الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«توكلت على الله ثم عليك» جملة محكومة بالنوايا

22 يوليو 2013 22:01
حسام محمد (القاهرة) - كثيراً ما يردد أحدنا لشخص يريد الاعتماد عليه في عمل شيء معين «توكلت على الله ثم عليك»، وهي جملة رغم بساطتها فإن بها الكثير من المخالفات الشرعية، حيث يقول الدكتور صلاح سلطان أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة: «إن معنى التوكل في اللغة هو تسليم زمام أمور الإنسان إلى الحق سبحانه وتعالى، ويقول تعالى في كتابه العزيز (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، ومعنى هذه الآية أن الجوارح تعمل وعليها أن تأخذ بأسباب الله، والقلوب تتوكل على الحق سبحانه وتعالى». وأضاف: «الفلاح إذا أراد الزراعة لا بد أن يختار البذور، ويحسن التسميد، وأن يقوم بحرث جيد للأرض، وأن ينتظم في مواعيد الري، وأن يحافظ على الزرع من الصقيع مثلاً بتغطيته، فهذا كله من عمل الجوارح، وبعد ذلك تتوكل القلوب على الحق سبحانه وتعالى، فلا يأتي أبداً الفلاح ليقول: المحصول آت لأني أحسنت أسبابي.. لكن يتذكر دائماً الحقيقة، وهي أن فوق الأسباب خالقاً لها، فيقول: لقد فعلت كل ما أستطيع واستنفدت كل أسباب إتقان العمل والله تعالى يقدر لي الخير ويبارك في زراعتي. لقد جاء الإسلام بهذه المعادلة، ليحق الإيمان بإله له طلاقة القدرة يخلق الأسباب، ويخلق بغير أسباب، فالأسباب لجوارح البشر، وفوق الأسباب قادر حكيم، فالإنسان المؤمن حين يعمل يأخذ بالأسباب، وحين يتوكل المؤمن يرجو عطاء الحق سبحانه وتعالى خالق الأسباب». وأشار أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة إلى أن التوكل عمل قلبي لأن فيه التفويض وفيه الاعتماد وفيه الالتجاء وكل ذلك عمل القلب، وإذا كان هو من عمل القلب فلا يصلح إلا لله، فلهذا ليس فيه ترتيب ثم عليك لأنه كله لله، فالتوكل يكون على الله فحسب، فالتوكل هو تفويض الأمر إلى الله جل وعلا بعد بذل السبب، إذا بذل السبب فوض العبد أمره إلى الله، فصار مجموع بذلك للسبب وتفويضه أمره لله مجموعهما التوكل، ومعلوم أن هذا عمل القلب كما قال الإمام أحمد. وتابع: «لهذا لا تصح جملة «توكلت على الله ثم عليك» لأن التوكل عمل القلب، لا يقبل لأن يقال فيه «ثم» إنما الذي يقال فيه «ثم» ما يسوغ أن يُنسب للبشر وهناك من قالوا: إن هذه العبارة لا بأس بها ولم ينظروا في الجملة إلى أصل معناها، وما يكون من التوكل في القلب، إنما ينظر فيها إلى أن العامة حينما تستعملها ما تريد التوكل الذي يعلمه العلماء، وإنما تريد ممثل معنى اعتمدت عليك، ومثل وكلتك ونحو ذلك، فسهلوا فيها باعتبار ما يجول في خاطر العامة من معناها، وأنهم لا يعنون التوكل الذي هو لله؛ لا يصلح إلا لله». وأوضح أنه مع ذلك، فالأولى المنع لأن هذا الباب ينبغي أن يُسد، ولو فتح باب أنه يستسهل في الألفاظ لأجل مراد العامة، فإنه يأتي من يقول مثلاً ألفاظاً شركية ويقول أنا لا أقصد بها كذا، مثل الذين يظهر ويكثر على لسانهم الحلف بغير الله مثل الحلف بالنبي أو ببعض الأولياء أو نحو ذلك يقولون لا نقصد حقيقة الحلف، ينبغي وصف ما يتعلق بالتوحيد، وربما ما يكون قد يخدشه أو يضعفه، ينبغي وصد الباب أمامه حتى تخلص القلوب والألسنة لله وحده لا شريك له، فالتوكل على الله كما قلنا هو تفويض الأمور إليه والاعتماد عليه - عز وجل - في جميع أموره، وتفويض أموره إلى الله بحيث لا يلتفت إلى غيره، فيكون دائماً معتمداً على الله مفوضاً أمره إليه في جميع شؤونه، وما حصل للمشركين الشرك بالله والكفر، إلا لأنهم توكلوا على غير الله ووكلوا أمورهم إلى غيره واعتقدوا أن غير الله يقضي حوائجهم ويفرج همومهم ويدفع عنهم الضرر، فاعتمدوا على الأصنام والأشجار والأحجار وعلى القبور والأضرحة والموتى، فأساس الشرك هو التوكل علي غير الله كما قال تعالى: (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©