الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيت التّين الشوْكي يفجر ثورة في عالم التجميل بالمغرب

زيت التّين الشوْكي يفجر ثورة في عالم التجميل بالمغرب
11 أغسطس 2014 22:37
مع بداية فصل الصيف، يقبل المغاربة على تناول حبّات التين الشوكي، لأنها مُفيدة جدا وتمد الجسم بالكثير من الفيتامينات والأملاح المعدنية، كما تُسهّل عمل وظائف العديد من أعضاء الجسم، بما توفره من الفوائد الغذائية والوقائية والدوائية العديدة لجميع أعضاء جسم الإنسان. إلى جانب كون التين الشوكي من المحاصيل الزراعية التي تحظى باهتمام الدولة لما لها من دور في الصناعات التجميلية التي من المنتظر أن تحقق ثورة في هذا المجال. ثورة هائلة بدأت العديد من الجمعيات في القرى المغربية، تنتظم داخل إطار جمعوي لتأسيس تعاونيات صغيرة لتصنيع وتسويق زيت “التين الشوكي”، الذي أحدث ثورة هائلة في عالم مواد التجميل وطب التجميل. فهذا الزيت الذي فطن إلى أهميته كبار علماء التجميل والمختبرات العالمية. وتقطير زيت التين الشوكي أصبح مدراً للدخل ويُحسّن مداخيل أسر عديدة في المناطق النائية بالمغرب، حيث ينبت الصبار، الذي يساعد زيته على محو تجاعيد الوجه والتئام الجروح، كما يساعد زيت الصبار على إزالة المساحات الزرقاء حول العين، ويفيد في إيقاف الترهل في الوجه، وله قدرة خارقة على وقاية خلايا الجلد وتنشيط الأوعية الدموية، وهناك أبحاث مخبرية عالمية تقر بأن زيت “الكرموس” أوزيت “التين الشوكي” يعتبر إلى جانب زيت الأرغان من أهم الزيوت التي توقف زحف الشيخوخة إلى الوجه. وفي المغرب تم إنجاز أبحاث علمية عميقة حول زيت التين الشوكي، لا تقل قيمة عن الأبحاث العلمية التي يقوم بها الطلبة وكبار العلماء في معاهد البحث العلمي في أعرق جامعات الدول التي يكثر فيها الصبار كالمكسيك وبلدان أخرى من دول مجاورة. إلى ذلك، يقول الباحثات المغربيان عبدالهادي دكان وبوشعيب كاما في مُصنفهما العلمي “الصبار نبات المستقبل”: إن بلاد المكسيك تعتبر الموطن الأصلي لنبات الصبار، حيث تم العثور على دلائل في الحفريات التي أجريت في مناطق بزيبلا وطايكان، والتي يرجع تاريخها إلى 7000 سنة مضت، حيث عثر في هذه المواقع أثناء التنقيب على الآثار على متحجرات لبذور الصبار، بالإضافة إلى ألياف سيقان الصبار في كهوف افترض أن الإنسان كان يعيش بداخلها. مكون أساسي في الأسواق المغربية بدأت تظهر مواد تجميلية متعددة يدخل في تركيبها خلاصة ألواح الصبار وزيوته، والتي بدأ الاعتماد عليها بشكل أساسي كأحد أهم مكونات بعض مستحضرات التجميل بعدما كان سابقا يعتمد في تصنيعها على دهون وزيوت مستخلصة من أعشاب البحر وطحالبه وأنواع نادرة من الحيوانات البحرية التي هي الآن في طريقها إلى الانقراض. كما بدأت الحكومة المغربية ممثلة في وزارة الفلاحة على تشجيع زراعة التين الشوكي وتسويقه وتقطير زيوته وتشجيع الجمعيات القروية الصغيرة على تنظيم نفسها وتشجيع بعضها لإعطاء أهمية للصبار حتى يساعد دخله على تحسين دخل الأسر المعوزة، والتي تستقر في القرى، ويشجع العمل في جمع حبات التين الشوكي على وقف هجرة شباب القرى نحو المدن، كما تعمل الحكومة على غض الطرف عن أصحاب العربات الصغيرة التي يبيع عليها أصحابها حبّات التين الشوكي، وهي عربات تكثر في شوارع المدن المغربية خلال موسم الصيف وتشكل فوضى في الشارع العام. ويوفر جمع الصبار، أو التين الشوكي، من الحقول المغربية وتسويقه إلى المُستهلك فرص عمل كثيرة، كما تستعمل ألواح الصبار كأعلاف للحيوانات في القرى وتُوفّر دخلا لنساء القرية وللشباب الذين يشتغلون خلال فصل الصيف، سواء في جمعه من المزارع أو بيعه للمستهلك المغربي والأجنبي، خلال الساعات الأولى من الصباح. إلى ذلك، يقول الشاب سعيد: “في فصل الصيف أجلب حبات التين الشوكي من قريتي وأبيعها في عربتي الخشبية في شوارع الدار البيضاء حتى أساعد أسرتي وأوفر بعض المال لأشتري لوازم المدرسة لي ولإخوتي الصغار”، مشيرا إلى أن الإقبال عليه كبير. شهرة واسعة برأي الباحثين فقد عرف نبات الصبار أوج شهرته الواسعة في عهد حضارة الأزتيك، حيث وجده المستكشفون الإسبان في كتابات السكان الأقدمين بالمكسيك، فقد كان هذا النبات يعتبر عنصرا أساسيا في طبخهم، كما أنهم استعملوه في علاج العديد