الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان في المغرب.. احتفالات رسمية وشعبية استثنائية في القصور الملكية والمساجد والشوارع

رمضان في المغرب.. احتفالات رسمية وشعبية استثنائية في القصور الملكية والمساجد والشوارع
22 يوليو 2013 21:59
تعددت الألوان والأعراق والألسنة بتعدد البلاد والشعوب، فاختلفت العادات والتقاليد عبر دول العالم الإسلامي التي يعيش فيها أكثر من مليار نسمة في شتى قارات العالم، ولا يجمعهم إلا الإسلام تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله». وفي رمضان من كل عام، يتحول المسلمون في شتى ربوع الأرض إلى كتلة واحدة عملاقة، تهيمن عليها روحانيات الشهر الفضيل، فيؤدي الجميع العبادات نفسها من صيام وصلاة وإقبال استثنائي على فعل الخير ونزعة أقوى للتسامح والتواصل مع الآخرين. لكن رمضان بسماحته، يعطي أحبابه في مشارق الأرض ومغاربها فرصة عظيمة ليضع كل مجتمع بصمته ولمساته المستمدة من عاداته وتاريخه على طقوس استقبال ومعايشة الشهر الفضيل. وتنشر «دنيا الاتحاد» على مدى الشهر سلسلة حوارات مع العديد من زوجات سفراء الدول العربية والإسلامية في الإمارات، لإلقاء الضوء على عادات وتقاليد شعوبهن خلال رمضان. بالمدفع والمزمار، يعلنون عن قدوم رمضان في المغرب، فينطلق «النفار» - «المسحراتي» - بهمة ونشاط ليبدأ رحلة سيقطعها يومياً ثلاثين ليلة، وسط طقوس مذهلة توارثها المغاربة على مدار السنين، تعكس هيامهم بالشهر الفضيل، في إطار ثراء حضاري مذهل يبدو في تعقيده مثل الفسيفساء البديعة. وتعد الدروس الحسنية من أبرز مظاهر الاحتفاء برمضان في المغرب. وهي سلسلة محاضرات وضع لبنتها الأولى الملك الحسن الثاني، رحمه الله، حيث تستضيف المملكة نخبة من العلماء الأجلاء من شتى أنحاء العالم لتدارس بعض قضايا الإسلام عبر سلسلة محاضرات، يتناولون فيها بالتحليل والبحث آيات قرآنية وأحاديث نبوية تعالج ظاهرة من الظواهر الاجتماعية أو الأخلاقية أو الفكرية من مختلف جوانبها الشرعية. تنوع تقول السيدة نزيهة بن زاكور حرم السفير المغربي لدى الإمارات، إن رمضان في المغرب له طعم ومذاق خاصين، وبالتحديد في المطبخ المغربي الذي يصنف الثالث عالمياً، ويتمتع بتنوع مذهل لانفتاحه على العديد من الثقافات والحضارات، التي امتزجت بتاريخ المغرب عبر موقعه الجغرافي الفريد على البحر المتوسط والمحيط الأطلنطي. وإذا كانت المائدة الرمضانية المغربية تعرف تنوعاً واختلافاً من منطقة لأخرى، على امتداد ربوعه، فإن اللباس التقليدي الذي مهرت يد الصانع المغربي في تجهيزه يحضر بقوة كبيرة خلال هذا الشهر الفضيل، بحيث تتسابق النساء والرجال على حياكة «الجلابة» والقفطان قبل رمضان بشهور. ويُعرف الشارع المغربي بالاحتشام التام، وتحرص النساء على ارتداء «الجلابة» خلال خروجها للعمل، بينما يتوجه الرجال إلى المساجد لأداء صلاة المغرب والتراويح بالزي التقليدي المغربي الأصيل، وتنشط حركة البيع والشراء في الأسواق. وتنتعش مبيعات محال الحلويات الخاصة بالمناسبة كالشباكية والبريوة وسلو، بالإضافة لمحال بيع المملحات والكروصون وغيرها من الفطائر. وفي المدن العتيقة، تعج الأسواق بالصائمين قبل الإفطار لشراء بعض الحلويات أو الفواكه المتنوعة، كما يقبل الناس على شراء الأسماك لتجهيز أنواع عديدة من المملحات خلال رمضان. وتخيم على مختلف أنحاء المملكة أجواء روحانية مميزة طوال الشهر الفضيل، حيث تغص المساجد بعد أذان المغرب بالمصلين، بل وتفيض بأعداد كبيرة تضطر لأداء الصلاة في الشوارع والأزقة حول المساجد.. بل يسافر البعض خصيصاً لأداء الصلاة