الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هل ستجد إسرائيل مكاناً لها في الشرق الأوسط؟

22 أغسطس 2006 00:41
بيروت - الاتحاد خاص: الإسرائيليون أقفلوا كل الأبواب مع العرب· الفلسطينيون يسألون: ''إذاً، أي دولة سيمنحوننا إياها؟''··لكن حرب الأيام الماضية في لبنان، وبعيداً عن كل الكلام الجيوبوليتيكي الذي يتردد الآن، لا بد أن تطرح مثل هذا السؤال: أليس هناك من ''جان بول سارتر'' إسرائيلي يكتب: الغثيان !·· قتال ولهاث إلى أين؟ بالتأكيد إلى الغيتو، فيما يقول كاتب إسرائيلي: ''هل علمنا الآن لماذا يكرهنا العرب؟''· هذا تحقيق من داخل المشهد العملاني والإنساني من لبنان أعدته ''الاتحاد'': أي حرب لا بد أن تصنع صدمة ما· بين الحين والآخر تزدهر اللحظة الإنسانية في شخصية الكاتب الإسرائيلي البارز ''عاموس اوز''، فيقول: ''ثمة هيكل عظمي يلازمني في هذه الغرفة، أحياناً كثيرة تتقمَّصني، هل هذه هي أصابعي حقاً، أم أنها أصابع ميت؟''· لكن الذي ظهر في إسرائيل أن الأكثرية الساحقة من الناس تقف مع الجيش، أي مع تلك العمليات الهائلة التي نفذها في لبنان· قاذفات مجنونة وتتعقب المدنيين· هذا لا يحدث، ولا يمكن أن يحدث، في أي حرب أخرى، ولكن ألا يقول رجل مثل ''مكسيم رودنسون'': ''أمام ذلك المنظر، سقطت كل حضارتنا''· لا شيء، إذاً، تغيّر منذ العصر الحجري· لا، لا، هذا ليس صحيحاً· لنذكر أن ''اندريه ساخاروف''، وهو أبو القنبلة الهيدروجينية في الاتحاد السوفيتي السابق، قال: ''في تلك اللحظات، كنت اشعر بأن رأسي لا يختلف كثيراً عن رأس الشيطان···''· حضارة أكثر·· موت أكثر إذاً، الذي تغيّر هو تطوير تقنية الموت على ذلك النحو الهائل· ولكن ألم يقل ''برتراند راسل'': ''حضارة أكثر موت أقل''· لا ريب أن تعديلاً جوهرياً حدث في هذا: حضارة أكثر، موت أكثر ويسأل ''يوئيل ماركوس''، المعلق الإسرائيلي البارز'' ما إذا كنا سنجد مكاناً لنا في ذلك الشرق الأوسط''، معتبراً ان المنطقة، وحيال مرأى الدم، لا بد أن تنتفخ أيديولوجياً أكثر فأكثر، فالفلسطينيون يسقطون دون أن يلتفت أحد، واللبنانيون يسقطون فيما الشاشات تتبارى لتقديم أكثر الصور تراجيدية· لا تداعيات سياسية لكل هذا· يسأل أحد اللبنانيين ''ما إذا كنا ننتمي إلى قبائل التوتسي والهوتو···''·حتى تلك القبائل في رواندا وبوروندي وجدت مَن يعترض على ما جرى في شأنها· شكلت محكمة دولية··المشهد هنا مختلف حين يتعلق الأمر بإسرائيل، يصبح القتل ضرورة ثقافية، حتى ولو استهدف عائلة تتنزه على شاطئ غزة، أو فلاحاً لبنانياً زاهداً في هذه الدنيا، ولا علاقة له البتة بكل تلك التوترات الجيوبوليتيكية التي تكتسح المنطقة·· هذا الذي يحدث جدار فصل بين العرب واليهود··هذا كان قد أثار حنق ''مكسيم رودنسون'' في مقالة له حول جدلية الأديان· إذ يشير إلى اعتراف كل من المسلمين والمسيحيين بأن اليهودية ديانة منزّلة، يستغرب كيف أنهم في إسرائيل ما زالوا يصرّون على ان الآخر هو ''الناطق الرسمي باسم العدم''· هنا يتوقف ''رودنسون''، وهو المفكر اليهودي الأميركي، ليلاحظ كيف أن العدمية تستحوذ على العقل السياسي، والاستراتيجي في إسرائيل، فالعلاقة مع الآخر تحددها فوهات الدبابات، تماماً كما كان يفكر، ويعمل، نجوم الرايخ الثالث في المانيا ابان الحرب العالمية الثانية··فكرة التفوّق اياها دائماً، وإن حاول قادة الدولة العبرية إضفاء دلالة ايديولوجية عليها (كما