السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتشار الفتنة يفتح أبواب الاختلاف واختلال الموازين

23 يوليو 2013 21:49
أحمد محمد (القاهرة) - الفتنة هي كل أمر مكروه أو يصير إلى مكروه، كالإثم والكفر والقتل، وسائر البلاء والمحن، وإذا وقعت أدت إلى اختلاف العقول فتطيش وتختل الموازين، ويحتار منها أولو الألباب، ولم يميز المرء بسببها الحق من الباطل ولا الخطأ من الصواب، لاشتباه الأمور، وهذا من أعظم الفتن التي تحير أولي العقول والنهى، سئل حذيفة رضي الله عنه أي الفتن أشد، قال أن يعرض عليك الخير والشر فلا تدري أيهما تركب، وقد لا يميز المرء الفتنة حين تقبل عليه فيسارع إلى الخوض فيها، ويكون جزءاً منها، فإذا انقشعت تبين له أنه سقط فيها، وفي زماننا فشت حتى أخذت بتلابيب الناس. من الواقع وقد ذكرها النبي في أكثر من حديث، وحذر منها، قال صلى الله عليه وسلم: «إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً»، وروى أبو هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ويتقارب الزمان»، وفي هذا الحديث الشريف إخبار واقعنا الذي نعيشه هذه الأيام فقد كثرت الفتن، وكثر الكذب، وكثرت الأسواق وتقاربت، وتقارب الزمان، حيث أصبحت الاتصالات الرقمية تقدم المعلومات، وتنقل الصورة من أماكن بعيدة لنعلم ما يجري الآن. وقد جعل الله عز وجل لخروج الفتن وفتح بابها على الناس علامة ظاهرة تتمثل بموت عمر بن الخطاب، فقد كان رضي الله عنه هو الباب الفاصل بين الناس وبين وقوع الفتن، فلما قتل شهيدا انكسر الباب، وانفتحت على الناس أنواع الفتن والبلايا، وقد جاء رجل إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه فقال يا أبا سليمان اتق الله، فإن الفتن ظهرت، فقال أما وابن الخطاب حي فلا. أبواب الفتنة وجاء في دلائل النبوة، عن حذيفة قال كنا جلوساً عند عمر فقال أيكم يحفظ حديث رسول الله في الفتنة، قلت أنا قال هات إنك لجرئ فقلت فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال ليس هذا أعني إنما أعني التي تموج موج البحر قلت يا أمير المؤمنين ليس ينالك من تلك شيء إن بينك وبينها باب مغلق قال أرأيت الباب يفتح أو يكسر قلت لا بل يكسر قال إذا لا يغلق أبداً. وقد حدث كثير من الفتن من عهد الصحابة رضي الله عنهم حتى الآن وأعظم الفتن جاءت من الشرق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مستقبل المشرق: «ألا إن الفتنه ها هنا ألا إن الفتنه هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان»، وقد كان الصحابة حريصين على معرفة مواطن الفتن، حتى يحذروها، ويسلموا من مغبتها، قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، وقال ما الخمر بأذهب بعقول الرجال من الفتن. وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الفتن، وأمر بالتعوذ منها فقال: «تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن». درجات والفتن تتفاوت في درجاتها وقوتها، فمنها الشديدة المظلمة، ومنها الصغيرة، وقد تنوع ما حل في الأمة وأمر دينها ودنياها، وكلما تقدم الزمن فإذا بالفتن تنتشر وتقوى. ويقول الداعية الشيخ محمد حسان إن ظهور الفتن أول علامة من العلامات الصغرى التي أخبر النبي عن وقوعها، فوقعت ولما تنقض بعد، ولا زلنا نرى من الفتن كل يوم أنواعاً وأشكالاً، القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي، ويزداد الأمر خطراً، إذا علمنا بأن النبي قد أخبر أن الفتن تعرض على القلوب، قال: «تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب على قلبين قلب أسود مرباداً كالكوز، مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه وقلب أبيض لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض». فينبغي للمسلم أن يعالج كل ما يرى أنه فتنة له بهذا العلاج النبوي، ولا يجعل دينه ساحة تجارب، ومما يدفع الفتن المبادرة بالأعمال الصالحة فيكثر من أعمال البر التي تكون له زاداً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©