الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

العمالة السائبة تفترش شوارع دبي والشارقة

22 أغسطس 2006 01:25
دبي ـ علي مرجان: تصوير- محيي الدين أراد أن يخلد إلى النوم ·· ظل يبحث عن مكان ليستريح به من عناء عمل شاق على مدار ليلة كاملة، مشى هائما في الشوارع ، وأخيرا وجد نفسه جالسا أسفل شجرة في قلب مساحة خضراء ·· نام ونسي حرارة الطقس والزحام ونظرات المارة، فقط تذكر أنه لابد أن ينام ''والنوم سلطان'' في سوق نايف كان الزحام شديدا، زحام لا يختلف عن مثيله في سوق الرولة بالشارقة، ليس من جانب رواد السوقين، وإنما من جانب مئات الذين جلسوا بين ممراته·· منهم من اختار الجلوس للسمر، ومنهم من غلبه النوم وهو ينتظر حضور من يصطحبه إلى عمل مؤقت ليعود إلى مكانه مرة أخرى، ومنهم من اضطر للمبيت في ذلك المكان منتظرا دورا '' لم يأت بعد'' في الغرفة التي يتقاسم النوم فيها 15 شخصا · طقوس مثيرة القصة ليست مجرد أناس اختاروا '' أو خُيروا'' بين الشارع وبين المساحات الخضراء لتكون مكانا لإقامتهم في قلب دبي أو الشارقة، لكنها ظاهرة خطيرة باتت تهدد المنظرالحضاري بالشوارع الأمامية والخلفية وسط تخوف من المتابعين والمهتمين بأن تلك الأماكن أصبحت ملتقى للمتسولين ومسكنا متنقلا لمن يطلق عليهم '' العمالة السائبة''· النوم في الشارع بات طقسا دائما لأشخاص يحملون جنسيات عربية وآسيوية، وكما يؤكد إبراهيم مصطفى ويعمل مسؤول علاقات عامة في إحدى شركات المقاولات: لابد من أن تتخذ وزارة العمل قرارا ملزما للشركات الكبرى والصغرى بتوفير المسكن للعمالة التي تقوم بتوظيفها· يستحقون الشفقة ويشفق إبراهيم على النائمين في الشوارع ، منبها إلى أن منهم من تم الاستغناء عن خدماته موضحا أن هؤلاء لا يصبح أمامهم إلا الهواء ليحتضن ما تبقى منهم وسط زحام الحياة·''كل شيء غالٍ·· إيجار المسكن البسيط غالٍ''·· عبارة تبعها تأكيد من جانب إبراهيم وهو يردد : الإنسان أيضا غالٍ! مطالب وقرارات أمام تنامي الأصوات التي تطالب بضرورة إلزام الشركات بتوفير المسكن لعمالها، هناك من يقول إن الشركات لا تتمكن من تحقيق ذلك بعد وقف توزيع قطع الأراضي منذ ثلاث سنوات على الشركات لاستغلالها في بناء وحدات للعمال، وبعد قرار بلدية دبي الصادر منذ أشهر قليلة بإخلاء الفيلات السكنية التي يقيم بها ''عزّاب''· أحمد حماد مسؤول بإحدى شركات تأجير المعدات قال لنا: ارتفع سعر إيجار الغرفة '' غير المتاحة'' من 800 إلى 3000 درهم، مما يمثل عائقا أمام توفير المسكن للعمال، مشيرا إلى أن الشركات عندما تقرر تسفير العامل تفاجأ بأنها بين جهتين ''الجنسية والإقامة، وزارة العمل'' حيث تطالب كل منهما بالتوجه إلى الأخرى، وتتواصل الإجراءات وصولا إلى مطار دبي تمهيدا لتسفير العامل الذي لا يدخر فرصة في الهروب إلى الداخل مرة أخرى· ويطالب أحمد بإيجاد أماكن لحجز العمالة السائبة، موضحا أن توقيف الجميرا لا يكفي سوى لـ 1000 عامل فقط· مسكن متنقل أحد الأشخاص جلس في قلب مساحة خضراء بالقرب من ميدان الساعة في ديرة ، وإلى جواره حقيبته التي تضم احتياجاته الأساسية·· تابعتُه لما يزيد على ثلاثة أيام متواصلة، وأخيرا قررت الاقتراب منه، سألته عن القصة وبدأ يحكي: أنا هنا مجبرا !·· قاطعته : كيف؟ عاد ليكمل : حضرت إلى دبي للعمل في إحدى الشركات الخاصة، تسلمت عملي وبعد ثلاثة أشهر تم الاستغناء عن خدماتي ، مكثت أبحث عن عمل أو مسكن·· وفي النهاية وجدت نفسي هنا في الهواء الطلق وكأني أبحث عن المستحيل·ظاهرة خطيرة تثير العديد من التساؤلات، خصوصا وأن جرعة العلاج تحتاج إلى تضافر جهود العديد من الجهات ذات الصلة أهمها أصحاب الشركات ووزارة العمل· قضية شائكة أكد مواطنون أن ارتفاع أسعار الإيجارات ، والأحاديث المتكررة عن وجود فجوة بين حجم الطلب على الوحدات السكنية وبين نقص المعروض منها، إلى جانب تهرب العديد من الشركات والمحال التجارية من توفير المسكن الملائم لعمالتها، أوجد أزمة حقيقية دفعت الكثيرين إلى الإقامة في الشوارع والمتنزهات العامة· يقول أحمد النابودة صاحب شركة مقاولات: كثير من شركات المقاولات تعرضت إلى خسائر فادحة خلال السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع مواد البناء، الأمر الذي دفعها ''لتسريح'' عمالها في الشوارع لأنها لا تريد أن تخسر أموالا في حالة إتمام إجراءات المغادرة لهم· وتكتفي هذه الشركات بتحرير بلاغات هروب ضد العمال، لتتركهم بعدها طلقاء في الشوارع تتلقفهم بعض الشركات التي تقوم بتشغيلهم كفرصة ذهبية تغنيهم عن تكاليف استقطابهم من بلادهم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©