لو أن التاريخ توقف في ذلك الزمن الغابر): الصراع من أجل البقاء· لنذكر ما قالته ''غولدا مئير'' ذات يوم: ''حين يولد طفل عربي في مكان ما أشعر بأن الخطر يقترب أكثر من فراشي''· ذات يوم، وهذا معروف، فكّر ''ارييل شارون'' في نشر مادة بيولوجية بين الفلسطينيين تفضي إلى العقم، فيما كان على ''رفاييل ايتا'' أن يصرخ ''يا الهي، إنه الحل···'' هذا حين وصل إلى بين يديه تصميم القنبلة النيترونية الذي وضعه العالِم الأميركي ''صمويل كوهين''، وهي القنبلة التي تقتل الكائنات الحيّة دون أن تلحق الضرر بالمحيط رقعة الشطرنج الخيار الأخير هو الغيتو· عودة عن الشرق أوسطية التي دعا إليها ''شمعون بيريس''، معتبراً ان هذا هو ''خيارنا الوحيد لكي نستمر، بعيداً عن الارتهان للعبة الدم''· في مكان آخر، قال: ''لا نستطيع أن نظل هكذا، وإلى الأبد، على رقعة الشطرنج، والمقصود ألا تبقى في يد أي قوة عظمى، وإن كان ''افيغدور ليبرمان'' قد سأل، ذات يوم، معترضاً على ما دعاه بالضغط الأميركي لاقامة دولة فلسطينية: ''هل تحوّلت الولايات المتحدة إلى عبء استراتيجي على إسرائيل؟''· عادة تكون هناك حصيلة للحرب· إذا عدنا إلى المعلق ''زئيف شترنهال'' لرأينا أنه يعتبر ان أهم ما أنتجته تلك الحرب هو تأكيدها أن ''ايهود اولمرت'' لم يستطع أن يتجاوز دوره كرئيس بلدية سابق· لم يتمكن من أن يتصرّف كرئيس حكومة، فيما المحللون الأوروبيون يتحدثون عن ''غبائه'' إذ أنه أطلق سلسلة من المواقف التي لا تدع مجالاً للشك في أنه يتقيأ كل ما يصل إليه، أو ما يشاهده، دون أن تكون لديه لا القدرة على التحليل، ولا القدرة على الرؤية لا ريب أن الخلل في ميزان القوى هائل· هذه حقيقة لا تقبل الجدل، لكن الكاتب السياسي ''آمنون كابيلوك'' يسأل بداية ما إذا ''كنا قوة عظمى'' وما إذا ''كنا نريد أن نخوض حرباً أبدية ضد العرب''، ليلاحظ مستوى الحماقة في مثل هذا التفكير، فالعرب سيصبحون 700 مليون نسمة مع نهاية هذا القرن، أي أنهم سيتحوّلون إلى قوة ديموغرافية هائلة، ومع ثورة الاتصالات، بات العربي الذي في مدينة جرش الأردنية يتناول طعام العشاء مع العربي في مدينة مكناس المغربية·· هذا، مع اعتبار أن العرب لا بد أن يتطوّروا تكنولوجياً بعدما تمكنت بعض بلدانهم من تحقيق معجزات معمارية واقتصادية وحتى اجتماعية بما تعنيه الكلمة، مشيراً إلى ان انقلاباً يفترض أن يحدث في العقل الإسرائيلي الذي يبحث عن أي وسيلة لصناعة الأعداء، فيما من السهل صناعة الأصدقاء·· الذي يحدث تحديداً، وبعيداً عن الطبيعة الايديولوجية أو عن الامتداد الجيوبوليتيكي، لأي تنظيم عربي يواجه إسرائيل، هو التخريب الكامل لأي قاعدة لعلاقات مستقبلية تقوم على التفاهم وحسن الجوار· يسأل ''يوئيل ماركوس'': ''إلى أي مدى يكرهنا العرب؟'' هذا ليستدرك: ''إذاً·· هل علمنا لماذا يكرهنا العرب؟''· ثمة رجل تونسي أصيب بنوبة قلبية ومات حين شاهد صور الأطفال القتلى في قانا· المشهد أكثر تراجيدية من أن يصدَّق· هل يمكن لطائرات الـ''إم·ك''، بعيون الأبالسة، ألا تفرِّق بين الأطفال والمقاتلين؟ حتى الآن، الأصوات العاقلة في اسرائيل لا تزال خافتة وقليلة، لكن الثابت أن الإسرائيليين قرروا، وبالدم أن يقفوا كل الأبواب مع العرب· بعد الذي جرى، بدأ الفلسطينيون يسألون: ''أي دولة سيمنحونها لنا''· تابعوا المشهد جيداً· ''أورينت برس''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©