعقول، ولكن ما يجب توقعه في في المجتمعات التي تكثر فيها المعاناة حدوث انقلابات بعضها قد يسبب مزيدا من نزف الدم. (أبوظبي- الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©