الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سقوط اليونان... هل أصبح محتوماً؟

21 يناير 2012
في الوقت الراهن تبدو اليونان البلد الذي بدأت فيه أزمة اليورو عام 2009 أقرب لخطر السقوط المالي مما كانت عليه في أي وقت من قبل. وفيما تمكنت إيطاليا وإسبانيا الدولتان اللتان تعانيان من ديون ضخمة من تطمين المستثمرين بأنهما قادرتان على مواجهة العاصفة، فإن اليونان تبدو أقرب ما تكون لإعلان إفلاسها في شهر مارس المقبل، وذلك عندما يحل أجل سداد السندات ذات القيمة الضخمة. ويعتقد بعض المراقبين أن اليونان قد أصبحت بالفعل خارج احتمالات الاسترداد (استرداد الديون). وفي هذا السياق يقول "كليمنز فويست" الاقتصادي في جامعة أكسفورد ومستشار الحكومة الألمانية "في رأيي أن اليونان قد أصبحت غير قادرة بالفعل على سداد الديون المستحقة عليها" ويعتقد "كليمنز" وغيره من الاقتصاديين أنه قد بات من غير المرجح أن يسمح لليونان بالعودة عما قريب للأسواق المالية، وأنه يجري في الوقت الراهن تعويمها من خلال أموال الإنقاذ، لتلافي حدوث أضرار فادحة لمنطقة اليورو. غير أن زميله اليوناني "نيكوس فيتاس" من كلية الاقتصاد بجامعة أثينا، يرفض هذا الطرح حيث يقول: "مازال من الممكن الهروب من هذه الدائرة الشريرة إذا ما تم اتخاذ إجراء حاسم خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة". ويضيف "فيتاس": "يجب على الدائنين من القطاع الخاص الموافقة بسرعة على إجراءات خفض الديون المستحقة لهم على اليونان... كما يجب على دول الاتحاد الأوروبي تقديم الدعم المطلوب، وعلى المواطنين أيضاً أن يدعموا بفعالية أجندة الإصلاح، كما على السياسيين التوصل إلى الحد الأدنى من الإجماع المطلوب لإجراء مثل هذه الإصلاحات". ويتوقف كل شيء تقريباً في هذا الصدد على حزمة الإنقاذ الثانية التي ستقدم لليونان بقيمة 130 مليار يورو التي تم الاتفاق عليها في قمة الاتحاد الأوروبي في أكتوبر الماضي. ويشار في هذا السياق إلى أن مفتشي "الترويكا" التي يقصد بها: صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي، والاتحاد الأوروبي، قد وصلوا إلى أثينا يوم الثلاثاء الماضي لرصد أداء اليونان فيما يتعلق بخفض الإنفاق العام، وتقليص عجز الموازنة، وهما شرطان ضروريان لتسلم أموال حزمة الإنقاذ الإضافية. يشار في هذا السياق إلى أن اليونان مازالت تتلقى قروضاً من مبلغ الـ 119 مليار يورو المقرر في حزمة الإنقاذ الأولى التي قدمت في مايو 2010. وفي بداية هذا الشهر حذر رئيس الوزراء اليوناني "لوكاس باباديموس" من أنه "من دون اتفاق مع الترويكا والمزيد من التمويل فإن اليونان يمكن أن تواجه في شهر مارس المقبل خطر عدم القدرة على سداد الديون المستحقة عليها". يشار إلى أن 20 مارس المقبل هو الموعد المحدد لسداد 14,5 مليار يورو قيمة سندات مستحقة على اليونان. ولكن صندوق النقد الدولي لديه شكوك بشأن قدرة أثينا على الوفاء بمتطلبات الترويكا: ففي الأسبوع الماضي نقلت صحيفة ألمانية نص مذكرة داخلية من صندوق النقد الدولي جاء فيها أن اليونان قد تأخرت بشكل كبير عن تنفيذ الإصلاحات الضرورية، وأن الهيكل الحالي لحزمة الإنقاذ يجب تعديله بما يتفق مع الحالة الاقتصادية المتدهورة للبلاد. يذكر في هذا السياق أن اقتصاد اليونان قد تقلص بنسبة 5,5 في المئة عام 2011، وأن هناك انكماشاً إضافيّاً متوقعاً في العام الحالي 2012، أما البطالة فقد ارتفعت إلى 17,7 في المئة، وهذا الرقم سيرتفع بسبب خطط الحكومة الرامية لشطب 150 ألف وظيفة من وظائف القطاع العام بحلول عام 2015. ومن المعروف أن اليونان تكافح من أجل إقناع دائني القطاع الخاص بالتخلي عن نصف مبلغ 205 مليارات يورو المستحق لهم عليها -وهو المبلغ الذي يشكل جزءاً مهمّاً من حزمة الإنقاذ- ولكن المشكلـة هي أن بعض البنوك المدينة لليونان وعدد من صناديق التحوط تعارض هـذه الصفقة، وعلى ما يبـدو أنهـا تتكهـن إما بقدرتهـا على استرداد قيمة الدين النقدي بالكامل من اليونان أو إجراء ما يعرف بـ"مبـادلات إفلاس الائتمان النقدي" أو ما يعبر عنه بالانجليزيـة بـ Cash Credit Default Swaps وذلك في حالة إفلاس اليونان وعدم قدرتها على سداد الديون المستحقة عليها في موعدهـا. ويرى "هانز فيرنر سين" مدير معهد "آيفو" للأبحاث الاقتصادية في ميونيخ أن "خطر إفلاس اليونان هو الشر الأصغر مقارنة بالشر الأكبر المتمثل في انتشار أزمة الدين في منطقة اليورو بأكملها"، كما يعتقد أن اليونان يجب أن تترك منطقة اليورو. ويضيـف هـذا الخبير قائلاً: "نستطيـع فقـط الاختيـار بين الخطر قصير الأجـل والخطر طويـل الأجـل، أي بين إفلاس اليونان وبين انتشـار الخطر فـي كافـة منطقـة اليـورو. وبالطبـع الخطر قصير الأجـل أهون بكثير من الخطـر طويـل الأجـل الـذي تفـوق أهوالـه كـل مـا يمكـن أن يخطر بالخيال". مايكل شتاينينجر - برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©