الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«إيبولا».. هلع في غرب أفريقيا

10 أغسطس 2014 22:50
بدأ الليبيريون بإطلاق وصف على الأيام الممتدة بين 27 يوليو و3 أغسطس بأنها «الأسبوع القاتم» بعد أن سجلت 173 حالة إصابة بفيروس وباء «إيبولا» و94 حالة وفاة إلا أن السؤال المهم يتعلق بمدى قتامة الأيام المقبلة. وفي بلدة «جونسون فيل» التي تنتشر فيها المستنقعات وتقع في إحدى ضواحي العاصمة الليبيرية «مونروفيا»، تم دفن 36 شخصاً بعد وضعهم في أكياس الجثث ضمن حفر قليلة العمق وضعت فوقها قطع حجرية للتعرف على مكانها الأسبوع الماضي. وكان الشيء الغريب واللافت للنظر أن القفازات الطبية المطاطية وبقية أدوات الحماية والوقاية المستعملة وجدت ملقاة بطريقة عشوائية على الأرض. وفي هذه الأثناء، وفي مونروفيا، بدا بوضوح أن الحكومة أصيبت بالحيرة وعمّتها الفوضى. وانتظرت حتى يوم الأربعاء الماضي لإعلان حالة الطوارئ فيما انتشرت المحاجر الصحية في مناطق ظهور الإصابات. وسادت هناك حالة من الخوف المشوب بالقلق نتيجة الجهل بحقيقة ما يحدث وانتشار ظاهرة إنكار المصابين الجدد لإصابتهم. وأصبحت هذه الظواهر من السلوكات المعتادة منذ شهر مارس الماضي عندما وصل وباء «إيبولا» إلى ليبيريا ضمن موجة انتشاره في غرب أفريقيا. وكان من أول ردود الأفعال الصادرة عن الحكومة هو الحد من حضور / وجود الصحافة التي توافدت لتغطية الأخبار. وهذا برأيي من أسباب انتشار الفيروس بالسرعة التي شهدناها هناك. ويعود تاريخ اطلاعي على أول حالة إصابة بوباء «إيبولا» إلى آخر شهر يونيو الماضي. وبعد أن حصلت على الموافقة اللازمة لتغطية أخبار عملية دفن إحدى ضحايا الوباء في مقبرة مخصصة لذلك، اتجهت إلى مستشفى «إيلوا» الذي يقدم فيه أطباء وممرضون أجانب المساعدة للمصابين، وكان من بينهم طبيب وممرضة من أصل أميركي أصيبا بدورهما بالوباء وسافرا للعلاج في أميركا. وعندما دخلت إلى المستشفى، رأيت عدداً كبيراً من الرجال وهم يرتدون أرديتهم البيضاء الواقية. واقترب مني أحد المشاركين في شعائر جنازة أحد الموتى فيما كان الطاقم الطبي يحاول إخراج الجثة بسرعة لدفنها، وقال لي: «هذه جثة عمي الذي لم يكن مصاباً بإيبولا، بل مات بسبب ارتفاع ضغط الدم». وعمت الفوضى المكان حتى عرف المسؤولون بأن الجثة ليست لإحدى ضحايا الوباء. وفي اليوم التالي عدت إلى المستشفى لأقف على مشهد حزين. وحيث أتى ثلاثة رجال فقط لتشييع رجل في العشرينيات من عمره قضى بالوباء. وتم إدخال الجثة في كيس وضع على الأرض ثم قام سائق سيارة الإسعاف برشّها بمادة معقمة. وجاء رجل آخر يرتدي الرداء الأبيض وفتح الجزء الأعلى من الكيس حتى يتمكن الأقارب من رؤية وجه الميت ويتأكدوا من هويته وعمد أحدهم إلى التقاط صورة له. وانتابني الخوف من العدوى، وأنا أرى هذه المشاهد، ولهذا السبب قمت بتصوير عملية الدفن من بعيد. وأعتقد أن الصور التي التقطتها هي الأولى التي شاهدها العالم عن وقائع انتشار «إيبولا» في ليبيريا. ومنذ ذلك الوقت بدأ الناس يقتنعون أن الخطر الذي ينطوي على هذا الوباء قائم وحقيقي. وقال مسؤولون إن الظواهر الأولى لانتشاره لوحظت في ليبيريا قبل خمسة أشهر عندما تقيأت امرأة راكبة في سيارة أجرة أثناء توجهها إلى العاصمة مونروفيا، ثم ما لبث أن ماتت. وعندما سارع سائق السيارة لتنظيفها انتقلت إليه العدوى الفيروسية، ثم ما لبث أن نقلها بدوره لعدد كبير من الناس الذين كان يلتقيهم. وبدأت تتوارد إلى أسماعنا أخبار الإصابات الجديدة والارتفاع المتسارع في أعداد الموتى الذين أصبحوا يعدّون بالمئات. وكان موقف الحكومة الليبيرية غريباً عندما منعت الصحفيين من الاقتراب من الأماكن التي سجلت فيها حالات الإصابة. وصدر في هذا الشأن تحذير صارم من وزير الصحة «والتر جوينيجيل» حيث قال محذراً الصحفيين: «أنا أحذركم، لا تعرضوا أنفسكم للإصابة بالمرض أثناء محاولتكم لإعداد تقاريركم الإخبارية بالاقتراب من الناس الذين يشتبه بإصابتهم به. واتركوا لنا مهمة تزويدكم بالمعلومات التي تحتاجونها». إلا أن الأخبار التي تحظى بالأهمية القصوى كانت تلك التي تتعلق بعدد المصابين الذين يتوافدون إلى المحاجر كل ساعة، وليس للنصائح المتعلقة بطرق الحماية الذاتية من الإصابة بالمرض. ومنذ 4 أبريل الماضي، وجهت السفارة الأميركية في مونروفيا تحذيراً لمواطنيها المقيمين في ليبيريا بعدم لمس الدم وبقية السوائل الجسدية للمصابين أو للمواد الملوثة بالفيروس. وفي ذلك الشهر ذاته، انخفض معدل الإصابات ثم عاد للارتفاع من جديد ما دفع الحكومة الليبيرية إلى إغلاق حدودها مع غينيا وسيراليون. ورفضت السلطات الليبيرية الاعتراف بأن هذا الإجراء يمكن أن تكون له عواقب اقتصادية. ولعل أغرب ما سمعته من تعليقات على هذه الأزمة هو أن أسعار النحاس سوف ترتفع لأن منطقة غرب أفريقيا تشتهر بإنتاج خامته. وتحدث البعض عن نظرية المؤامرة التي تفيد بأن الحكومة الليبيرية قدمت أرقاماً كاذبة ومبالغ فيها حول انتشار الوباء من أجل الحصول على المساعدات الخارجية. ويعيش الليبيريون حالة رعب حقيقية بسبب خوفهم من المرض. وآثر معظمهم البقاء في البيت حتى عند الشك بالإصابة بدلاً من الذهاب إلى المستشفى خوفاً من الحجز في المحاجر الصحية. ولقد لاحظت الاهتمام الكبير الذي أولته الرئيسة «إلين جونسون سيرليف» لاتباع أعلى المعايير الصحية للتصدي للوباء وعمدت إلى إغلاق المدارس ورفعت حالة الطوارئ إلى مستوى «حالة الحرب». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©