الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية... صراع جديد على السلطة

18 يوليو 2012
في خطوة مفاجئة أُعلن يوم الأحد الماضي في كوريا الشمالية عن إعفاء القائد العسكري الأعلى في البلاد من مهامه والمناصب الرسمية التي يتقلدها بدعوى المرض، وهو التفسير الذي قدمته وكالة الأنباء المركزية التابعة لـ"بيونج يانج "باعتباره السبب الرئيسي وراء إعفاء أحد كبار القادة العسكريين الذي تم خلال لقاء حزبي عالي المستوى تم عقده، حسب الوكالة، لمناقشة "أمور تنظيمية". لكن استخدام هذه العبارة واتخاذ القرار المفاجئ لم يترك أي شك لدى المراقبين بأن ما حدث كان تطهيراً للمؤسسة العسكرية، التي تضم حوالي 1.2 مليون جندي، من قائدها الأعلى "ري يونج هو"، رئيس هيئة الأركان الذي يشرف على مجمل القوات المسلحة. ويكشف التخلي عن القائد الأعلى حدة الانشقاقات التي تنخر نظام "القائد الأعلى" كيم يونج أون الذي تولى السلطة بعد موت والده "كيم يونج إيل" في شهر ديسمبر الماضي؛ وقد أثار خروج "ري" من السلطة أسئلة حول انقسامات أخرى تخترق النظام في كوريا الشمالية منها العلني ومنها السري فيما يحاول القائد الشاب "كيم يونج أون" فرض نفسه على هرم السلطة دون أن يتوافر على خبرة سابقة ومؤهلات كبيرة. ورغم ظهوره العلني في أكثر من مناسبة لزيارة مواقع عسكرية ومزارع وغير ذلك تبقى علاقته بالرجال الأقوياء في النظام الذين عاصروا ولده غير واضحة، وهو ما يدفع "دونالد كلارك"، المتخصص في الدراسات الكورية بجامعة "ترينتي" الأميركية إلى التحذير من "اضطرابات في الأجواء قد تشهدها كوريا الشمالية في المرحلة المقبلة". وكانت وكالة الأنباء المركزية لكوريا الشمالية نقلت خبر إعفاء القيادي العسكري البارز في قصاصة مقتضبة لا تتجاوز المائة كلمة تحدث فيها عن إعفاء نائب المشير، "ري" البالغ من العمر 69 سنة بسبب المرض، وسردت القصاصة المناصب التي يتعين عليه مغادرتها بما فيها عضويه المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب، وربما الأهم من ذلك تخليه عن نائب رئيس اللجنة العسكرية داخل الحزب الشيوعي. وبالطبع لم يصدق المراقبون الرواية الرسمية التي أوردت المرض كسبب رئيسي لإعفاء "ري يونج هو"، مشيرين إلى أن الجنرالات وكبار المسؤولين في كوريا الشمالية عادة ما يظلون في مناصبهم حتى الثمانينيات من أعمارهم. ولم يُعرف في كوريا الشمالية من قبل تقاعد مسؤول بارز بسبب المرض، لذا يطغى انطباع بين المراقبين أن إقالة "ري" من منصبه لا تمثل في الحقيقة سوى لمحة بسيطة من الصراع الجاري على السلطة في كوريا الشمالية، وهو صراع يحـاول فيه "كيم يونج أون" إحكام قبضته على مقاليد السلطة والسيطرة على هياكل القيادة، التي ربما تكون قد بدأت تتصدع في أعلى مستوياته. واللافت أن سقوط "ري يونج هو" جاء صادماً للعديد من المراقبين، لا سيما وأن الرجل كان القائد العسكري الذي اعتمد عليه "كيم يونج إيل" لتسهيل نقل السلطة إلى ابنه، ولهذا السبب كان "ري" أحد القادة العسكريين السبعة الكبار في كوريا الشمالية الذي شوهد بجانب السيارة التي حملت نعش القائد المتوفى "كيم يونج إيل"، كما شوهد واقفاً في الشرفة المطلة على ساحة كيم "إيل سونج" إلى جانب القائد الحالي تخليداً للذكرى المئوية لميلاد القائد الجد "كيم إيل سونج". وفيما كان المراقبون الخارجيون قد بدؤوا يقتنعون بسيطرة القائد الجديد على زمام السلطة وعدم مواجهته لمعارضة داخلية جاء إعفاء "ري" ليعيد طرح الأسئلة حول طبيعة الانشقاقات داخل القيادة العليا لكوريا الشمالية، وإن كان من الصعب تقديم أجوبة يقينية. وفي هذا السياق يقول "شوي جين-وو"، الباحث البارز في معهد كوريا للوحدة الوطنية، "النظام ليس مستقراً، قد يكون "كيم يونج أون" يمتلك 70 في المئة من السلطة، التي ورثها من والده، لكن 30 في المئة من السلطة يظل فارغاً"، وتركز التخمينات بشأن السلطة في كوريا الشمالية حول الدائرة الضيقة، التي يعتقد أنها تمتلك أكبر نفوذ في البلاد، وتضم "جان صونج تايك"، نائب رئيس لجنة الدفاع بالحزب وزوج الشقيقة الصغرى لكيم "يونج إيل". وكثيراً ما أشير إلى "تايك" باعتباره الرجل الذي يملك سلطات كبيرة في النظام. ويأتي إعفاء "ري" أيضاً ليكشف الهوة بين القيادة العسكرية للدولة والقيادة الحزبية والحكومية، لا سيما وأن "ري" كان دائم التشكك في سيطرة القيادة البيروقراطية على الدولة وتهميش القيادات العسكرية، فقبل وفاة "كيم يونج إيل" منح ابنه الذي كان يهيئه لتولي السلطة من بعده رتبة جنرال، هذا بالإضافة إلى "تشو يونج هي"، الذي لم يكن من العسكر، ومع ذلك أصبح يحمل رتبة جنرال، وصعد ليتولى رئاسة المكتب السياسي للجيش. ولعله من العلامات الأخرى على وجود انشقاقات في أعلى هرم السلطة اختفاء "يو دونج تشاك" عن الأنظار، علماً أنه الجنرال الذي كان يدير وكالة الأمن القومي في كوريا الشمالية، وذلك بعد أشهر قليلة فقط شوهد فيها مع الجنرالات السبعة الذين رافقوا نعش "كيم يونج إيل"، ومع ذلك ما زال المحللون مترددين حول ما إذا كانت إقالة "ري" علامة ضعف، أو قوة في قيادة "كيم يونج أون" للبلاد، وهو أمر يتطلب وقتاً قبل الحسم فيه، والتأكد من مآلات الصراع حول السلطة في بيونج يانج. دونالد كيرك كوريا الجنوبية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©