الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعارضة الفنزويلية.. حظوظ تتعافى

المعارضة الفنزويلية.. حظوظ تتعافى
13 فبراير 2008 00:23
يصعب تصديق أن لدى رجل قوي يتحكم في أكثر من 40 مليار دولار من العائدات النفطية السنويــة، ومُنــح حق الحكــم بمراسيم رئاسيــة من قبــل برلمــان صوري، ويتحكــم في محاكــم بلده وقنواتها التلفزيونية، وأنفق مؤخرا مليارات الدولارات على أسلحة جديدة لجيشه، الكثير ليقلق عليه· والحــال أنه في الوقت الذي كان فيه الرئيس الفنزويلي ينظم استعراضا للاحتفال بالذكرى السادسة عشرة لانقلابه العسكري الفاشل على حكومة ديمقراطية سابقة الأسبــوع الماضي، كانــت إدارتــه، التي يبلغ عمرها تسع سنوات، تكافح للتخلص من الاضطراب والفوضى· بدأت المتاعب في أوائل ديسمبر الماضي عندما رفض الناخبون الفنزويليون دستورا جديدا كان سيحول فنزويلا إلى دولة اشتراكية على النموذج الكوبي، وكان سيجعل من ''شافيز'' رئيسا مدى الحياة بحكم الواقع، غير أنه حسب روايات فنزويلية متعددة، فإن ''الثوري البوليفاري'' لم يقبل بالحكم الديمقراطي، إلا بعد أن حذره القادة العسكريون في البلاد من أنهم لن يدعموه في حال أثار الإعلان عن نتائج مزورة التمرد الشعبي· منذ ذلك الوقت، عمل ''شافيز'' على تعميق حفرته السياسية بشكل مضطرد؛ حيث صدم كلا من الفنزويليين واليساريين في أميركا اللاتينية عبر احتضانه العلني لـ''القوات المسلحة الثورية الكولومبية'' (فارك)، التي كانت في وقت من الأوقات منظمة ماركسية قبل أن تتحول منذ وقت طويل إلى منظمة للمختطفين وتجار المخدرات، وهو ما رد عليه مئات الآلاف من الأشخاص في بوغوتا و''كاراكاس'' ومدريد وطوكيو الأسبوع الماضي بمسيرات مناوئة لـ''فارك''، ثم وقف ''شافيز'' موقفا معاديا من الحكومة الديمقراطية لكولومبيا ؟لم يؤد إلا إلى تعاطف دولي واسع مع الرئيس الكولومبي المحافظ ''ألفارو أوريبي''- متسببا في الوقت نفسه بتوتر في أوساط القادة العسكريين الفنزويليين· أما الفنزويليون الذين لم يكونوا قلقين من اندلاع حرب، فقد كانوا قلقين من النتائج الكارثية لسياسات ''شافيز'' الاقتصادية، كنقص المواد الاستهلاكية وارتفاع الأسعار، وهما أمران لم تسبق رؤيتهما سوى في أماكن معتمة مثل زيمبابوي في عهد ''روبرت موغابي''؛ فكل يوم تقريبا، تتحدث الصحف عن مادة جديدة تضاف إلى القائمة الطويلة من المواد غير المتوفرة في الأسواق، من الحليب والخبز والسكر والدجاج والبيض والجبن إلى قطع السيارات والعقاقير، وبموازاة مع ذلك، تزدهر السوق السوداء؛ حيث يتم تهريب المواد الغذائية عبر الحدود إلى كولومبيا، بينما يتم تهريب الكوكايين بكميات متزايدة إلى فنزويلا، وقد رفع ''شافيز''سعر الحليب مؤخرا بـ37 في المائة، الأمرالذي ساهم في زيادة معدل التضخم الذي وصل إلى 22 في المائة في ،2007 و3·4 بالمئة في شهر يناير لوحده، غير أنه لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما هدد أيضا بمصادرة البنوك الخاصة، والمزارع والأسواق وشركات توزيع المواد الغذائية، ضامنا بذلك أن الاستثمارات اللازمة لوضع حد للنقص المسجل في هذه المواد لن تتم· قبل سنوات من اليوم، كان من شأن هذه الأخبار السيئة أن تجعل المعارضة الفنزويلية تستبشر وتستشرف انقلابا عسكريا، أو إضرابا وطنيا، أو ثورات شعبية كانت لتقضي على ''شافيز'' تماما، ومما لا شك فيه أن بعضها يفعل ذلك اليوم ؟بالرغم من الإخفاقات السابقة للانقلابات والإضرابات- غير أن المثير للاهتمام بخصوص فنزويلا، أنه بينما يزداد ''شافيز'' غرابة، فإن معارضته تزداد نضجا مع كل يوم، بل إن بعضها يتمنى تخلص عدوهم اللدود من المتاعب، ويصمد ليُهزم في انتخابات حرة ونزيهة؛ وفي هذا السياق، يقول زعيم اليسار الفنزويلي ''تيودورو بيتكوف'' -الذي زار واشنطن مؤخرا-: ''الفرق هو أن المعارضة المتحدة لا تحاول الإطاحة بشافيز، وإنما بناء شيء لنوفمبر ''2012 -تاريخ الانتخابات الرئاسية المقبلة، مضيفا- ''الأمر يتعلق ببناء بديل على المدى البعيد''· ويعد ''بيتكوف'' -الذي يبلغ 76 عاما وبدأ مشواره السياسي عضوا في ميليشيا يسارية- واحدا من أبرز المدافعين عن حل ديمقراطي للاستقطاب السياسي والاضطراب المدني المتزايد اللذين تسبب فيهما شافيز، وحسب ''بيتكوف'' فإن المعارضة الفنزويلية مرت بثلاث مراحل منذ وصول شافيز إلى السلطة: أولا، التخطيط لخلعه بشكل غير ديمقراطي، ثم مقاطعة الانتخابات بشكل أحمق ؟ما سمح للرئيس بتنصيب أتباعه في كل مقعد من مقاعد الكونجرس و23 حاكمية ولاية من أصل ·24 أما اليوم، فتركز المعارضة أخيرا، مدعومة بهزيمة الدستور المقترح -التي لم تكن تتوقعها أيضا- على الانتخابات، بدءا بإعادة انتخابات حاكمية الولايات، حيث يجري التخطيط اليوم للمعارضة المتحدة والبرامج الانتخابية· ويعتقد ''بيتكوف'' أن ثمة فرصـــة حقيقيـــة كي تصل القوات المعارضة إلى السلطة في العاصمة ''كراكاس''، وهو ما من شأنه أن يشكل ضربة قاتلة ربمـــا لما تبقى لـ''شافيز'' من آمال في تحويل فنزويلا إلى كوبا أخرى -وخطوة أولى نحو انتخاب رئيس جديد في ·2012 فالتحدي، يقول بيتكوف، لا يكمن في دفع ''شافيز''، ومعه البلد، إلى حافة الهاوية، وإنما في ''خلق قوة قادرة على الحكم لأنني أعتقد أن مرحلة ما بعد شافيز في فنزويلا ستكون مرحلة دقيقة وعصيبة''، وهو أمر صحيح سواء كان خروج ''شافيز'' سلميا أو مضطربا؛ ولكن الأكيد هو أن المعارضة التي تنتظر، وتثق في الديمقراطية، لديها حظوظ أفضل كي تصح وتتعافى· جاكسون ديل كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©