في مسجد معين بمدينة أخرى خلال ليلة القدر على الأخص. عراقة المطبخ والتقاليد وعن عادات وتقاليد رمضان في المغرب، الذي يبلغ عدد سكانه نحو 40 مليون نسمة، تقول السيدة نزيهة بن زاكور «يحتفل المغاربة كبقية العالم الإسلامي بشهر رمضان المبارك، ويستعدون مبكراً لاستقباله بتجهيز اللباس الخاص به، وهو لباس تقليدي حافظ عليه المغاربة، وأبدعت الأيادي الماهرة في حياكته؛ ليظل مواكباً للذوق العام، كما تتهيأ الأسر بتزيين البيوت وتغيير المفروشات، إن لزم الأمر، لأن رمضان فرصة تجتمع فيها الأسرة على مائدة واحدة». وفي المجمل، تعكس طقوس رمضان في المغرب، التزاوج المدهش بين الثقافات العربية والأمازيغية والأفريقية والأندلسية التي امتزجت بتاريخ المغرب. وقبل قدوم الشهر الفضيل، تفوح في الأزقة والشوارع بالمدن العتيقة رائحة هي خليط من نكهات عدة، من بينها روائح تحميص الدقيق والينسون وغيرها من المكونات التي تدخل في تجهيز «السفوف» و»سلو»، وهما عبارة عن خليط من اللوز وبعض الحبوب والمطيبات التي تخلط بزيت الزيتون والعسل. وتنتشر أيضاً رائحة تجهيز حلوى «الشباكية» التي تتفنن السيدات المغربيات في تجهيزها مع «البرويات» المحشية باللوز المقلية في الزيت والمحلاة بالعسل. حضور قوي وبعض الحلويات تتسيّد مائدة الإفطار في رمضان؛ لأن المغربي يفطر على الحلو، ويبدأ البعض بتناول الشاي والقهوة والفطائر و»الرغايف» بالعسل والزبدة البلدية، بينما هناك من يختار البدء بشوربة الحريرة، بعد تناول التمر والحليب. تقول حرم السفير المغربي: من الحلويات المعروفة في المغرب على وجه الخصوص، الحلوة «الشباكية» والحلوة «المخرقة» و»سلو» و»الزميتة»، التي تُهيأ بأيام قبل رمضان، وتبقى شوربة الحريرة هي الطبق الرئيسي والأساسي على مائدة إفطار كل مغربي مهما اختلفت مستوياتهم الاقتصادية وقدراتهم المالية دون أن ننسى أنواع الخبز والفطائر من «بغرير» و»ملاوي» و»رغايف»، و»بريوة» وأنواع كثيرة ومتنوعة من الفطائر المحشية، كالبريوات بالسمك، وبسطيلة بأحجام مختلفة وغيرها كثير جداً يتغير بتوالي أيام رمضان. احتفالات شعبانة يستقبل الشهر الكريم بحفاوة خاصة، فالإضافة لتنظيف البيوت وتزيينها وشراء الأواني وتجهيز الحبوب والبهارات والحلويات، فإن النساء تقيم حفلات خاصة بهن. وحسبما تقول عقيلة السفير المغربي «يستقبل المغاربة شهر رمضان باحتفاليات، حيث تتزين النساء بنقوش الحناء والملابس التقليدية الفاخرة، وتسمى هذه الاحتفالات بـ «شعبانة»، ويزيد فيها المرح، وتقدم المأكولات الفاخرة. كما تزيد في رمضان التجمعات العائلية، حيث يحرص المغاربة على صلة الرحم وتناول وجبات الإفطار مجتمعين، فضلاً عن الحرص الشديد على أداء الصلوات الخمس بالمساجد جماعة، وأكاد أجزم بأن جل المغاربة تقريباً يحرصون كحرصهم على الصوم على أداء صلاة التراويح». الزي التقليدي يحضر الزي التقليدي المغربي بقوة خلال الشهر الفضيل، ولا يكاد يرضى المغاربة غيره لباساً خلال هذا الشهر الكريم خاصة النساء. وتقول السيدة نزيهة بن زاكور «ينتظر المغاربة رجالاً ونساء وأطفالاً بشغف كبير حلول شهر رمضان الفضيل ليتبارون في لباس الزي المغربي التقليدي، الذي يختلف ويتنوع بين النهار والليل، فإذا كان لباس النهار هو عادة الجلباب للرجال والنساء يرتدونه عندما يخرجون من بيوتهم متوجهين سواء إلى العمل أو لقضاء مآربهم في الأماكن العامة، فلباس المساء يتنوع بين ما يسمى بالكندورة لدى الرجال والقميص عند النساء، بهذا الزي يستقبل المغاربة أذان المغرب، والخروج إلى صلاة العشاء والتراويح، وهم في أبهى حلة يرتدون أجمل