الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إثيوبيا... السياح في مرمى الاستهداف

21 يناير 2012
لم يكن يدور في خلد السياح الأوروبيين الخمسة الذين حملهم الفضول وحب الاستطلاع إلى شرق إفريقيا ليقتربوا من الحدود الأكثر التهاباً في القارة السمراء أنهم سيدفعون حياتهم ثمناً لهذا الفضول، فقد استقرت مجموعة من السياح الأوروبيين بالقرب من منطقة صخرية بعيداً عن مرافقيهم، وفي الواحدة صباحاً من يوم الثلاثاء الماضي تعرضوا لهجوم على أيدي مسلحين مجهولين، فلقي خمسة سياح، من بينهم ألمانيان ومجريان ونمساوي، حتفهم فيما يشبه عملية إعدام متعمدة، بينما تعرض آخرون للاختطاف. واضطر الناجون الذين ظلوا بعيداً عن المنطقة النائية التي ذهب إليها الضحايا إلى الاتصال بالمشرف على الجولة السياحية لإخطار الحكومة الإثيوبية وإطلاق عملية إنقاذ لاسترجاع المخطوفين وإلقاء القبض على المسلحين. ولكن ما الذي دفع عشرين سائحاً أوروبيّاً كانوا ضمن الفريق إلى زيارة إحدى المناطق الأكثر بعداً ووعورة في العالم؟ الجواب يكمن في الطبيعة الجيولوجية للمنطقة المعروفة باسم "داناكيل" التي تعتبر أحد الأماكن الأكثر جذباً للسياح في شرق إفريقيا، حيث يتقاطر عليها الزوار من جميع الأصقاع، ولهذا الغرض يعمل العديد من شركات السياحة في أديس أبابا، العاصمة الإثيوبية، على تنظيم رحلات سياحية للزوار للمنطقة التي تتميز بكونها من أكثر النقاط انخفاضاً وأشدها حرارة على سطح الأرض. فالمنطقة التي تقع شمال الوادي المتصدع الإفريقي، المنخفضة عن سطح البحر بحوالي 300 متر، تتميز بطبيعتها البركانية ونشاط طبقاتها الأرضية، وتكلف الرحلة إلى المنطقة حوالي 1200 دولار للشخص، وعادة ما يصاحب السياح حراس مسلحون يشرفون على حمايتهم. ولكن المنطقة تقف أيضاً على حافة بركان سياسي مستعد للانفجار في أية لحظة، فعلى مقربة منها تمتد الحدود الملتهبة بين إثيوبيا وعدوتها التقليدية إريتريا، وهي الحدود التي شهدت حرباً طاحنة امتدت لسنتين بين 1998 و2000 وخلفت أكثر من 80 ألف قتيل. وحتى بعد انتهاء الحرب ما زال النزاع مستمراً على الحدود، كما أن ندوب الحرب لم تندمل بعد حتى بعد مرور هذه السنوات. وليس أدل على التوتر المستمر بين البلدين من مسارعة السلطات الإثيوبية حتى قبل استكمال التفاصيل واتضاح الصورة بشأن عدد السياح الذين قضوا في الهجوم والمسؤول عن ذلك، إلى اتهام إرتيريا وتحميلها المسؤولية. فقد جاء في بيان صادر عن وزارة الإعلام الإثيوبية أن "الإرهابيين قدموا من إرتيريا وهم يُدربون ويسلحون من قبل الحكومة الإريترية". وخلال العملية التي تعرض لها السياح فقد ألمانيان ومجريان ونمساوي حياتهم في الهجوم الذي نفذ في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء، وما زال إثيوبيان وألمانيان في عداد المفقودين. ولكن تفاصيل الحادث الذي وقع في منطقة "إيرتا ألي" البعيدة بنحو 15 ميلاً عن الحدود الإريترية لم تتكشف بعد، ولكن على رغم الغموض الذي يلف الحادث فقد كانت الأمور واضحة بالنسبة للحكومة الإثيوبية التي لم يخامرها الشك في أن المسؤول عما جرى هو إرتيريا وليس أحداً غيرها، وهذا ما عبر عنه وزير الشؤون الخارجيـة بقولـه: "لا تستطيع الحكومة الوقوف مكتوفة الأيدي فيما النظام في أسمرة يمول عمليات إرهابية داخل الأراضي الإثيوبية، إن هذا لا يمكن أن يمر دون عقاب". مضيفاً "سنكون مضطرين لاتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لوقف أنشطة إرتيريا ضدنا، وذلك ما لم يتدخل المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته ووضع حد لمثل هذه العمليات الإجرامية". وقد سارع السفير الإريتري لدى الاتحاد الإفريقي، "جيرما أسميروم"، إلى نفي أي علاقة لبلاده بالحادث. يذكر أن الحزب الحاكم في إرتيريا كان قد انضم إلى ثوار إثيوبيا لإطاحة حكومة "ميجنيستو هايلي ماريام" الشيوعية في عام 1991، ولكنهما افترقا بعد ذلك عندما طالب الحزب بالانفصال في عام 1993 وهو ما تم بالفعل. ومنذ ذلك الوقت دخل البلدان في صراعات متكررة، حيث تستمر الجماعات المسلحة على الجانبين في شن حرب بالوكالة على كل منهما. وفي ظل هذه الأجواء المتوترة حذرت الحكومة الأميركية موظفيها من زيارة المناطق الحدودية التي تصفها وزارة الخارجية الأميركية بأنها "منطقة عسكرية ما زال خطر نشوب نزاع مسلح بين إثيوبيا إرتيريا قائماً فيها بقوة". وعلى رغم القوانين التي تفرض على السياح القادمين إلى المنطقة اصطحاب حراس توفرهم شركات السياحة، إلا أنه في كثير من الأحيان يتم التعامل مع هذا القانون بنوع من عدم الجدية، بحيث يكفي ألا يتوافر مكان للحراس في القاقلة المتوجهة إلى المنطقة الحدودية كي لا يصحبوها. وتأتي أيضاً تهديدات إثيوبيا للمجتمع الدولي باستئناف الحرب ضد إريتريا إذا لم يتحمل العالم مسؤولياته بعد محاولة قامت بها في شهر ديسمبر الماضي لدفع الأمم المتحدة إلى فرض عقوبات اقتصادية على إرتيريا، وقد سبق للأمم المتحدة أن فرضت على أسمرة عقوبات منذ عام 2009 تمثلت في حظر شراء السلاح ومنع بعض مسؤوليها من السفر لدعمها المتمردين في الصومال. وترغب إثيوبيا أيضاً في توسيع تلك العقوبات لتطال الشركات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب عن المعادن في إرتيريا، وذلك على أمل أن تؤدي العقوبات الاقتصادية إلى وقف الحكومة في أسمرة لأنشطتها، أو أن تفضي، في النهاية، إلى إسقاط نظام الرئيس أسياس أفورقي بشكل نهائي. ويليام دافيدسون - إثيوبيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©