الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السلاح... وسيلة لتحسين العلاقات الفرنسية -الروسية

5 فبراير 2010 20:29
عندما رست السفينة التابعة للبحرية الفرنسية "ميسترال-كلاس"في ميناء سانت بطرسبرج الروسي في 23 من شهر نوفمبر الماضي، كانت تقوم بأكثر من زيارة ودية إلى روسيا، فالسفينة ذات الشكل المربع، والتي يصل طولها إلى 600 قدم بحملها الطائرات المروحية المتطورة وبمركز قيادتها والمستشفى الداخلي، فضلًا عن قدرتها على الإنزال البري كانت قبل كل شيء تروج لمزاياها العديدة أمام أعين الروس المتلهفين لشراء نسخة منها وضمها إلى البحرية الروسية مقابل 750 مليون دولار. والحقيقة أن إبرام مثل هذه الصفقة التي أكد وزير الدفاع الفرنسي أنها قيد التفاوض ستشكل أول صفقة عسكرية روسية لشراء الأسلحة من الخارج في التاريخ المعاصر، كما أنها ستكون لحظة مفصلية بالنسبة لفرنسا والغرب عموماً لأنها الصفقة الأكبر والأكثر تطوراً التي يقدم عليها بلد ضمن حلف شمال الأطلسي وتوجه إلى روسيا، الأمر الذي سيلقي بظلاله على دور "الناتو" المرتقب بعدما قام أصلاً لمواجهة الآلة العسكرية للاتحاد السوفييتي السابق. وقد حافظت إدارة أوباما على صمتها إزاء الصفقة المرتقبة، ولم تشأ التعليق، أو التدخل على الأقل في العلن حرصاً على تحسين العلاقات مع روسيا وعدم توتيرها، لكن ستة من نواب مجلس الشيوخ "الجمهوريين" بمن فيهم "جون ماكين" عن أريزونا وجهوا رسالة في شهر ديسمبر الماضي إلى السفير الفرنسي في واشنطن، "بيير فيمو"، يشتكون فيها من الصفقة العسكرية لما تعنيه من أن فرنسا توافق على سلوك روسيا الذي وصفته الرسالة بأنه عدواني وغير قانوني على نحو متنام. وقد ركزت الرسالة بصفة خاصة على رفض روسيا الالتزام بشروط وقف النار التي تم التفاوض بشأنها بوساطة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، في صيف العام 2008 لإنهاء الحرب القصيرة التي اندلعت مع جورجيا، إذ رغم التعهدات الروسية بتطبيق بنود وقف إطلاق النار، ظلت بعض قواتها داخل الأراضي الجورجية. وبالطبع كان المسؤولون الجورجيون في طليعة المنتقدين لصفقة بيع السفينة المتطورة إلى روسيا، وفي هذا الإطار أشارت "إيكا تشيكلسافي"، رئيسة مجلس الأمن القومي الجورجي يوم الثلاثاء الماضي إلى أن حكومة بلادها عارضت الصفقة على أساس أنها تؤشر إلى قبول الغرب بالتواجد الروسي فوق الأراضي الجورجية، وتشجع روسيا على تصعيد ضغوطها العسكرية على الدول المجاورة، ومن جانبه رحب قائد البحرية الروسية، فلادمير فيستوسكي، بانضمام "ميسترال" الفرنسية إلى الأسطول الروسي، مشيراً أنه لو توفرت لقواته السفينة في صيف 2008 لكانت روسيا هزمت جورجيا "خلال أربعين دقيقة". وقد زاد من حدة هذه المخاوف تصريح رئيس الحكومة الروسية، فلادمير بوتين، في زيارة قام بها إلى باريس خلال شهر نوفمبر الماضي، قال فيه "يمكنني أن أكد لكم أنه في حال اشترينا هذه السفينة، فإننا سنستخدمها متى ما رأينا ذلك مناسباً"، وهو ما ردت عليه رئيسة مجلس الأمن القومي الجورجي قائلة "إنهم واضحون في تأكيدهم على استخدام السفينة، إنهم لا يشعرون بأية قيود". وينبه المسؤولون الجورجيون ومعهم العديد من المنتقدين للصفقة من تأكيدات روسيا السابقة بأنها تحتفظ لنفسها بالحق في ممارسة النفوذ على الدول المجاورة، التي كانت في الماضي تحت إدارة موسكو خلال فترة الاتحاد السوفييتي السابق. غير أن الحكومة الفرنسية بررت صفقة المبيعات المرتقبة بأنها تجسيد منطقي لتعبير حلف شمال الأطلسي المتكرر عن رغبته في العمل مع روسيا كشريك وليس كعدو، وقد كان الوزير الأول الفرنسي، فرانسوا فيون، الأكثر تحمساً للدفاع عن الصفقة، واضعاً إياها في سياق العلاقات السياسة والاقتصادية الموسعة مع روسيا، هذه العلاقات التي تشمل شراكات لمد أنابيب نقل الغاز والنفط، فضلاً عن مشروعات مشتركة لتصنيع السيارات، حيث قال "سيكون من المستحيل الدعوة إلى المزيد من الاستقرار في القارة الأوروبية ونسج شراكة مع روسيا إذا رفضنا بيع السلاح إلى روسيا، هذا الرفض يناقض في الحقيقة تصريحاتنا بشأن التعاون المشترك"، ولم يكن وزير الخارجية الفرنسي، بيرنار كوشنير، أقل حماسة في الدفاع عن الصفقة وإظهار مزاياها قائلا "إننا لا نريد أن نبقى سجناء الماضي". لكن بالإضافة إلى تحسين العلاقات مع روسيا هناك عامل آخر يقف وراء الحماس، الذي أبرزه المسؤولون الفرنسيون في الدفاع عن الصفقة متمثلا في استمرار عقود تصنيع السفينة في ميناء "سانت نازير" على ساحل الأطلسي في فرنسا، حيث يوجد على المحك أكثر من ألف وظيفة يمكن فقدانها إذا لم تتلقَ فرنسا طلبات جديدة لتصنيع السفينة، فقد أنتجت البحرية الفرنسية سفينتين من طراز "ميسترال"، وهي الآن بصدد إعداد سفينة ثالثة تحت الطلب يتوقع الانتهاء منها بحلول العام القادم، مع ترجيح بعض العسكريين الشروع في تصنيع طلب رابع وأخير، وفيما عدا طلب البحرية الروسية لم تتلقَ فرنسا أي طلب آخر من بلد أجنبي. وقد أوضح المسؤولون الروس أنهم على استعداد لشراء العديد من السفن، مبررين ذلك بالمهام التي تضطلع بها البحرية الروسية، فضلًا عن رغبة الرئيس ديميتري ميدفيدف في تحديث الأسطول الروسي على مدى العقد المقبل. وحسب تقارير من موسكو اقترحت روسيا شراء سفينة "ميسترال" في صفقة يتوقع أن تنقل تكنولوجيا التصنيع إلى الخبراء الروس، لكن وفي محاولة لتفادي الانتقادات، أكد الرئيس نيكولا ساركوزي أن فرنسا، ستحتفظ بالعديد من المعدات الإلكترونية المتطورة لنفسها، ولن تقدمها إلى روسيا في إطار الصفقة المنتظرة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
المصدر: موسكو
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©