السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنا آسف.. إذن أنا إنسان سوِيّ

أنا آسف.. إذن أنا إنسان سوِيّ
20 أغسطس 2006 01:35
هناء الحمادي: الأطفال يختلفون كثيرا في مزاجهم وأسلوب تعاملهم مع الآخرين، وطريقة تفكيرهم ورفضهم لسماع كلام الوالدين، ولكل طفل أسلوب يميزه عن بقية الأطفال، فهناك طفل هادئ يستجيب لتوجيهات الوالدين، وآخر متمرد يرفض وجة نظر الآخرين وينفذ ما يدور بخلده، وتسيطر عليه أحياناً مشاعر الأنانية والزهو بنفسه والفخر بأفعاله مهما كانت بسيطة، ويرفض مراراً كلمة الاعتذار مهما بالغ في الخطأ بقصد أو بدون قصد، ومن هنا نراه يرسم لنفسه قاعدة قاسية صارمة لرفض هذه الكلمة مهما كانت مدلولاتها· يرى الكثير من العاملين في حقل علم النفس التربوي أن كلمة ''آسف'' من أصعب وأثقل الكلمات التي يمكن لطفل في عمر ما قبل المدرسة أن يتلفظها، وأنه قد يشعر في هذا العمر بالأسف لارتكاب خطأ ما لكنه يجد صعوبة بالغة في التعبير عنه بالكلمات المناسبة· لكن دعونا نتساءل: كيف ولماذا يعتذر الطفل؟ وهل تعتبر كلمة آسف تقليلا من شأنه، أم أن البيئة المحيطة به هي التي تكسبه سلوكيات كهذه ويتأثر بها؟ حول هذه القضية يدور هذا التحقيق: تقول شريفة محمود (ربة بيت): ''للطفل سلوكيات متعددة يصعب عليَّ كأم فهمها وفك رموزها، والبحث عن الأسلوب الأمثل لعلاجها، ورفض الاعتذار واحد منها خاصة الاعتذار لصديقه· في البداية كنت أعتقد أن المدرسة تلعب دورا في تهذيب سلوك الطفل وتعليمه الصواب من الخطأ، لكن تأكدت بعد فترة عندما شاهدت تطور سلوك الطفل مع نموه، أن الوالدين هما المسؤولان عن تهذيب سلوك الطفل، وما يتعلمه في البيت يطبقه في المدرسة''· تقليد الكبار أما هدى عبد الله عيسى فتقول: ''عندما يجلس ابني أمام الضيوف ويشاهد أسلوب أبيه في التعامل معي ومع الضيوف، يبدأ تدريجياً في تقليده حتى في الحركات الخاصة، فمثلا لو قال والده كلمة غير مناسبة أمام الضيوف ورفض الاعتذار عما بدر منه، يلتقط الطفل فورا هذا السلوك ويبدأ تدريجيا في تطبيقه في المنزل، ومن ثم في المدرسة مع أصدقائه، وعندما تحدث هذه الظاهرة أمامي أوبخ الطفل وأطلب منه فورا الاعتذار لزميله''· فتِّش عن الخوف وبينما تؤكد المدرسة فاطمة النعيمي أن ''على الأم والأب تعليم الطفل منذ نعومه أظافره أن الاعتذار ليس عيباً، وأن كلمة ''آسف'' ترفع قدره بين الزملاء وتعتبر ميزة تحسب له''، ترى مدرسة التربية الموسيقية نهلة محمود ''أن الطفل قد لا يمانع في الاعتذار، لكن الخوف يدفعه إلى إخفاء الحقيقة أو الخطأ الذي ارتكبه، وبالتالي يرفض الاعتذار، فالخطأ أولاً وآخراً هو خطأ الأم وليس الطفل، فلو عودت الأم ابنها على المصارحة وقبول اعتذاره عند الخطأ سينشأ الطفل من دون خوف يدفعه إلى الإنكار وبالتالي رفض الاعتذار، فضلاً عن شعوره بأن كلمة ''آسف'' لا تقدم ولا تؤخر شيئاً، لأنه جربها في المنزل مع أمه ولم تنفع، ولم يجد أي تأثير لها، وبالطبع سوف يتعامل بنفس أسلوب أمه مع الآخرين''· التقمص العاطفي من جهته يوافق خالد أحمد على ''أن طلب الاعتذار من الأطفال من أصعب الأمور، وذلك لأن التقمص العاطفي الذي يعتبر أساس أي اعتذار مهارة معقدة تحتاج لسنوات حتى يتمكن الطفل من تطويرها وإجادتها، وقد نرى أن صفة الشعور بالكبرياء تنمو عند الأطفال قبل صفة التقمص العاطفي، بشكل يبعد الطفل أحياناً عن كلمة الاعتذار، وربما يرى في الاعتذار ما يشير إلى أنه طفل سيئ''· في بعض الأحيان يأتي الاعتذار بشكل غير مباشر، كما يقول جابر حميد، فربما يجد أحد أبنائي صعوبة كبيرة في الاعتذار عن خطأ ارتكبه في حق إخوته أو والدته، ولكن في نهاية الأمر يحاول أن يعتذر للآخر بطريقة غير مباشرة من دون التفوة بكلمة ''أعتذر أو آسف''· آراء الصغار وإذا كان الكبار ينظرون إلى الاعتذار على هذا النحو، فكيف ينظر الأطفال أنفسهم إلى الاعتذار؟ وهل يقولون آسف حين يرتكبون خطأ في حق الآخرين؟ تحرص الطالبة عذارى إسماعيل على الاعتذار لمن أخطأت في حقه، ولا تشعر أن في هذا تقليل من شأنها، بل العكس تجد أن الاعتذار ميزة تحسب لها، وأنها بهذا ستكون محبوبة لدى الجميع وليست منبوذة· ومثلها طالب الابتدائية سلطان عبد الرحمن الذي يؤكد أن أسرته علمته القواعد والأصول والصفات المحببة، وقد تعلم أن عليه الاعتذار حين يخطئ، وعندما يعتذر فإنما يعبر بذلك عن أخلاقة الحميدة التي تربى عليها في كنف أسرته· وللتحليل النفسي رأي يرى الاستشاري النفسي الدكتور محمود فاضل ''أن على الوالدين وضع التعليمات والقوانين المنزلية بصورة واضحة وتطبيقها على أطفالهم، مع ملاحظة أن الوالدين يجدان صعوبة في تطبيق العقاب على أطفالهم، وذلك لعدم رغبتهما في إيذاء مشاعرهم، ولكن إذا تعمد الطفل القيام بفعل سيئ لا بد من معاقبته· من ناحية أخرى، يقوم بعض الأطفال بالاعتذار أكثر من اللازم خوفاً من اللوم والعقاب، وعندما يقوم الطفل بالاعتذار فور قيامه بفعل سيئ خوفا من غضب أحد الوالدين، فهذا يعني أنه يسير في الطريق السليم نحو تعلم الاعتذار''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©