الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحصانة القانونية للصحفيين وحماية أسرارهم تحققان إنجارات جديدة

الحصانة القانونية للصحفيين وحماية أسرارهم تحققان إنجارات جديدة
25 يوليو 2011 20:28
على الرغم من التجاوزات والمخالفات القانونية المتنوعة التي يقع فيها بعض الصحفيين في أكثر من منطقة من العالم، لا تزال إجراءات تعزيز حصانة مصادر المعلومات للصحفيين تشهد اندفاعاً قوياً في العديد من الدول الأمر الذي يشير إلى أن الإساءات التي تصيب المهنة من بعض أهلها لا يجب أن تحجب أهمية بعض امتيازاتها، وخاصة لجهة الحماية القانونية لمصادر المعلومات وتجنيب الصحفي المساءلة القضائية بهذا الشأن. بينما يستمر تفاعل فضيحة خرق بعض صحفيي جريدة التابلويد البريطانية “نيوز أوف ذي وورلد” (أخبار العالم) لقواعد وأخلاق المهنة عبر التجسس على المكالمات الهاتفية الخاصة، سجّلت إجراءات وتشريعات الحماية في الأيام الأخيرة عدة نقاط إيجابية لصالح الصحافة في أكثر من مكان، وهو أمر يشير إلى أن الإقرار بـ”حصانة العمل الصحفي” قد أصبح من المكتسبات الثابتة للصحافة الناهضة إذا كانت تتمتع برصيد متراكم من الخدمة العامة. ومن أبرز المستجدات بهذا الصدد ما حصل في المكسيك مؤخراً حيث أُقر أول قانون لحماية مصادر معلومات الصحفيين، وهو أمر ذو دلالة مهمة في بلاد تزدهر فيها الجريمة المنظمة، وينشط فيها الخارجون على القانون بكل طاقاتهم، من أجل كشف مصادر معلومات الصحفيين والضغط عليهم، أو تصفية الشهود على جرائمهم أو إرهاب أصحاب المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها وذويهم كما يحصل في الكثير من دول أميركا الجنوبية. ووصف تقرير لمركز “كنايت سنتر” لمراقبة شؤون الصحافة في الأميركيتين إقرار ولاية شيهيواهو الحدودية لهذا القانون بأنه تقدم مهم باتجاه حماية أسرار الصحفيين في البلاد خاصة، وأنه جرى في ولاية تعتبر من أكثر المناطق عنفاً بسبب عمليات تهريب المخدرات في البلاد، ونقل عن صحيفة “الدييرو دي سيوداد” قول هكتور أروبينال، عضو الكونجرس المكسيكي المحافظ، الذي رعى إقرار القانون بأن القانون هو مجرد “خطوة أولى باتجاه تقوية ودعم الإجراءات الحمائية للصحفيين الذين يعيش كثير منهم، لاسيما من يعملون في المدن الحدودية مثل مدينة جواريز في الولاية المذكورة، حالة تهديد دائمة من الجريمة المنظمة وحتى من قبل القوى الأمنية”. أسرار الصحفيين والقانون الجديد المؤلف من 14 بنداً يمنع السلطات من التفتيش والبحث في أجهزة الكمبيوتر أو التسجيل أو أي أداة يستخدمها الصحفيون، كما ينص على أن الصحفيين بمن فيهم الكتاب المستقلون (الفريلنسرز) لا يمكن أن يُستدعوا للشهادة في المحكمة وجعلهم يكشفون عن مصادرهم كما يحصل غالبا في الولايات المكسيكية. كما يعطي القانون الحق للصحفيين بعدم الكشف عن مصادرهم حتى لو استدعوا للشهادة. صحافة خطرة تشهد المكسيك عمليات انتقام وقتل وخطف متواصلة للصحفيين من قبل عصابات الجريمة المنظمة، كان من بينها مؤخراً مقتل صحفي وزوجته وابنته البالغة من العمر 21 سنة على يد رجل مسلح في ولاية فيراكروز، ولم تُكشف هوية القاتل لكن من الغالب وضع هذه الجرائم في خانة الجريمة المنظمة خاصة وأن القتيل، ميجال انجل لوبير كان كاتباً يومياً في صحيفة “نوتيفر” اليومية، ومتابعاً لأجواء العنف وحروب العصابات في المكسيك. ومنذ يونيو 2007 قتل أربعون صحفياً في البلاد، وفقا للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، كما خطف 15 آخرون منذ العام 2003. وقال تقرير صدر عن الأمم المتحدة في يونيو الماضي أن المكسيك هي أخطر بلاد بالنسبة للصحفيين في النصف الغربي من الكرة الأرضية، حيث إن نحو 36 ألف شخص قد قتلوا في العنف المتصل بالمخدرات منذ قرر الرئيس فيليب كالدرون شن حملة على تحالفات عصابات المخدرات منذ تسلمه مهامه في العام 2006. ويأمل مراقبون أن تتوسع تشريعات حماية الصحفيين وأسرارهم ليس فقط إلى مختلف أنحاء “الولايات المتحدة المكسيكية” بل أيضا إلى دول الجوار التي تغيب عنها مثل هذه القوانين، وحيث تستحوذ إشكالية العلاقة الصعبة بين الصحافة وعصابات المخدرات على اهتمام متزايد ومتنوع على جميع المستويات بما فيها المستوى الأكاديمي والتدريبي مثل الدورة التدريبية المشتركة، وهي الخامسة من نوعها، التي انتهت الأحد الفائت، وشارك فيها ثلاثون صحفياً من المكسيك والأرجنتين وبوليفيا والبرازيل وكولومبيا وغيرها والتي تركزت حول “التغطية والكتابة عن تهريب المخدرات على الرغم من تهديدات الصحفيين”، وتأثير ذلك على حياتهم اليومية وعملهم. النعيم الأوروبي إذا كانت حالة المكسيك وأميركا اللاتينية تقدم نموذجاً عن مدى الحاجة إلى تشريعات الحماية والحصانة للصحفيين رغم صعوبتها في أجواء يزدهر فيها العنف وفساد العصابات ونفوذها ، فإن ذلك لا يعني أن الدول الأكثر تقدما قد اكتفت بما لديها بهذا الصدد. فالقرار الأخير للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن قضية الصحفية البرتغالية الشهيرة “صوفيا بينتو كويلهو” يشير إلى أن بعض القوانين الأوروبية ليست المرجع الأقصى والنهائي لمثل هذه الحصانة بل يمكن أن تكون أمام تطور جديد إذا توقفنا عند أهمية قرار المحكمة بأن دولة البرتغال قد “انتهكت حقوق الصحفيين” عندما غرمت هذه المذيعة للتلفزيون البرتغالي بمبلغ أربعمائة يورو لنشرها وثائق خاصة بمحكمة برتغالية. وتعود بداية الحكاية إلى يونيو 1999، عندما قامت كويلهو وأظهرت على الهواء صورة من وثيقة رسمية تتعلق بضابط شرطة كبير كان يحاكم بتهمة “إهماله” لمعلومات سرية بسبب كشفه بطريقة غير قانونية عن تفاصيل قضية شغلت الرأي العام، وتتعلق بالعلاقة بين جامعة خاصة وشركة تجارية. وفي أكتوبر 2006 حُكم على كويلهو بأنها فضحت نسخا من وثائق المحكمة “خلال المراحل الأولى من المحاكمة”، وهي مخالفة تعاقب عليها القوانين بطريقة آلية. لكن كويلهو، وعلى الرغم من أن غرامتها لم تكن كبيرة، لم تستكن وبعد أن خسرت طلبي استئناف للحكم داخل البلاد، عادت وتوجهت في يونيو 2009 إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومقرها مدينة ستراسبورج في فرنسا، والتي أصدرت مؤخرا حكمها الذي نص على أن حماس كويليهو “مثل تدخلا غير منسجم مع حرية التعبير، إلا أنه كان صعبا التوفيق بين الحظر المطلق من قبل دولة البرتغال لمعلومات من فئة معينة مع حق حرية التعبير”. ويمثل هذا الحكم خطوة أكثر تطوراً مما هو عليه حال القوانين المحلية في بضع الدول الأوروبية في مجال المزيد من الحصانة للصحفي في نفس الوقت الذي يشير إلى أن محاكم المنظمات الإقليمية ذات العلاقة بحرية التعبير، كما أن حالة الاتحاد الأوروبي، مرشحة لتكون ملجأ لمزيد من الصحفيين الذين يطلبون أو يأملون حصانة أكثر ما هو عليه الحال في دولهم مهما بلغ مستوى تطبيق حقوق التعبير فيها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©