الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أيلة» بلدة وقع أهلها في فخ الجشع ولم يصمدوا أمام المغريات

«أيلة» بلدة وقع أهلها في فخ الجشع ولم يصمدوا أمام المغريات
23 يوليو 2013 21:51
اتفق الكثير من المفسرين على أن المقصود بتلك القرية التي ذكرت في سورة الأعراف هي أيلة الموجودة على ساحل البحر الأحمر وأبطال هذه الحادثة، جماعة من اليهود، كانوا يسكنون قرية ساحلية وكان اليهود يعملون طوال الأسبوع عدا يوم السبت، حيث كانوا يمتنعون عن العمل فيه وإنما يتفرغون فيه لعبادة الله، كما قال تعالى: (وَاسْئَلْهُمْ عَنِ القَرْيَةِ الَتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ البَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)، «الأعراف». حسام محمد (القاهرة) ـ أوضح الدكتور محمد زناتي أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر أن الله فرض على أهل هذه القرية عدم الانشغال بأمور الدنيا يوم السبت بعد أن طلبوا منه سبحانه أن يخصص لهم يوماً للراحة والعبادة، لا عمل فيه سوى التقرب لله بأنواع العبادة المختلفة وجرت سنّة الله في خلقه، وحان موعد الاختبار والابتلاء، اختبار لمدى صبرهم واتباعهم لشرع الله، وابتلاء يخرجون بعده أقوى عزماً، وأشد إرادة، تتربى نفوسهم فيه على ترك الجشع والطمع، والصمود أمام المغريات فلقد ابتلاهم الله عز وجل، بأن جعل الحيتان تأتي يوم السبت للساحل، وتتراءى لأهل القرية، بحيث يسهل صيدها، ثم تبتعد بقية أيام الأسبوع، فانهارت عزائم فرقة من القوم، واحتالوا الحيل على شيمة اليهود. إقامة الحواجز وبدأوا بالصيد يوم السبت، ولم يصطادوا السمك مباشرة، وإنما أقاموا الحواجز والحفر، فإذا قدمت الحيتان حاوطوها يوم السبت، ثم اصطادوها يوم الأحد، وكان هذا الاحتيال بمثابة صيد، وهو محرّم عليهم فانقسم أهل القرية لثلاث فرق، فرقة عاصية تصطاد بالحيلة، وفرقة لا تعصي الله، وتقف موقفاً إيجابياً مما يحدث، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتحذّر المخالفين من غضب الله. وفرقة ثالثة، سلبية، لا تعصي الله لكنها لا تنهى عن المنكر. ?وكانت الفرقة الثالثة، تتجادل مع الفرقة الناهية عن المنكر وتقول لهم: ما فائدة نصحكم لهؤلاء العصاة؟ إنهم لن يتوقفوا عن احتيالهم، وسيصيبهم من الله عذاب أليم بسبب أفعالهم، فلا فائدة من تحذيرهم بعدما كتب الله عليهم الهلاك لانتهاكهم حرماته وبصرامة المؤمن الذي يعرف واجباته، كان الناهون عن المنكر يجيبون: إننا نقوم بواجبنا في الأمر بالمعروف وإنكار المنكر، لنرضي الله سبحانه، ولا تكون علينا حجة يوم القيامة. وربما تفيد هذه الكلمات، فيعودون إلى رشدهم، ويتركون عصيانهم. ?وبعدما استكبر العصاة المحتالون، ولم تجد كلمات المؤمنين نفعا معهم، جاء أمر الله، وحل بالعصاة العذاب. لقد عذّب الله العصاة وأنجى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، أما الفرقة الثالثة، التي لم تعص الله لكنها لم تنه عن المنكر، فقد سكت النصّ القرآني عنها ربما تهوينا لشأنها، وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب، إذ إنها قعدت عن الإنكار الإيجابي ووقفت عند حدود الإنكار السلبي، فاستحقت الإهمال وإن لم تستحق العذاب لقد كان العذاب شديداً، لقد مسخهم الله، وحوّلهم لقردة عقابا لهم لإمعانهم في المعصية.? وتحكي الروايات أن الناهين أصبحوا ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد، فتعجبوا وذهبوا لينظروا ما الأمر، فوجدوا المعتدين وقد أصبحوا قردة، فعرفت القردة أنسابها من الإنس ولم تعرف الإنس أنسابهم من القردة: فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي فيقول: ألم ننهكم! فتقول برأسها نعم. ويؤكد البعض أن أيلة هي إيلات حالياً وسميت بأيلة بنت مدين بن إبراهيم عليه السلام وهي مدينة صغيرة كانت بطريق ركب الحاج المصري بقرب ساحل بحر القلزم «البحر الأحمر» وكان بها زرع يسير وهي المدينة التي سخط الله فيها اليهود إلى قردة وخنازير وقد دفن فيها شيخ الإسلام المصري إبراهيم اللقاني أثناء عودته من الحج عام 1041هـ. وأشار علي باشا مبارك إلى قول الله عز وجل (واسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذا يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون). صدق الله العظيم. دعوة وقال الدكتور زناتي: وهذه القصة عُرضت في سياق الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوة الناس لدينه، واليهود من المدعوين، وفي الكلام عنهم بهذا العرض لا يستغرب رفضهم للدعوة الجديدة، وهذا أمر هام للغاية: إذ إن اليهود هم شهود على صدق هذه الرسالة، فموقف الرفض منهم قد يؤثر على مواقف الناس، فإن يذكر من أخلاقهم ما لا يستغرب معه كفرهم بالدعوة الجديدة، فذلك شيء مهم في التمكين لهذه الدعوة والهدف المباشر من هذه القصة أن تترفع هذه الأمة عما وقعت فيه الأمم الأخرى من انحراف، وأن يرتفع أفراد هذه الأمة عما وقع فيه أفراد من أمم أخرى من المعاصي وتمثل هذه القصة درسا لمن خالف أمر الله بحيلة من الحيل. فهدي الله المنزل يجب أن يُطبق بقوة، فليس الله كغيره، ولا أمر الله كأمر غيره إضافة إلى الأخبار عن بني إسرائيل، ومواقفهم من الهدي المنزّل عليهم، وانحرافهم عنه، وما عوقبوا به نتيجة لذلك، وفي هذا درس لهذه الأمة من هذه الحيثية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©