الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"طرب فاشن" فيلم لا يطرب سينمائيا

20 أغسطس 2006 01:41
محمد الحلواجي: ''طرب فاشن'' اسم وجد طريقه في يوليو الماضي الى شاشة السينما المحلية بعد محطة عرضه الأولى في بيروت كأول فيلم سينمائي إماراتي الإنتاج والهوى· سمة الفيلم الخليجية والعربية بدت من خلال كوادره تمثيلا وتصويرا وإخراجا، فقد ضم نجوماً تلفزيونية مثل المطرب الإماراتي سعود أبو سلطان والفنانة المغربية ميساء مغربي (بطلة الفيلم ومديرة الإنتاج في ''ميديا جروب'' الجهة المنتجة للفيلم)، إضافة إلى نجوم كوميديا محليين مثل أحمد الجسمي وكويتيين كعبد الناصر الزاير وحسن البلام ومنى شداد· اما إدارة تصويره وهندسة إضاءته المميزة فكانت للمصري سعيد شيمي، بينما تصدى لإخراجه المسرحي الكويتي الشاب (خريج المعهد المسرحي بالكويت) محمد دحام الشمري، الذي يخوض تجربته الإخراجية الحقيقية السينمائية الثانية بعد فيلمه الأول ''شباب كوول''· كلام الإعلان أعلن ''طرب فاشن'' عن نفسه كفيلم سينمائي إماراتي بميزانية ضخمة وصلت إلى 3,7 مليون درهم، وهو ما فتح باب توقعات الجمهور الإماراتي على إغراء التميز· لكن كلام الإعلانات الصحفية شيء، وكلام الشاشة السينمائية لحظة العرض شيء آخر لا يتوافق مع سقوف الآمال والتوقعات· سيناريو الفيلم كان مفتقدا في بنيته الفنية للفعل السينمائي· إذ جاءت الفكرة من بنات أفكار بطلة الفيلم، بينما تصدى للتأليف السيناريست طالب الدوس· وعلى الرغم من أن فكرة الفيلم المفترضة كانت تنصب على ''موقف المرأة العربية الدفاعي على اعتبار أنها صالحة فقط للزواج وتربية الأولاد، ومفاهيم اجتماعية معاصرة مثل الشهرة والمال والجمال في مواجهة القيم المحافظة، إضافة لظاهرة خوض غمار الغناء لكل من هب ودب''، إلا إن العرض الفعلي على الشاشة العريضة كان مفككا دراميا عبر تلاحق عشرات الأفكار المتلاحقة بلا رابط درامي أو منطق فني· بل إن الجمهور لم يجد مشهدا واحدا تخوض فيه المرأة غمار الحياة العملية الحقيقية· تألق ''السنّيدة'' أما إذا جئنا للتمثيل فسنجد أن للمسألة تفاصيل كثيرة· فبطل الفيلم كان يتمتع بموهبة تمثيلية متواضعة مقارنة بموهبته العالية في الغناء· وبطلة الفيلم ذات الحضور الفني المميز سقطت منها اللهجة الإماراتية في أكثر من مشهد· أما الحضور الطاغي بالقبول لدى الجمهور وبخاصة فئة المراهقين والأطفال الذين ضحكوا كثيرا في عتمة الصالة فقد كان للأبطال المساعدين أو ''السنيدة'' كما يقال، أمثال كوميديان الكويت عبد الناصر درويش وحسن البلام ومحمد القفاص ومنى شداد والسعودي فايز المالكي، في حين كان الحضور الإماراتي عاديا جدا، وربما ظلمه في هذا السياق السيناريو المهلهل قبل كل شيء آخر· أين ذهبت الميزانية!؟ لقد طرح الفيلم أسئلة كثيرة من قبل عشاق السينما أولا، والحالمين بتقديم بين قوسين (صناعة سينما خليجية)، وأول هذه الأسئلة: أين ذهبت تلك الميزانية الضخمة التي لم تتجل في جسد وروح الفيلم الذي تم تصويره بالكامل في دولة الإمارات؟ هل ذابت في أجور خيالية نسبيا للمثلين؟ أما أحد أبرز الأسئلة فكان: إذا كان هذا هو الفيلم السينمائي الإماراتي الأول، فلماذا لم يعهد به لمخرج إماراتي رغم احترامنا الشديد لشخص مخرجه الكويتي الذي لا ننكر عليه أيضا حقه في الإسهام في الإنتاج الفني الخليجي، ولكن!· ''جناية'' الكوميديا الفيلم وتحت راية الكوميديا ومحاولة إضحاك جمهور الصالة المعتمة (بوسائل منتشرة في المسرح التجاري عادة والبرامج التليفزيونية الخفيفة غالبا) عكس صورة غير واقعية وغير منصفة للمجتمع الإماراتي والخليجي، من خلال تركيزه على نقاط لنقل ''شاذة'' في نسيج الواقع الاجتماعي وطرحها كما لو أنها قاعدة عامة تعكس بشكل رئيسي صورة واقع المجتمع الإماراتي والخليجي··· وفي هذا تفصيل كثير ليس مكانه هذه الفسحة المتواضعة، رغم المسؤولية الأخلاقية الكبيرة التي يتحملها طاقم الفيلم تجاه مقولة العرض· الفرصة الضائعة إن الفن السينمائي واللغة السينمائية ليسا بالمجال السهل وليس هما الحقل المناسب ليجرب فيه أبناء المسرح التجاري أو التلفزيون خطواتهم الأولى، رغم حسن النوايا التي لا نشك فيها· وإذا كانت السينما كذلك فإن فن الإضحاك ليس عنصرا سهلا ايضاً، ولهذا كان على الفنانين اقتناص فرصة التمويل الجيد واستغلاله أيما استغلال، خاصة وأنه مناخ لا يتكرر ولن يتكرر دائما· وعلى الرغم من كل شيء لا يسعنا إلا ان نشكر شرف المحاولة في ارتياد العالم السينمائي· وإذا كان هناك من حسنات للفيلم، فلن ننسى ذلك الحضور المميز لبعض الوجوه التي أدت الأدوار الثانوية وأثبتت أنها قادرة على الحضور المؤثر من خلال الكادر السينمائي رغم أن التجربة الحالية لم تخدمها كثيرا· كما لا يمكننا إغفال تلك المتعة القادمة من جماليات الموسيقى والإضاءة والتصوير الجميل الذي أسرنا بهاؤه رغم غياب النص السينمائي والرؤية و فقر الأدوات·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©