ما لديهم من جلابيب ودراعيات وتطيبوا بأجود العطور، وهكذا يكون المغربي والمغربية قد لبسوا في يوم واحد بين النهار والليل ثلاثة أنواع من اللباس التقليدي المغربي». بين الأمس واليوم ظلت المائدة المغربية وفية للأطباق التقليدية التي تعرفها، رغم ما تفرضه بعض القنوات من برامج عالمية عن الطبخ وتعمل على نقل الأطباق الدولية إلى كل مائدة، لكن رمضان في المغرب له أطباق خاصة لا يتنازل عنها المغاربة. وتقول السيدة نزيهة بن زاكور، إن المائدة المغربية حافظت على مكوناتها الأساسية، لكنها بدأت تأخذ في الاعتبار الدواعي الصحية. وبالتالي بدأت تقلل من الزيوت، وتتجنب المقليات، والإفراط في تناول السكريات. وظهرت أطباق جديدة من المطابخ العالمية مثل حساء «إيلان» و»هربل» و»المقاصرة» كشوربة السمك وشوربة الخضار. وتضيف «تكاد الحريرة تكون علامة بارزة جداً في المائدة المغربية في شهر رمضان، بالإضافة إلى الشباكية والبريوات والرغايف والبغرير، لكن اليوم تغيرت الأمور، بحيث أصبحت المائدة تشمل كل عناصر المعجنات والمقليات والمشاوي والأسماك، والمشروبات، ومائدة الإفطار تختلف من منطقة لأخرى في المغرب حسب امتداده الجغرافي وثقافاته المختلفة». وتعتبر شوربة الحريرة أكلة غنية بمكوناتها، بحيث تشتمل على الطماطم والحمص واللحم والعدس والطحين وغيرها من المكونات، ويتم تناولها مع الحلوى الشباكية والتمر أو البرويات، مما يجعلها توفر كل العناصر المغذية للجسم. عيد الفطر في المغرب للعيد نكهة خاصة جداً في المغرب. ويبدأ التجهيز له خلال الأيام الأولى من رمضان سواء فيما يتعلق بالحلوى أو الملابس. بل يبدأ البعض تجهيز ملابس العيد قبل حلول رمضان، خاصة أن الزي التقليدي يلزمه وقت طويل لتجهيزه، ويشهد الخياطون إقبالاً منقطع النظير، وبعضهم يتوقف عن استقبال أي طلبيات قبل حلول رمضان بأيام قليلة. ويوم العيد يخرج الرجال للصلاة في أبهى حلة، ويرتدي النساء والصغار أجمل الثياب لاستقبال الزوار. ويعد الشاي المغربي والحلويات التي تصنع عادة من اللوز، هما زينة الجلسات العائلية وصباحات العيد، أما مائدة الغذاء فتضم ما لذ وطاب ويحتل الكسكسي مكانة مهمة خلال هذا اليوم. ومن عادات وتقاليد المغاربة في العيد التجمع في بيت الوالدين. وبعد الغداء تبدأ زيارات بقية أفراد العائلة الكبيرة. احتفالات مميزة بليلة القدر في ليلة القدر بالتحديد، يزف المغاربة الأطفال الذين يصومون لأول مرة في مواكب عرس، فالبنت تحمل في الهودج بزينة العروس وحليها، بينما الأطفال يجوبون المكان على صهوة جواد ترافقهم في ذلك فرق موسيقية، وتحولت الظاهرة من تشجيع على الصوم ومكافأة على الصبر إلى مظاهر احتفالية وتجارية. الدروس الحسنية الرمضانية يعتبر رمضان في المغرب له طابع خاص، بحيث تشمله الفضائل الربانية لمجالس الذكر، وتنسدل عليه الفيوضات الرحمانية من خلال السنّة الحميدة التي انتهجتها المملكة المغربية كل عام في رمضان برعاية الملك محمد السادس، باستضافة نخبة من العلماء الأجلاء من حول العالم لإعطاء درس من الدروس الدينية في حضرة الملك، وذلك قبل أذان المغرب بساعة ونصف الساعة. ويبث الدرس الديني مباشرة عبر الإذاعة والتلفزيون. وتستهدف الدروس الحسنية الرمضانية التوجيه والإرشاد وبناء شخصية المسلم المتزن الإيجابي في محيطه ومؤسسته ووطنه. وقد أصبحت الدروس الحسنية ظاهرة ثقافية دينية منذ بدأها الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، عام 1963. وتستقطب هذه الدروس في العادة نخبة علماء الإسلام من شتى أنحاء العالم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©