الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

المفاجآت التراثية.. الأجداد والأحفاد تحت سقف واحد

23 أغسطس 2006 01:51
تحقيق- محمود الحضري: وقف الحفيد ابن الثماني سنوات أمام جده ورفع رأسه سائلاً ·· ما هو التراث يا جدي؟! صمت الجد ونظر إلى حفيده ووضع يده على رأس الصغير·· وقرأ في عيون الصغير تساؤلات وبوادر حوار·· وفي لمسة أبوّة لتهيئة الحفيد لطرح كل تساؤلاته قال حفيدي·· التراث هو أنا·· بلحيتي وشعر رأسي الأبيض·· بعمري المديد وعاداتي وتقاليدي·· وبكل الماضي الجميل وحياة الصبا ببساطتها·· انه قديم بلادنا الحبيبة في مناطقها الجبلية ''بوادي حقيل'' ووادي ''غليلة''و''السيح'' وواصل الجد حديثه·· إن التراث يا حفيدي هو بيت ''الكرين'' و''الكاميه'' ومعروضات سوق الجمعة وفي ''السفافة'' و''الفخار'' و''القراقير''، إن التراث هو الامارات كلها من أبوظبي إلى رأس الخيمة، مرورا بدبي والشارقة وعجمان· قبل أن يسترسل الجد في حديثه التفت إلى حفيده ونظر في عينيه ليجد الحيرة والتأمل فيما يقوله عن التراث·· فتوقف عن الحديث، وقال بنيّ تعال معي ليتحدث إليك التراث بنفسه لتعرف الحكاية من البداية إلى النهاية من خلال أحداث تجري على مدى أسبوع كامل·· ضمن فعاليات مفاجآت صيف دبي· أمسك الطفل بقوة في يد جده مترجلاً ليلاحق خطوات الجد، ثم صاح جدي لنبدأ من هنا· إنهم يتحدثون هنا عن ''الفرضة'' فما هي؟! فرد الجد صدقت بنيّ انك ذكي حقاً، تلك هي البداية الصحيحة· ''الفرضة'' هي تاريخ هذه البلاد والتي اعتمدت على التجارة انها ''الجمارك'' في عصرنا هذا، إنها أول نظام اقتصادي ويوازي ''البوستة'' في بلدان أخرى، يقوم بتحصيل الرسوم على البضائع عند الاستيراد والتصدير·· وعمر ''الفرضة'' في بلادنا تجاوز 105 سنوات، إنها بداية من بدايات التراث في عمر هذه الدولة، بنيّ إن ''الفرضة'' أقصد الجمارك تقدم لنا اليوم أسبوعا لنعرف ونقرأ تراثنا· ابتسم الطفل مقتنعاً بهذه البداية المشجعة ليطرح مزيداً من التساؤلات، ففي أحد أركان وبقلب مركز التسوق هذا يقولون هناك من يصنع ''الدوابي'' فأجبني جدي؟! فرد الجد لن أجيبك أنا فعمك مرزوق حميد هو الذي سيجيبك بنفسه، تبسم العم مرزوق ضاحكاً تعال يا صغيري ''الدوابي'' أو ''القراقير'' إنها احد أدوات الصيد ومهنة معظم أهل بلادنا قديماً، إنها تراث هذا الشعب إن ''الدوابي'' مصيدة الأسماك، وعبارة عن قفص مصنوع من ''عذوق النخيل''، أو الأسلاك المعدنية بعد ذلك، ومصنوع بدقة وتشابك هندسي لتدخل الأسماك فيه ولا تستطيع الخروج، ويتم إلقاؤه في قاع البحر طيلة ليلة كاملة ليخرجه الصياد مليئاً بالسمك في اليوم الثاني· ترك الطفل جده وواصل حديثه مع العم مرزوق نحن في البحر إذن فأجبني ما هذا الذي في الركن المقابل ويقولون عنه ''الشاشة''؟! صدقت بنيّ نحن في البحر، و''الشاشة'' هو قارب الصيد الصغير وجزء من تراثنا وتاريخنا، ويتم تصنيعه من سعف أو ما يسمى بجريد النخيل، ويستطيع أن يحمل أربعة أشخاص في قلب البحر ليواصلوا رحلة الصيد· التفت الحفيد إلى جده متسائلاً·· ما هي حكاية النخيل هنا فكل شيء يدخل في صناعته ''سعف'' و''عذوق'' النخيل؟! يضحك الجد، وقال: النخيل هو تراث وتاريخ وأساس بلادنا، نزرعه لنأكل تموره، ونستظل به ونصنع منه كل شيء مراكبنا وبيوتنا وأمسك بيده وقال تعال بنيّ أترى هذا ''الحبل'' إننا نصنعه من ''ليف النخيل'' لنستخدمه في ربط السفن، أو الغنم ولربط قوائم الخيام· وواصل الجد حديثه أترى هذا انه ''العريش'' هو المنزل الصيفي القديم لكل سكان بلادنا، وكنا نصنعه من ''سعف'' النخيل، بعد تثبيت قوائم أركان البيت من جذوع النخيل، لنقوم بعد ذلك بتوصيل الدعائم ''بالمزفن'' أو الحوائط المصنوعة من السعف المرصوص والمربوط بحبال من ليف النخيل· وبعد جولة في بيوت ''العريش'' يقول الجد·· أتعرف معنى التراث إذن يا حفيدي·· قبل أن يرد الصغير، قال الجد أترى هذه إنها ''الحيسة'' ومصنوعة من عذق النخيل أو ''حامل الشماريخ'' بدت علامات الدهشة على الصغير فالتقطه العم بخيت قائلا : هذا تراثنا يا بنيّ ببساطة ''الحيسة'' هذا الشكل الاسطواني المنتفخ من الوسط وينتهي بقاعدة دائرية وفوهة كنا نستخدمه كوعاء لحفظ بعض المأكولات أو لنقل الطيور وهو مصنوع من عذق النخيل المصنوع منه حامل الأغصان الرفيعة التي تحمل التمر في أعلى النخيل· ارتاح الحفيد من كلام أجداده وواصل تساؤلاته، قال لي أصدقائي إن أبي يصنع ''الليخ'' فأين أجده·· أخذ الجد بيد حفيده إلى مكان آخر وقال اسأل عمك خميس سالم ، فابتسم العم خميس واحتضن الصغيروقال ''الليخ'' جزء من حياة هذه البلاد نصنعه لنصطاد به السمك انه شباك الصيد المصنع من ''اليرسيم'' أو خيوط النايلون أو الخيوط القطنية القوية وبفتحات حسب حجم السمك الذي سيتم اصطياده ونضع به أحجار ليصل إلى قاع البحرقال الطفل لكن عم خميس من هذا العم الذي بجوارك وماذا يصنع؟! فرد عليه تعال يا صغيري أنا عمك ناصر خلفان ''القلاف'' أتعرف معنى ''القلاف'' إنها إحدى مهن الأجداد، إنها تجسيد لتراث بلادنا إننا صناع القوارب ومهندسيها، نضع مخططاتها وأطوالها، ونختار أخشابها وحبالها، لتخرج جميلة لنصطاد بها، ولتحمل البضائع إلى بلاد أخرى وها هي ''البوم'' من صنع أيدينا وواصل عم خلفان حديثه أتعرف ''البوم'' إنها يا بنيّ السفن الخشبية التي تميز بها أجدادك، إنها تراث وحياة من بنوا هذه البلاد· رحلة اليوم الثاني: شعر الحفيد بالتعب فجلس على حضن جده، وسرعان ما أخذه النوم ليصحو ليجد نفسه في اليوم التالي وسارع إلى جده مطالباً اياه باستكمال رحلة البحث عن معنى كلمة التراث، بين فعاليات الأسبوع التاسع من مفاجآت صيف دبي·نبدأ من هنا يا جدي هل ''السرود'' من التراث يا جدي؟! فرد الجد خالتك حصة ستحكي لك الحكاية، فبادرت وقالت ''السرود'' هو التراث بعينه انه الحصير الدائري، أو الحلزوني من خوص النخيل ونستخدمه كفراش للأكل، وتصنعه ''السفافة''وهي مهنة تراثية لجداتك، كن يقمن بنسج خوص النخيل بعد أن يتحول إلى ''سُفَّة'' في أشكال وأدوات مثل السلة والحصير والمهفَّة· مازالت رغبة الحفيد مفتوحة للمزيد·· فعاجله الجد·· التراث هو ''التلي'' فردت الحالة حصة ''تلي بوادل'' و''تلي بتول'' هي مهنة العديدات من نساء بلادنا من جداتنا، وهي قريبة من مهنة ''التطريز''حالياً، عن طريق صف الخيوط بألوانها المتعددة في أشكال جمالية وهندسية بسيطة لتجميل المقتنيات المنزلية· وتواصل الخالة حصة ''البسط'' وبيوت الشعر، هي تراثنا يا بنيّ، وتجيب على سؤال يدور في ذهن الصغير إن كل هذا يتم من خيوط الغزل لصوف الماعز، والبسط هو السجاد بمفهوم العصر، وبيت الشعر هي الخيام من غزل الصوف على أيدي جداتك، واللاتي كن يصنعن ''البراقع'' أيضاً· بعد جولة في أرجاء مركز التسوق قال الصغير يا جدي أريد أن أشرب فكر الجد قليلاً وتوقف وقال له اشرب هذا استطعم الصغير المشروب وسأل ما هذا وجاء الرد هنا من العم علي القميش انه ''نامليت بوتيله'' وبدأ يحكي العم علي للصغير قصة هذا المشروب· إن ''نامليت بوتيله'' هو المشروب التراثي لبلادنا وأول مشروب مياه غازية، وظهر في الأربعينيات من القرن الماضي، والجزء الأول من الكلمة ''نامليت''هو اسم العبوة الزجاجية، وأصل الكلمة إنجليزي، أما ''بوتيله'' هي غطاء الزجاجة ''التيلة''،وواصل العم القميش شرحه للصغير مشروب ''نامليت بوتيله'' يضم 20 نكهة فاكهة، وتصنيعه يتم بتقنية، لا يتقنها سوى ثلاثة أشخاص في الإمارات فقط هم أنا في مسافي، و''باقر فخ'' في بر دبي ومحمد رفيع في ديرة هنا قال الصغير لقد عرفت معنى التراث يا جدي فرد عليه الجد هذا جزء صغير من كثير تضمه مفردات تراث بلادنا لكن بقي شيء مهم تعال نستريح في هذا المقهى الشعبي ومد الجد يده إلى الصغير قائلاً كُلّ هذا إنها وجباتنا التراثية الأصيلة فهذا هو ''المجبوس'' المصنوع من الأرز واللحم مع المرق، وذاك هو ''الثريد''المكون من خبز الرقاق مع الصالونة، أما الآخر فهو ''الهريس'' الطبق ذو المكانة الخاصة، والمصنع من القمح واللحم، وهناك طبق ''البرياني'' سيد المائدة، أما ذاك فهو ''المحمر'' وهو الأرز المحلى بالسكر والقائمة التراثية لوجباتنا التراثية طويلة· أما هذه فهي الحلوى التي يصنعها ''المَحّلوي'' من السكر والنشا والسمن في وعاء كبير يسمى ''المرجل'' باستخدام النار، مع التقليب معلقة كبيرة اسمها ''البسطان''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©