الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هيلاري..انحراف اقتصادي نحو «اليسار»

21 يوليو 2015 22:51
قدمت هيلاري كلينتون في خطابها يوم الاثنين الماضي حول وضع ومستقبل الاقتصاد الأميركي دليلاً إيجابياً يشير إلى أن مركز ثقل «الحزب الديمقراطي» قد انحرف إلى اليسار. وتضمن خطابها عرضاً شاملاً لكل العناصر التي وضعها حزبها في تحليله لوضع الرأسمالية الأميركية في القرن الحادي والعشرين. ومنها أن المكافآت الاقتصادية لا تذهب إلا إلى الأغنياء (المديرين التنفيذيين الناجحين ومسيري الصناديق المالية، وفقاً لتعبيرها)، وأن ذلك يتم على حساب قطاع الاستثمار والموظفين العاديين، وأشارت إلى أن انهيار اتحادات العمال جعلتهم بلا حول ولا قوة، وغير قادرين على المطالبة بالمشاركة في عوائد وأرباح السلع والخدمات التي ينتجونها بأنفسهم. وقالت إن الفرق بين دخل العامل ومستوى استهلاكه جعلا من عملية إصلاح هذا الخلل مهمة صعبة ومعقدة. كما أن أساليب العلاج التي اقترحتها تقدم القرائن التي تشير إلى انحراف حزبها عن «عصر رونالد ريجان» الذي كان يفترض أن الأسواق يمكنها أن تحل مشاكلها بنفسها. وأشارت إلى أن انخفاض الاستثمار ونقص القدرة على تخفيض معدل البطالة، يتطلبان تأسيس بنك للمساهمة في تحديث البنية التحتية العامة والخاصة وإصلاح نظام الضرائب المفروضة على أرباح رؤوس الأموال وبما يضمن زيادة أرباح حمَلَة الأسهم الذين يحتفظون بأسهمهم لأوقات طويلة. وقالت إن مداخيل الأميركيين يجب أن ترتفع عن طريق زيادة الحدّ الأدنى للأجور، وإعادة النظر في السياسة الضريبية بحيث يحقق الموظفون والعمال أرباحاً أكثر، وأن يتم تشريع القوانين التي من شأنها أن تسهّل على العمال مهمة تأسيس اتحاداتهم. ويمكن العثور على الجذور الأولى لهذا «الاقتصاد الكلينتوني Clintonomics في أوراق نشرت هذا العام من طرف اقتصاديين ومؤطري سياسات سبق لهما أن وضعا الخطوط العريضة لـ«عصر كلينتوني» سابق أيام الرئيس الأسبق «بيل كلينتون». ففي شهر يناير الماضي، عمد «المركز الأميركي للتقدم» CAP إلى تشكيل لجنة شارك في رئاستها الخبير الاقتصادي «لورانس سامرز»، الذي سبق له أن شغل منصب وزير الخزانة في عهد «بيل كلينتون»، وكانت تلك اللجنة تدعو إلى زيادة أرباح حَمَلة الأسهم، وتشريع قوانين أكثر قوة لصالح العمال، وحتى تأسيس مجالس العمل التي تمنح العمال حق المشاركة في إدارة وتسيير المؤسسات التي يعملون فيها. وخلال الشهر الماضي، نشر «معهد بروكينجز» تقريراً بقلم «وليام جالستون» و «إيلين كامارك»، وهما خبيران سبق لهما أن عملاً معاً مستشارين في إدارة كلينتون، يشرح الطريقة التي ستتحول بموجبها الشركات الأميركية إلى آلة يمكنها أن تقتطع هامشاً من أموال المستثمرين من أجل صرفها في مكافأة حمَلَة الأسهم وكبار المديرين التنفيذيين. وجاء في تقريرهما: «وفيما سجلت قيمة الأموال النقدية التي كانت توزع على حَمَلَة الأسهم أرقاماً قياسية، انخفضت قيمة الأسهم ذاتها إلى أدنى مستوياتها». وأشار الخبيران أيضاً إلى أن معدل نمو المبيعات في أشهر 500 شركة أميركية اختارتها مؤسسة «ستاندارد أن بورز» للتصنيف، ارتفع بمقدار 2?6 بالمئة فيما ارتفع معدل الربح على السهم الواحد بمقدار 6?1 بالمئة. والسبب الأساسي؛ لذلك هو أن الإقبال على إعادة شراء الأسهم المباعة أصلاً، خفّض العدد الإجمالي للأسهم المعروضة في الأسواق. ومن أجل علاج هذا الارتفاع في الدخل على حساب الاستثمار المنتج، دعا الخبيران «جالستون» و«كاراك» إلى إلغاء القوانين التي صدرت في عهد «ريجان» والمتعلقة بتنظيم التجارة بالأسهم والسندات، التي تسمح لمديري الشركات بشراء أسهمهم ذاتها حتى لو كان الدافع من وراء ذلك هو الرفع من أسعارها. وأشارا إلى ضرورة احتفاظ حمَلَة الأسهم بأسهمهم لفترة طويلة حتى يستفيدوا من خفض معدل للضرائب على أرباحهم. وإلى حدّ ما يمكن القول إن المشاكل المتعلقة بهذا التحول غير المفهوم الذي تشهده الشركات الأميركية وحتى الاقتصاد الأميركي ذاته، التي عانى منها الأميركيون كثيراً، والتي تحظى الآن باهتمام كبير من دعاة «الحزب الديمقراطي»، يبدو أنها أصابت دعاة «الحزب الجمهوري» بحالة من الاستعصاء الفكري. وهم الذين بقيت مجسّاتهم ورؤاهم الاقتصادية معلقة بعام 1981 الذي صادف السنة الأولى من عهد ولاية الرئيس ريجان. إن موقف «الجمهوريين» يمثل بحق نوعاً من السكتة الدماغية التي لن يستفيد منها الناخبون الأميركيون أبداً. هارولد ميرسون* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة»واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©