وداعاً للمحررين الاقتصاديين

إعداد ـ أيمن جمعة: أعلنت مجموعة ''طومسون فاينانشال'' لمعلومات الاقتصاد أنها بدأت في استخدام أجهزة كمبيوتر قادرة على تقديم قصص إخبارية مستقاة من البيانات المالية للشركات، وبسرعة فائقة لا تتجاوز 0,3 ثانية من لحظة إعلان هذه البيانات··! وتقول صحيفة ''فاينانشال تايمز'' في تقرير ''نجحت خدمة أنباء اقتصادية أميركية في ابتكار طريقة جديدة للتخلص من المحررين عن استخدام برامج كمبيوتر لكتابة قصص إخبارية اقتصادية بسرعة فائقة·'' وبالفعل أعلنت ''طومسون فاينانشال'' أنها أوردت أول خبر اقتصادي يكتبه جهاز كمبيوتر في خدمتها يوم الثلاثاء الماضي، وكان نصه ''ايرادات مؤسسة اميركان ايجل اوتفيترز عن الربع الثاني من العام فاقت تقديرات طومسون فاينانشال وكانت عند الحد الأقصى لتوقعات وول ستريت·'' ويرى المراقبون أن هذا ''الكمبيوتر الصحفي'' سيقدم طفرة لا يمكن تصورها في عالم الاستثمار، وذلك في ضوء قدرته على أن يوفر للمتعاملين والمستثمرين قصصاً إخبارية دقيقة خلال فترة قياسية لا يمكن أن يوفرها الصحفي البشري· وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود ''طومسون فاينانشال'' المنافس الجديد لوكالات عريقة مثل رويترز وبلومبرج، للاستفادة القصوى من قاعدة بياناتها بما يعطيها ميزة تنافسية من خلال استخدام أجهزة الكمبيوتر· ويقول ماثيو بوركلي نائب رئيس الاستراتيجيات في الشركة ''الأمر لا يتعلق بخفض النفقات والاستغناء عن المحررين الاقتصاديين بل تقديم خدماتنا ومعلوماتنا إلى المتعاملين بسرعة فائقة مبما يجعلهم يتخذون قرارات استراتيجية تقريباً في لحظة إعلان البيانات نفسها· نحن نسأل أنفسنا دوماً عن كيفية توصيل المعلومة إلى العميل بأسرع ما يمكن لكي يقوم على ضوئها باتخاذ قرار فوري بالبيع أو الشراء· ونجاح هذه الفكرة يعني أننا يمكن أن نجعل المحررين يكرسون وقتاً أكبر من عملهم للتحليل والاستقراء·'' والشركة سعيدة جداً حتى الآن بنتائج المشروع الذي تعكف عليه منذ مارس الماضي، وتؤكد أن الكمبيوتر الصحفي الاقتصادي لم يرتكب حتى الآن أي خطأ ما يجعلها تفكر في توسيع اعتمادها عليه في تقديم معلوماتها الاقتصادية للمتعاملين ''لكنها لا تزال تنتظر ردود فعل عملاء الشركة وخاصة صناديق التحول والمؤسسات الاستثمارية الكبرى·'' واستخدام برامج الكمبيوتر في تقديم خدمات إخبارية اقتصادية ليس حكراً على ''طومسون فاينانشال'' فقد كشفت وكالة ''رويترز'' عن خطط مماثلة في هذا الاتجاه في حين لم تقرر ''بلومبرج نيوز'' دخول هذا المجال حتى الآن· ولن يقتصر اقتحام الكمبيوتر لمهنة الصحافة الاقتصادية عند هذا الحد· فهناك تقارير بأن ''طومسون فاينانشال'' ورويترز تحاولان أيضا مساعدة العملاء الذين استغنوا عن العنصر البشري في اتخاذ قرارات استثمارية وعهدوا بهذه المهمة إلى أجهزة كمبيوتر، من خلال مساعدة هذه الأجهزة على قراءة الأخبار التي تقدمها أجهزة الكمبيوتر الصحفية بشكل صحيح ودقيق· ويقول المراقبون ''المضي قدماً في هذا الخطوة سيقلص الحاجة لشراء شاشات معلومات، خاصة إذا كانت هذه الأجهزة ستحل فعلاً محل متعاملين بشريين· وستدفع الشركات العملية بدلاً من ذلك اشتراكات مالية مقابل تدفق معلومات كمبيوترية إلى أجهزة الكمبيوتر التي تشغلها لاتخاذ قرارات استثمارية·'' وتقوم الفكرة على تعديل أجهزة الكمبيوتر الصحفية مما يجعلها تقدم بيانات وقصصاً إخبارية تستطيع أن تستخدمها أجهزة الكمبيوتر لدى العملاء للقيام بتداولات آلية· ويقول توم جلوسر الرئيس التنفيذي لرويترز ''هذا احد مشاريعي المفضلة·'' وتظهر الاحصائيات أن ثلث تعاملات الأسهم الأميركية يتم من خلال ما يمكن وصفه بـ ''التعاملات الآلية'' مع تزايد توجه مديري صناديق الاستثمار إلى تقليد صناديق التحوط التي تطبق استراتيجيات تعامل آلية في مسعى لزيادة كفاءتها· ومن المتوقع ارتفاع هذا الرقم خلال الأعوام المقبلة مع تطلع مديري صناديق الاستثمار والسماسرة وأيضا البورصات لسرعات قصوى في تلقي المعلومات والبيانات لمواجهة المنافسة المتزايدة في الأسواق· ويتم استخدام برامج التعامل الآلي من خلال نماذج يقوم بوضعها أساتذة اقتصاد في عدد متزايد من البنوك الاستثمارية وشركات التداول كوسيلة لتداول كميات كبيرة من الأسهم بأسرع وقت ممكن· ومع ذلك فبمجرد أن يكتب جهاز الكمبيوتر في وكالة الأنباء تقريره عن أداء شركة ما ويسلمه إلى جهاز كمبيوتر آخر ليتخذ قراراً استثمارياً جيداً تكون نتيجته تحقيق أرباح· تظل هناك نقطة واحدة لن يستطيع سوى الإنسان عملها·· الخروج من المكتب وهو يقفز في الهواء سعيداً بنجاحه في إبرام صفقة جيدة··!