الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سريكومار يرصد تفاصيل قديمة من المشهد الهندي في «شجرة السلخ»

سريكومار يرصد تفاصيل قديمة من المشهد الهندي في «شجرة السلخ»
19 يناير 2013 00:38
«سريكومار سن» 81 عاماً، روائي هندي، ربما عرفه البعض كمحرر رياضي في صحيفة «التايمز» اللندنية، إلا أن شهرته كروائي لم تبدأ إلا منذ أشهر قليلة، عندما أفصح عن أول أعماله الروائية «شجرة السلخ»، الصادرة طبعتها الأولى عن دار «بيكادور» الهندية. وهذا العمل الأقرب إلى السيرة الذاتية، مبني على جانب من حياة المؤلف، ويبدأ برصد تفاصيل طفولته في مسقط رأسه بولاية «كالكوتا» الهندية حتى عام 1965. وفيما يبدو إصدار أول عمل روائي، شبه مستحيل بالنسبة لرجل في مثل سنه، فإن اللافت في هذا المؤلف هو فوز روايته بجائزة «تيبور جون لكتاب جنوب آسيا»، وهي جائزة تمنح للأعمال الروائية التي لم يسبق نشرها. يؤكد سن «إن فكرة الرواية لم تغادر ذهني، واستمرت ترافقني منذ سنة 1964، عندما كنت في رحلة إلى مسقط رأسي، لأرى المنزل الذي نشأت فيه. كانت تراودني أثناء وجودي في القطار أو وقوفي بالنافذة. تفاصيل صغيرة كانت تأتيني، وكنت أدونها في ذهني، هكذ بلا ترتيب». وإلى أن ينتهي من كتابة مؤلفه الثاني، فإن ذكريات «شجرة السلخ»، لاتزال دليله الحي على أن الواقع في أجمل صوره، ما هو إلا ثمرة الحلم، وإن جاء متأخراً. إن بطله «سابي»، وهو فتى ينشأ ويتربى في الهند، هو ذاته الذي مازال يعيش في أعماقه حتى وهو في مرحلة الكهولة. ولطالما تمنى ولادته، حتى قبل صدور هذه الرواية التي استغرقت كتابتها ثلاثة أعوام. أما تفاصيلها فتدور حول أزمة بطلها الطفل الوديع سابي، ذي السنوات التسع، الذي يعيش وحيداً مرفها كعادة أطفال الطبقات الثرية، في منزل جدته بكالكوتا. وحين لم يكن هنالك ما يسلي وحدته، فقد دأب على الاستغراق في أحلام يقظته. حتى أن أجواء المدرسة الداخلية التي أرسل إليها بالتزامن مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، بعيداً في الشمال، حيث يمكن حمايته من أي غزو ياباني، لم تكن كافية لشعوره بالتفاعل مع ما حوله. إلا أن سابي في طفولته، وعالمه الذي يبدو لك آمناً إلى أبعد الحدود،لا يستمر. وعن تحولاته المذهلة، يروي سن أسوأ ما يمكن أن يتعرض له الإنسان، نتيجة شعوره بالقهر. وها هو يدخل بطله إحدى المدارس الراقية، المعروفة بتقاليدها المتزمتة. ثم يضعه تحت رحمة قوانينها الصارمة. ليجد نفسه محاطاً بدكتاتورية جماعية من الصعب التمرد عليها. منظومة من السلوكيات الجائرة الممنهجة، تتراوح بين العقاب الجماعي، وسلسلة من الضرب والاعتداء الذي يمارسه المدرسون أنفسهم على تلاميذهم، فينصاع إليها بالتحول نحو العنف، وتعزيز قوى الشر في داخله. لقد تبين له زيف العالم الذي تركه وراءه في كالكوتا. كان عالما هشاً من القيم الهندية الموروثة الممزوجة بتقاليد إنجليزية يسمونها عريقة. وقد أثبت عجزه عن تزويده بالقدرة على مواجهة عالم من التحدي يتطلب منه أن يكون أو لايكون. ولعل أكثر مشاهد العنف التي يمارسها سابي وزملاؤه، تأثيراً في القارئ نفسه، هي تلك التي يسلك فيها الضحية سلوك الجلاد. إن هؤلاء الصبية المتنمرون، لايتورعون عن التفكير في التماهي مع أولئك المتوحشين. فيبحثون عن الطيور والحيوانات الأليفة في أنحاء المكان، وما أن يظفروا بهذه الغنائم حتى يقوموا بتعذيبها وسلخ جلودها ثم قذفها فوق شجرة الصبار، شجرة السلخ. إن أحداً لايمكنه تصور هذه المشاهد التمثيلية، التي دأب على ممارستها طلاب صغار، ظلوا يتداعون إلى سلوكهم الوحشي، حين أرادوا أن يبينوا أن مشاعرهم قد تبلدت، وأن قلوبهم قد تحجرت، بسبب ما ينالهم من الظلم. غير أن ما أراد أن يقوله المؤلف ربما كان أبعد قليلاً من ذلك. لقد عايش سن تلك المرحلة التي كانت بلاده تتهيأ خلالها للدخول في الحرب مع اليابان- كانت الهند قاعدة إمداد وتدريب مهمة بالنسبة للحلفاء، أثناء الحرب العالمية الثانية. وكان غزو اليابان لبورما يشكل تهديداً للهند، التي استطاعت أن تغزو مناطق حدودية منها سنة 1944، ثم انسحبت تحت التهديد البريطاني- وقد دفعه شعوره بالتهديد آنذاك، إلى تجسيد مظاهر الاستعداد للدفاع عن وطنه باستخدام هذه المجازية، للتعبير عن موقفه تجاه أي عدوان خارجي. على الرغم من أن هذه التفاصيل تعود إلى عقود مضت، إلا أن ثمة ما يحمل مؤلف «شجرة السلخ» على التذكير بها. إن المشهد الحياتي الهندي لم يعد كما ألفه من قبل. وأثناء زيارته إلى موطنه الأصلي، وهي المرة الأولى منذ أن غادرها قبل سبعة وأربعين عاماً، تأكدت له المفارقة، بل وسيطرت عليه مشاعر الخيبة «إن الهند التي نراها اليوم، ليست هي البذرة التي وضعها في الناس الأجداد المؤسسون. لقد أرادوا شيئاً أكثر ملاءمة لحياة الإنسان في بلاده. أما ما نراه الآن فهو، أن بإمكانك الحصول على كل شيء، إذا كنت تملك المال، بينما حوالي تسعة وتسعين بالمئة من الناس مازالوا فقراء». في الخامسة عشرة من عمره غادر سن مسقط رأسه، واستقرت أسرته في بريطانيا، حيث كان زوج أمه مراسلاً لصحيفة «هندوستان تايمز» في لندن. ثم تخرج في التاريخ من جامعة أكسفورد، والتقى بزوجته البريطانية، وهي طالبة فنون هناك. وسافرا إلى الهند، التي غادرها مرة أخرى عائدا إلى بريطانيا عام 1965. أما عن كتابه فهو على الرغم من تفاصيله المملة، وفقراته وجمله الطويلة، على العكس مما تعود عليه كتاب اللغة الإنجليزية من اقتصاد في اللغة، إلا أنه يبقى آسراً في مضمونه.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©