من الأمراض، وقد وصل إلى درجة التقديس عندهم بإدخاله في طقوسهم الدينية، وكان يعتبر ولا يزال جزءا من ثقافة بلاد المكسيك، فضلا عن كونه اليوم يشكل واحدا من رموز الشعار الرسمي لهذا البلاد، إلا أنه لم يعرف هذا الانتشار الواسع إلا في القرن السادس عشر عندما اكتشف الرحالة العالمي الشهير كريستوف كولومبس القارة الأميركية سنة 1492 م. وقد استرعى نبات الصبار انتباه المستكشفين الإسبان الذين وصلوا إلى بلاد المكسيك بحيث استقدموه معهم إلى إسبانيا ومن ثم انتشر إلى مختلف أنحاء المعمورة، حيت تأقلم مع طبيعة المناطق التي زرع فيها. وقد وصف كريستوف كولومبس نبات الصبار في مذكراته حين رآه لأول مرة: “رأيت أشجارا كثيرة تختلف عن أشجارنا كانت لها أغصان متعددة ذات أشكال متباينة كلها تقف على جذع واحد، وكل غصن أو فرع فيها يختلف عن الآخر وهو من أعاجيب العالم… يا لروعتها”. وأضاف: “سرت بين تلك الأشجار التي كانت من أكثر الأشياء جاذبية للعين مما وقع عليه نظري هنا حتى اليوم، بساط محدود من الخضرة مثلما هو عليه في شهر مايو في الأندلس وجميع الأشجار تختلف عن أشجارنا مثل اختلاف الليل والنهار، وكذلك الأمر بالنسبة لفواكه هذه الأشجار وكذا النبات والأحجار وجميع الأشياء”. عناية خاصة يذهب الباحثان إلى أن أول من استفاد من نبات الصبار بعد اكتشافه في البداية هم البحارة، فقد أولوه عناية خاصة واهتماما بالغا حين اكتشفوا بمحض الصدفة أن هذا النبات يتوفر على خصائص مضادة لمرض الأسقربوط (البتع) الذي أصيب به العديد من البحارة بعد قضائهم شهورا طويلة بالبحر من دون فاكهة أو خضراوات طازجة، فقد كان هذا المرض يفتك بأرواح البحارة آنذاك؛ ما جعلهم يكتمون سر هذا النبات كعلاج لهذا الداء طيلة قرن من الزمن تقريبا، خصوصا وأن هذا الاكتشاف اعتبر حينئذ سرا من الأسرار الكبرى للدولة، وبالتالي تم منع تصدير نبات الصبار بموجب بعض القوانين لدرجة أنه كان يطبق حكم الإعدام في حق المخالفين لهذا القرار. وأوضحا: “غير أنه ابتداء من القرن السابع عشر بدأ علماء الطبيعة يشيرون إلى نبات الصبار في مصنفاتهم وكتبهم، ومن ثم أخذت شهرته تملأ الآفاق وأصبح بذلك نجم علم النبات بامتياز”. ويضيف الباحثان: إن الأبحاث العلمية حول نبات الصبار لم تظهر إلا في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، وبذلك لم يبق مغمورا، بل ارتقى ليصبح مثار اهتمام العلماء والدارسين، بحيث حظي باهتمام واسع النطاق تجلى في ظهور مجموعة من الإصدارات حوله عبارة عن دوريات وكتب ودراسات وأبحاث جامعية،. بل أكثر من هذا، حيث تم إحداث الشبكة العالمية لنبات الصبار تحت رعاية منظمة الأغذية والزراعة التي تتخذ من إيطاليا مقرا لها، ما أسهم في فسح مجال التعاون العلمي والتقني وتسهيل عملية التواصل المعلوماتي بين الباحثين والخبراء حول هذا النبات. وقد أدت جهود التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء المنضوية تحت لواء الشبكة العالمية للصبار والتي تضم في عضويتها مجموعة من الدول نذكر منها المكسيك، المغرب، البيرو، البرازيل، الأرجنتين، التشيلي، إيطاليا، تونس، جنوب أفريقيا، إلى الدعوة لعقد مؤتمر عالمي حول نبات الصبار، والذي أصبح ينظم تحت رعاية منظمة الأغذية والزراعة في إحدى هذه الدول مرة كل أربع سنوات. أصل التسمية يبدأ المغاربة في استهلاك التّين الشوكي أو” أكناراي”، كما يسميه المغاربة في جنوب المغرب، وهي لفظة يُخال أنها أمازيغية مغربية قديمة، لكنها في الأصل، كما يرى باحثون، “مُشتقة من اسم “جزر الكناري”، حيث جلب الإسبان نبات الصبّار من المكسيك إلى جزر الكناري ومنه انتقلت زراعة هذا النوع النباتي إلى مناطق ومدن مغربية عديدة. كما يُطلق على فاكهة الصبّار أسماء أخرى من قبيل “الهندية”. ويُشاع أن بعض المُستكشفين والرحالة الإسبان، حملوا معهم نبات الصبار خلال قيامهم برحلاتهم الاستكشافية إلى القارة الأميركية، وأطلقوا خطأ اسم الهنود على سكانها الأصليين، باعتقادهم أنهم وصلوا إلى الهند خلال رسو قواربهم على سواحل أميركا، كما يسميه المغاربة أيضا “كرموس النصارى” نسبة إلى الإسبانيين من أتباع الديانة المسيحية الذين ادخلوا هذا النبات إلى المغرب قبل زمن طويل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©