السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«طالبان باكستان»... نشاط في «الجبهة الداخلية»

22 يوليو 2013 22:06
عريف رفيق أستاذ مساعد في معهد الشرق الأوسط التابع لجامعة كولومبيا (طالبان باكستان تتجه إلى سوريا)... هذا ما أعلنت عنه قيادة جماعة “تحريك طالبان باكستان” Tehrik-e-Taliban Pakistan لعدة قنوات إخبارية غربية هذا الأسبوع. إلا أن التصريح بأن هذه الجماعة مهتمة بالفعل بالجهاد ضد بشار الأسد ينطوي على الكثير من المغالطة، ويخفي في طياته حقيقة أكثر خطورة تكمن في أن الجماعة وحلفاءها في باكستان يستعدون الآن لإطلاق حرب شعواء طويلة المدى في باكستان ذاتها في وقت تفتقد فيه القيادات المدنية والعسكرية الباكستانية لاستراتيجية متقنة للتصدي لها. وهناك العديد من الأسباب التي تدعونا للتشكيك بإمكان تورّط جماعة “تحريك طالبان باكستان” في الحرب السورية. يكمن أولها في رفض الناطق الرسمي باسمها “شهيد الله شهيد” التعليق على هذه الأخبار خلافاً لما دأبت عليه من سرعة الرد على القضايا الحساسة من خلال الأشرطة المسجلة بصوت الناطق باسمها. ويكمن ثانيها في أن من غير المحتمل أن توافق على نشر معلومات حول أعداد المقاتلين الذين تبعث بهم إلى سوريا أو الهدف من إرسالهم. ومن أمثلة هذه التسريبات أن قائداً تابعاً لها رفض الكشف عن اسمه، قال لـ “بي. بي. سي” إن 12 من “الخبراء” التابعين للجماعة اتجهوا بالفعل نحو سوريا، فيما قال متحدث آخر لوكالة “رويترز”: إن “مئات” المقاتلين وصلوا إلى هناك بالفعل خلال الأشهر الأخيرة قادمين من باكستان. ويجدر التذكير هنا بأن مقاتلي “تحريك طالبان باكستان” لا يحظون بترحيب المعارضة السورية المسلحة. وقال محمد أمين الذي وصفته “بي. بي. سي” بأنه منسق الجماعة في سوريا، إن “الجهاديين السوريين” أخبروه بأن (عندهم من الرجال ما يكفيهم)، وليسوا بحاجة إلى المزيد من المقاتلين الأجانب. إلا أن قائداً آخر من الجماعة ذاتها رفض الإفصاح عن اسمه قال لصحيفة DAWN الباكستانية بأن أبا عمر البغدادي أمير “تنظيم دولة العراق والشام” أخبره أن “جماعة تحريك طالبان باكستان”، تشارك الآن بالفعل في الحرب السورية بطلب خاص منه. وهذا التصريح يستثير الكثير من الشكوك لأن البغدادي قتل قبل ثلاث سنوات. ولعل الحقيقة تكمن في المعلومات التي أدلى بها مقاتل باكستاني ثالث لوكالة الأنباء الفرنسية AFP من أن مقاتلين من باكستان أغلبهم من الأجانب العرب والأوزبك وكانوا يقيمون في منطقة القبائل، اتجهوا إلى سوريا بطريقة خفيّة. ويبدو أن الحرب في سوريا أصبحت ملاذاً غير محبذ، “ولكنه الوحيد” بالنسبة للكثير من المقاتلين العرب المقيمين في منطقة القبائل الباكستانية، بعد أن أصبحوا من الأقوام غير المرحب بها في تلك المنطقة، حيث يتلقون كل يوم الضربات الموجعة المشتركة من القوات الجوية الأميركية والعمليات العسكرية للجيش الباكستاني. وبالرغم من نداء الحرب الآتي من سوريا، فإن الاهتمام الأساسي لجماعة “تحريك طالبان باكستان” سينصبّ على باكستان ذاتها. وخلال عام من الآن، وتزامناً مع انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، فإن الجماعة تحضّر نفسها لملحمة الحرب الطويلة في باكستان، وهي حرب لا تعود في سببها لدعم إسلام آ باد للولايات المتحدة في أفغانستان، بل تمثل أكبر تمرّد داخلي تشهده باكستان في تاريخها. وتفضل جماعة “تحريك طالبان باكستان” أن تطلق على حربها ضد باكستان اسم “غزوة الهند” بطريقة مشابهة لتلك التي استخدمها تنظيم “القاعدة” عندما لفّق حديثاً نبوياً ورد فيه اسم “خراسان”. وتتداول الجماعة سلسلة من القصص والأحاديث المزعومة حول السيرة النبوية تتمحور حول غزو إسلامي للهند. وتقصد الجماعة بالهند منطقة شاسعة تشمل آسيا الجنوبية برمتها بما في ذلك الجزء الأكبر من باكستان. وقبل وقت طويل، لم تكن أهداف الحملة التي أطلقتها الجماعة ضمن الجماعات الجهادية الباكستانية واضحة المعالم، إلا أنه بات من الخطأ الشديد الاستهانة بالقوة الحقيقية التي تحتكم إليها الآن. وتنطوي قصة السيرة النبوية التي تختلقها الجماعة على الكثير من الذكاء لأنها تمثل ذات القصة التي أطلقها “الجهاديون” ومكتب الاستخبارات الباكستانية من أجل تعميق الشعور بالكراهية ضد الهند. إلا أن الفرق هنا كبير، لأن “تحريك طالبان باكستان” تستخدم هذه القصة ذاتها لتعميق الكراهية ضد إسلام آباد بدلاً من نيودلهي. وأما الشيء الذي تخافه الجماعة، فهو الذي سيترتب على الضعف الذي سيصيب الجناح المركزي لتنظيم “القاعدة” وأفغانستان ذاتها عند رحيل الأميركيين عن الساحة والذين كانوا سبباً في قيام الثورة، فمن المنتظر أن يغير “الجهاديون” الباكستانيون بالتعاون مع المخابرات الباكستانية اهتمامهم والاتجاه نحو محاربة الهند. ولهذا السبب عمدت الجماعة إلى بثّ الدعوة لدى أتباعها من أن الجهاد الحقيقي يبدأ هنا.. في الوطن الأم باكستان. وإن لمن المرجّح ألا تذهب الجماعة بعيداً في تحقيق أهدافها من خلال الحصول على دعم محلي من داخل باكستان. ولعل الشيء الأكثر مدعاة لإزالة القلق هو المحاولات التي بذلتها لتعزيز وجودها ضمن الأحزاب السياسية القائمة وتقوية علاقتها مع القادة السياسيين المدنيين والجيش، وخاصة مع الأحزاب التي فضلت التفاوض معها. ومنذ تسلمت الحكومة الباكستانية الجديدة السلطة في شهر مايو الماضي، عمدت الجماعة إلى تعليق حملة اغتيال السياسيين الكبار ورجال الشرطة والأمن، إلا أنها ما زالت تعلن عن أن “الحرب الكبرى” ستكون داخل باكستان.. هذه الدولة التي تحتكم إلى مخزون كبير من الأسلحة النووية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©