الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انحسار المضاربة يرفع إنتاجية المجتمع

19 أغسطس 2006 01:39
بقلم - زياد الدباس: الاستثمار في أسواق الاسهم بطبيعته استثمار طويل الأجل والمخاطر فيه مرتفعة مقابل العديد من الادوات الاستثمارية الأخرى ومكاسبه على المدى الطويل متميزة والتي تتكون من الارباح النقدية السنوية والأسهم المجانية التي توزع على المساهمين كل عدة سنوات اضافة الى المكاسب الرأسمالية والتي تمثل الفرق بين سعر الشراء وسعر السوق أو سعر البيع، لذلك عادة ما يركز المستثمرون على الأجل الطويل على أسهم الشركات التي تتميز بنمو سنوي في صافي أرباحها والذي يعكس كفاءة وقوة إدارتها والاستغلال الأمثل لمواردها حيث ان النمو السنوي في صافي الأرباح عادة ما ينعكس بصورة ايجابية على توزيعاتها وحقوق مساهميها وسعرها في السوق والأداء المتميز لسوق الأسهم الإماراتي خلال الأعوام القليلة الماضية· ولأسباب اشرنا اليها في عدة مناسبات شجع أعداد كبيرة من المستثمرين في دخول سوق الأسهم والاستفادة من الفرص التي يوفرها السوق، الا ان الملفت للانتباه ان نسبة مهمة من هؤلاء المستثمرين فضلوا المضاربة على الاستثمار الطويل المتوسط أو الطويل الأجل طمعاً في تحقيق ثروة سريعة وشجعهم على ذلك سهولة البيع والشراء ومتابعة حركة الطلب والعرض سواء من خلال مكاتبهم أو منازلهم أو من خلال مكاتب الوسطاء أو قاعات التداول في سوق أبوظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالي والقاعات التي وفرها سوق أبوظبي في رأس الخيمة والشارقة والفجيرة إضافة الى التداول الالكتروني والمؤسف· والملفت للانتباه ان اعدادا كبيرة من العاملين في القطاع العام وفي الدوائر الحكومية المختلفة إضافة الى العاملين في القطاع الخاص هجروا مكاتبهم وتفرغوا لمتابعة حركة التداول في أسواق الأسهم مما اثر على انتاجية القوى العاملة في الإمارات والواقع انه لا توجد احصائيات رسمية في دولة الإمارات توضح تكلفة الهدر اليومي والأسبوعي والشهري للوقت من قبل العاملين في الدولة وفي القطاع الخاص سواء من المواطنين أو من المقيمين خاصة وان المعلومات الصادرة عن أسواق المال في الدولة تشير الى انخراط عدد كبير ونسبة مهمة من الإماراتيين في أسواق الاسهم إضافة الى وجود نسبة مهمة من المقيمين ذوي الدخول العالية ومن مختلف الجنسيات· والهدر اليومي للوقت يتضمن التأخير عن الدوام والتسرب خلال ساعات العمل وظاهرة الغياب عن العمل ايضا اضافة الى انشغال عدد كبير من العاملين خلال ساعات الدوام بمتابعة حركة التداول من خلال مواقع الاسواق المالية والذي ادى بدوره الى تعطيل مصالح الناس في الأجهزة الحكومية وانعكاسه سلبياً على انتاجية العاملين في القطاع الخاص وبعض الدوائر والمؤسسات الحكومية· وفي القطاع الخاص وضعت قيود على استخدام الانترنت اثناء ساعات الدوام والعمل الرسمي، ولاحظت خلال العام الماضي وفي بداية هذا العام تواجد اعداد كبيرة من الاطباء والمهندسين واصحاب المهن الأخرى في صالة التداول في البنك وقد تركوا أعمالهم الاساسية وتفرغوا لمتابعة حركة السوق نظراً للمكاسب الكبيرة التي تحققت لهم خلال فترة المضاربة كما ان بعض المهنيين من المقاولين وغيرهم سحبوا أموالهم المخصصة لمشاريعهم المختلفة واستثمروها في سوق الأسهم مما اثر سلباً على تدفق الاموال على القطاعات الانتاجية المختلفة في الدولة· والمؤسف ان اعدادا كبيرة من المضاربين ونتيجة انخفاض الوعي الاستثماري وارتفاع مستوى الطمع والبحث عن ربح كبير في وقت قصير وظفوا جميع مدخراتهم في سوق الأسهم بالاضافة الى حصولهم على قروض من البنوك مقابل رهن رواتبهم والبعض رهن بيوتهم لتوظيف أكبر سيولة ممكنة في سوق الأسهم وتراجع مؤشرات الاسواق سببت لهم مشاكل كبيرة اقتصادية ومالية واجتماعية ونفسية بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرضوا لها وفوائد القروض التي يدفعونها شهرياً للبنوك والتي اثرت سلباً على مستوى معيشتهم واسواق الأسهم وتحركات مؤشراتها أصبحت حديث الشارع الإماراتي والذي ينطبق ايضا على معظم المجتمعات الخليجية والعربية الأخرى والتي تعرضت اسواقها المالية لمضاربات شديدة· وخلقت هذه المضاربات ثقافة مالية جديدة تعزز تحمل المخاطر العالية لتحقيق الكسب الكبير على حساب قيم العمل التقليدية ذات العائد المعقول والمتكرر والانتاجية هي الضحية الأولى لهذه الثقافة الجديدة وسيطرة المضاربين على حركة البورصات في المنطقة أجهض المهام الرئيسية لهذه البورصات في عمليات تجميع الأموال اللازمة للتنمية وتعزيز وتوسيع القاعدة الانتاجية وخلق فرص العمل الجديدة والانحسار التدريجي في حركة المضاربة في الاسواق نتيجة موجات التصحيح المستمرة التي تتعرض لها هذه البورصات قلص عدد المضاربين بنسبة كبيرة وساهم بعودة اعداد كبيرة منهم الى أعمالهم الاصلية او الاساسية مما أسهم في رفع تدريجي في مستوى انتاجيتهم وأصبح الوقت المخصص لمتابعة حركة البورصة يتضاءل لحساب الوقت المخصص لمتابعة أعمالهم واشغالهم المختلفة وتمت اعادة جزء من الأموال المستثمرة في الأسواق المالية الى مشاريعهم الانتاجية سواء الخدمية أو السلعية وأصبح عدد المتواجدين منهم في مكاتب الوسطاء وقاعات التداول لا يشكل نسبة تذكر من عددهم خلال العام الماضي وتحول عدد كبير منهم من مضاربين الى مستثمرين على الأجل المتوسط الطويل والمتوسط· ولم تقتصر الاعداد الكبيرة من المضاربين التي دخلت الى سوق الأسهم على الرجال بل استحوذت ايضا على عدد كبير من النساء بحيث خصصت الاسواق أماكن محددة للنساء وخصصت مكاتب الوسطاء أماكن ايضا محددة بالاضافة الى وسيطات لخدمات السيدات واعداد كبيرة من هؤلاء السيدات استثمرت ايضا معظم مدخراتها والبعض باعت حليها من الذهب لتحقيق أرباح سريعة وخلال هذه الايام نلاحظ ايضاً تراجع اعداد السيدات في قاعات التداول وعودتهن الى بيوتهن وأعمالهن الأساسية بعد ارتفاع المخاطرة في الأسواق·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©