فساتين سهرة تستقي أفكارها من فنون «الأوريجامي»

من باريس مدينة السحر والنور، ومن خلال أسبوع موضة الهوت كوتور لفصلي خريف وشتاء 2011 /2012، كان جمهور عشاق المصمم الفرنسي الشاب ستيفان رولان على موعد مع الأناقة والرقيّ من خلال عرضه اللافت، الذي قدم فيه مجموعة مختلفة ومتنوعة من الأزياء المعاصرة والمبتكرة لأقصى الحدود، فرسم بها معالم طرازه المترف للمواسم القادمة. اعتبر نقاد عرض ستيفان رولان الباريسي الأخير لمجموعة موسمي خريف وشتاء 2011 /2012، محرضا، ومثيرا للجدل، حيث اعتمد مصممه الشاب على استشراقات تغذي بنات أفكاره استلهمها من وحي روح شرق آسيا ومن بلاد الصين تحديدا، ليصمم نماذج منتقاة لمجموعته الجديدة لفن الخياطة الراقية تحمل الكثير من نفحات الحداثة والمعاصرة، ولكنها تشي بهالة من الكلاسيكية والفخامة في الوقت ذاته. أناقة معاصرة لعل مجموعة رولان الأخيرة، التي عرضت خلال الأسبوع الفرنسي، هي أفضل ما قدمه المصمم الواعد رولان منذ وقت انطلاقته منفردا بعلامته التجارية الخاصة حين افتتح بوتيكه الأول خلال يوليو 2007، في 10 شارع جورج الخامس في باريس، لأنها وببساطة جسدت سمات موهبته المتفردة في التصميم وخبرته الفنية التي اكتسبها بمهارة وحرفية من خلال عمله لمدة عشر سنوات تحت يد المصمم العالمي جان لوي كشيرير، حيث تضمنت التشكيلة عدة قطع وموديلات متنوعة ومختلفة بكل المقاييس عما هو سائد مع بقية المصممين، فجاء طراز رولان بملامح جلية من طراز زي الكيمونو الآسيوي وفن الأوريجامي الصيني أي «فن طي الورق»، فظهرت بعض الياقات العالية، وقصّات اللف والأحزمة الحريرية العريضة، مع الكثير من اللعب بطيات القماش أو تكسيره أو لفه كزينة تزخرف الصدر أو الجوب، نماذج جميلة فيها شيء من التجريد ومساحات لونية قوية وساطعة، أخذت الحضور معها في عالم ملون من الخيال والإبداع، وكأنها لوحات فنية معاصرة معلقة في متحف يستعرض مشاهد من الفن الحديث، حيث الزوايا والخطوط متسقة في تركيب بنائي وهندسي منسجم ومتناغم، يحمل عناصر من الحيوية والحركة، وكأنها تمتلك طاقة كامنة مخبأة بين طبقات القماش، لتظهر خلال العرض فساتين قصيرة تصل لحدود الركبة «مدي»، وأخرى طويلة ومترفة «ماكسي»، مع تنورات «بنسيل» مستقيمة، جوبات واسعة ومبتكرة، والكثير من الفساتين الفخمة الطويلة التي تصلح للحفلات والمناسبات، بعضها يشبه العباءات العربية وبعضها الآخر بسيط بفتحات جانبية، وتلك القصات التي تقولب حنايا القوام. حس شبابي يؤكد المصمم رولان في مجموعته الأخيرة مرة أخرى على الحس الشبابي والديناميكي لكامل المجموعة، ويلعب بذكاء على وتر الأنوثة والصبا، فيخلق حول كل قطعة وموديل هالة من التحرر والثراء، مستغلا غنى الألوان وترف الخامات، ومؤلفا بين أمتار القماش بأسلوب يبدو عفوي وسلس، ولكنه أنيق وراق في الشكل العام. وفضل رولان أن يستقبل خريف وشتاء 2011/ 2012 بألوان قوية، حارة وحميمة، تؤثر على المزاج وتبهج برودة الفصول الشتوية وأجواءها الغائمة، فأدخل عدة ظلال وتدرجات لونية جذابة وساطعة، منها الأصفر الكناري، والفوشيا الصارخ، والبنفسجي النضر، والأزرق البحري، والكحلي، والأخضر الزيتي، والبوردو النبيذي، مع بعض البيج العسلي والرمادي المطفي، والأسود الفاحم. كما ظهرت العديد من القطع التي تجمع اللون الأسود مع الأبيض، أو مع ألوان أخرى، كتوليفة بين عدة ألوان سادة مختلفة في الموديل الواحد، والتي قد تبدو للوهلة الأولى متناقضة ومتضادة، ولكنها في المحصلة العامة متسقة ومنسجمة فيما بينها، منفذا إياها بخامات وأقمشة وثيرة وغنية منها، التفتا الفرنسي، والحرير الطبيعي، والقطن الناعم، والصوف الكشميري، وبعض التوّل الشفاف، مع أقمشة أخرى موشاة بالكامل بالترتر والكريستال سواروفسكي.