الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لست ممولاً

10 أغسطس 2014 22:50
ما أقسى أن تصحو طفلة في الثالثة تطلب أباها من دون وعي بالتوقيت الذي شارف على الفجر ومن دون دراية بالخلافات المانعة من اتصال أمها بأبيها «أريد أبوي دقيله الحين برمسه» فتعاني تلك الأم هماً على هم، محاولة تهدئة ابنتها في جوف الليل بقراءة القرآن تارة وبوعدها الاتصال بأبيها صباحا تارة أخرى، وتأبى تلك الطفلة إلا محادثة والدها لشوق ألم بها إلى سماع كلمة حبيبتي من أدفأ صوت سمعته، فيحال هدوء الليل إلى صراخ وآلام نفسية صعبة لا طاقة لكليهما بتحملها. يعزو بعض الرجال ممن ارتبطوا بعاملات ذلك المشهد إلى عمل الزوجة، فما المرأة العاملة بالنسبة لهم سوى إنسانة متكبرة، أغراها المال وأغناها عن زوجها، فبعد تمكنها من توفير كل ما تحتاج فما لها بالزوج من حاجة، وعليها إلغاء عضويته غير النافعة في البيت، وكذلك هي الحال بمن ارتبط بزوجة غير عاملة، علق تقصيره على شماعة إنصاف القضاء للمرأة، وتوفير ما تحتاج إليه وأبناؤها على نفقة الزوج، فلم تعد بحاجة إلى الرجل، وقد مكنتها الدولة من احتياجاتها على نفقته. لماذا لا يقف الرجل وقفة مراجعة ليتعرف إلى الأسباب الحقيقية التي تجبر المرأة العاقل المتزنة العاشقة لأطفالها، والتي قضت سنين من عمرها صامدة أمام متقلبات الدهر، وعواصف الحياة، إلى طلب الخلع وحرمان صغارها من العيش مع أب وأم يجمعهما الوئام الذي يُشعر أطفالهما بالأمان؟ وتحرمهم من نشأة طبيعية لا يغزوها الخلل، ولا يلحقها الحرمان. لقد عرف الأولون والآخرون عدم استغناء المرأة عن الرجل، فهي بحاجته قبل الزواج والأطفال، فمن باب أولى بعد العشرة والصغار، ولو استغنت امرأة عن رجل لكانت بنات الملوك والحكام أولى بذلك الاستغناء، فإن كانت زوجتك قد منَّ الله عليها بنعمة الوظيفة والراتب الذي أغناها عنك مادياً، فهي بحاجة إلى كلمتك الطيبة، ووجودك في المواقف الصعبة، ومشاركتها مناسباتها السعيدة، وشكرها على ما تقدم، تحتاجك محباً لها ولأبنائها، تحتاجك رجلاً يهابك الرجال في حياتها، ووو. . . عديدة هي جوانب الحاجة إليك أيها الرجل الذي اكتفيت بدور الممول، وتصورت أنه ما إن يُلغى ذلك الدور ستُطفأ شمعة أهميتك في حياة زوجتك وأبنائك، وإذا ما تخليت عن أدوارك المتبقية لجأت زوجتك إلى طلب الطلاق، مستغنية عن الممول، فلا دور له سوى التمويل، وهي لم تعد بحاجته «خلت أيام معضلة المال والحصول عليه في زمن الخير وموطنه لله الفضل والمنة» بتثيبني الأيواد لو نا عليه ديون غير. . . . «كل الأمور تهون» مخطئ من يعتقد أن المقابلة بين المرأة والرجل مقابلة تضاد، وعلى كل منهما إثبات أنه الأفضل، إنها مقابلة إكمال وإتمام، كما هي الحال في مقابلة الليل والنهار، الذي لا غنى لنا عن أحدهما، ولن نستطيع العيش بليل سرمدي أو نهار أبدي، فلن نستطيع العيش والسعي للرزق خلال الليل، كما أننا لن نتمكن من أداء متطلبات النهار من دون ليل نسكن إليه، ونتخلص خلاله من متاعب النهار. نورة نصيب البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©